في عاصمة دكالة، التأم الجمع التأسيسي الذي أسفر عن خلق هيئة تعنى في الآن ذاته، على الصعيدين الوطني والدولي، بالمجالين الحقوقي والإعلامي. هيئة اختير لها اسم "المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان". وحضر أشغال الجمع التأسيسي فاعلون حقوقيون وإعلاميون وأساتذة محامون ورجال الفقه والقانون، من مختلف جهات وأقاليم المملكة. حيث أسفر عن انتخاب اللجنة المركزية، التي تكونت من 47 عضوا، يترأسها الأستاذ محمد طلال، حاصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون "العلاقات الدولية"، ويثقن 7 لغات دولية (كتابة وقراءة وتعبيرا). وفي إطار استكمال هياكل المرصد وإجراءاته القانونية والمسطرية والتنظيمية، تمت المصادقة بالإجماع على القانون الأساسي، بعد إخضاعه للتعديل، وتلقيحه بمقترحات واقتراحات بناءة. وسيعمل المرصد على ترجمة القانون الأساسي إلى حوالي 10 لغات دولية، وسيتم إيداعه لدى السفارات والهيئات الحقوقية الأممية والدولية. هذا، وجرى انتخاب المكتب التنفيذي، الذي جاء مكونا من 23 عضوا، على رأسه الأستاذ نورالدين داكير. وضم المكتب التنفيذي في صفوفه أساتذة محامين من مختلف الهيئات لدى محاكم المملكة، ورجال الأعمال والمهن الحرة، وفاعلون في مجال الصحافة والإعلام، ضمنهم قيدوم الصحافة بالجديدة الزميل الأستاذ أحمد مصباح، الذي حظيت بعض مقالاته الصادرة باللغة الفرنسية، بترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، وإعادة نشرها في الصحيفة الأمريكية "NEW YORK TIMES". وحسب الأستاذ نور الدين داكير، رئيس المرصد وأبرز ناشط حقوقي وفاعل إعلامي مؤسس، فإن تأسيس المرصد جاء طبقا وتطبيقا لمقتضيات وأحكام القوانين الجاري بها العمل. وهو منظمة مستقلة، ليست لها انتماءات حزبية أو نقابية. وتنبني (المنظمة) على مبادئ الاستقلالية والديمقراطية والتقدمية والكونية، وتجمع في عضويتها العاملين والناشطين في مجالات الإعلام والصحافة وحقوق الإنسان والسياسة والإنسانية والاجتماعية، داخل وخارج تراب المملكة المغربية. وفي تعقيب على خلق هذا المرصد، قال الأستاذ عبد الغفور شوراق، المحامي بهيئة الجديدة، أن المرصد جاء، في مبادرة نوعية وفريدة، ليعزز ويجمع ما بين ما هو حقوقي وما هو إعلامي، سيما أن ثمة جهات تسعى جاهدة إلى تفريغ الحقوقي من الإعلامي، والإعلامي من الحقوقي. وعن "المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان"، أفاد الأستاذ سعيد أوباها، من أبرز الفاعلين الحقوقيين والإعلاميين، مؤسسي هذا التنظيم الحقوقي والإعلامي الوطني والدولي، أنه (المرصد) يعتبر تجمعا للحقوقيين والإعلاميين والباحثين المغاربة والأجانب المؤمنين بكل القضايا العادلة، وطنيا ودوليا، ويساهمون في الدفاع عنها، وعن كل القضايا الإنسانية العادلة في الدول الشقيقة والصديقة، انطلاقا من كونية حقوق الإنسان، وكونية الكائن البشري، وحقه في عيش كريم، وفي مجتمع بشري آمن ومطمئن. ويأتي تأسيس المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان في زمن عصيب من تاريخ البشرية، انتشرت فيه الجريمة المنظمة بشكل مخيف، وضرب الإرهاب في كل مكان، وغرست الضغائن أنيابها هنا وهناك، وانتهكت حقوق الإنسان أعتى الديمقراطيات، وأُخرست الأفواه وكُسرت الأقلام، وتلوثت البيئة بشكل غير مسبوق، ومن ثمة صارت الحياة مهددة في استمراريتها. وفي مثل هذه الظروف الحالكة، تحتاج الإنسانية إلى أبناءها لإعادة إعلاء إنسانية الإنسان، بغض النظر عن الجنس والعرق والدين واللغة والتاريخ. وأضاف الأستاذ سعيد أوباها أن تأسيس المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان يندرج في هذا الإطار. حيث يهدف أساسا إلى ربط علاقات الصداقة ودعم روابط المودة والمحبة والسلام والأمان بين كافة شعوب العالم، ونبذ كل أسباب الفُرقة والتفرقة ومحاصرة معاقلها، والعمل عوض ذلك على تقوية الروابط الإنسانية وأنسَنَتها عن طريق فتح حوارات جادة وشمولية تهدف إلى زرع وتثمين قيم التقارب المتين بين أمم وشعوب الأرض بغض النظر عن الدين واللون والعرق والجنس، وبالتالي تبديد الأفكار الداعية إلى رفض الغير والمفرطة في أنانية زائفة زائلة. ولذلك يصبو المرصد إلى دعم حوار الحضارات وإبراز نقط تلاقيها وتقاطعها وتثمين المشترك وجعل الاختلاف الثقافي والعرقي والديني مصدر قوة بين الشعوب، فالاختلاف هو ذاك التنوع الذي يعني الإغناء والتكامل والتعاضد لا الانغلاق والتوحد. وسيدخل المرصد في علاقات وثيقة مع كل التنظيمات العالمية والأممية المعنية بمواضيع العدالة وحقوق الإنسان وحق الشعوب في حماية وحدتها وسيادتها وكينونتها. وسينخرط المرصد في الشبكات والفدراليات الدولية التي تجمع الجمعيات والهيآت والمنظمات الحقوقية. ولأجل ذلك سيكون المرصد موجودا في كثير من البلدان بشكل فعلي وقانوني من خلال مكاتبه الدولية التي سيحدثها بعدد من الدول الصديقة والشقيقة، بدءا بتلك التي توجد بها جالية مغربية كبيرة وكذا الدول صاحبة التأثير في ميزان القوى العالمي أو التي توجد بها منظمات أممية مؤثرة. ويولي المرصد أهمية بالغة لرصد وتتبع كل الخروقات التي تطال حقوق الإنسان وطنيا ودوليا ونشر تقارير سنوية بشأنها. وكذلك توثيق وتتبع كل القضايا والملفات التي تهم كرامة المواطن المغربي أينما وجد، والاهتمام بالمواطنة والعمل التطوعي وتشجيع الباحثين على نشر كل ما يخدم الإنسانية والقضايا الوطنية. ولبناء مجتمع المستقبل، يهتم المرصد بشكل عميق بالأجيال الشابة وتكوينها والعمل على غرس جذور المواطنة والصداقة والتسامح الديني لدى الشباب المغربي. وإجمالا، يطمح المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان إلى التواجد المستمر والمستميت في قلب الأحداث الوطنية والدولية وتشجيع الحوار المباشر مع المكونات المجتمعية والمؤسساتية مع المساهمة في تنشيط النقاش العمومي الإيجابي والبناء، حول السياسات العمومية وجعل المشاركة المواطنة ورشا شبابيا مبنيا على كونية وشمولية حقوق الإنسان والتربية على قيم المواطنة والديمقراطية ومبادئ الحوار والتسامح والتضامن الوطني. وبغية تحقيق هذه الأهداف النبيلة، وطنيا ودوليا، لابد من تحصين حرية التعبير في شموليتها وكونيتها وتعدد حواملها. وفي قلب حرية التعبير يسكن الإعلام، تلك السلطة الرابعة أو تلك المدرسة التي لا يستقيم مجتمع بدونها. ويطمح المرصد إلى جانب كل الشركاء والفرقاء، إلى المساهمة في بناء مجتمع الإعلام والمعرفة، على أسس ديمقراطية وركائز حقوقية وأرضية عادلة وسقف