مازال نظام "الكرطا" الذي سنّته وزارة الفلاحة والصيد البحري الذي يخص جني الطحالب البحرية بسواحل اقليمالجديدة، يثير الكثير من الجدل بين المؤيدين له وبين المعارضين. فبعد مجموعة من الوقفات الاحتجاجية القوية ضد هذا النظام التي اعتبرته ظالما ومجحفا في حقها، ومن أجل تقريب القراء الكرام من الأسباب التي جعلت الوزارة تقدم على تطبيق هذا النظام بشكل رسمي ابتداء من هذه السنة، كان ل "الجديدة 24 " لقاء خاص مع مندوب الصيد البحري بالجديدة لمعرفة الاسباب والدواعي التي كانت وراء هذا النظام و تداعياته على مستقبل المهنة في السنوات القادمة.
هذا وقال مندوب الصيد بالجديدة، السيد نور الدين العيساوي، أنه ومنذ وان حل بمدينة الجديدة، قبل حوالي سنة ونصف، كان شغله الشاغل هو وقف الفوضى التي كانت تعم هذا القطاع الذي يدر الملايين من الدراهم على بعض المهنيين بشكل فوضوي، دون أن تكون للدولة المغربية أي نصيب من عائدات الضرائب المستحقة لها، هذا بالاضافة الى عمليات الاستنزاف التي كانت تستهدف الثروة البحرية لسواحل اقليمالجديدة من الطحالب البحرية، و التي تشكل بالمناسبة، نسبة ما يقرب من 80%من الثروةعلى الصعيد الوطني، على طول الساحل الممتد من منطقة سيدي رحال شمال الجديدة حتى حدود الوالدية جنوباقليمالجديدة.
وحسب السيد المندوب فان الدواعي لإقرار هذا النظام لم تكن وليدة سنة او سنتين كما يعتقد البعض، بل جاءتنتيجة لأكثر من عشر سنوات من التخطيط في اطار المخطط الوطني لتهيئة المصيدة الخاص بالطحالب البحرية، الذي امتد من سنة 2000 حتى سنة 2010 .
وجاء هذا المخطط بهدف دراسة معمقة للوضعية الصحية لهذه الطحالب البحرية ونسبة كثافتها في مناطق جنيها بالإضافة الى جودتها. وكان بالمناسبة المعهد الوطني للصيد البحري قد أعد مجموعة من التقارير الدورية امتدت لعدة سنوات بناء على ابحاث علمية قام بها مجموعة من الخبراء، أفضت نتائجها الى وجود نقص كبير في كثافة الطحالب بالاضافة الى استنزاف المهول الذي استهدف مناطق جنيها داخل أعماق البحر، وأرجعت مصادر من القطاع السبب الى عمليات النهب الكبيرة وغير مهيكلة التي كانت تستهدف هذه الثروة بدون حسيب ولا رقيب.
ومن الاسباب التي ساهمت أيضا في هذا الاستنزاف، أن الكثير من المهنيين كانوا يبدؤون العمل خارج اوقات موسم الجني السنوي، كما أن غياب المراقبة لدى المصالح المختصة جعل هذه الثروة عرضة لشتى أنواع النهب.
ومن الأسباب أيضا، يضيف السيد المندوب، أن اغلب المهنيين والشركات العاملة في القطاع كانت تتجنب التصريح بالارقام الحقيقية للمنتوج من أجل التهرب الضريبي، مما ضيع الملايير من السنتيمات على الدولة المغربية على مدى أزيد من 40 سنة حيث كان التسيب في المجال هو العنوان الابرز.
وكانت بالمناسبة لجنة مختصة قد قامت السنة الماضية بزيارات رسمية و مفاجئة من أجل استكشاف مخازن مجموعة من الشركات العاملة في قطاع الطحالب البحرية بالجديدة، حيث تم العثور على أطنان من الطحالب البحرية الجافة داخل مخازنها غير مرخصة وغير مصرح بها بتاتا، ليتم حجزها كما قامت المندوبية برفع الملفات لدى القضاء، مما يدل على أن الفوضى كانت تعم القطاع.بشكل كبير.
وبتطبيق نظام "الكوطا " هذا الموسم فان لا أحد أصبح بامكانه، الجني خارج الموسم الصيفي كما أن المنتوج المحصل عليه سيصبح بموجبه المهنيون ملزمون بتفريغ المنتوج، عبر نقاط التفريغ، التي حددتها المندوبية باقليمالجديدة وهي ميناء الجديدة وميناء الجرف الأصفر وميناء سيدي عابد بالإضافة الى منطقة رابعة للتفريغ تسمى "الحديدة" بآزمور.
هذا وبات ملزما على أصحاب القوارب البالغ عددها حوالي 800 ، الحصول على ترخيص يسمى "جواز الأمان" (Congé de police) قبل الولوج الى البحر، كما انهم ملزمون بالمرور عبر "الميزان" قبل إخراج منتوجهم من الميناء.
ومن أجل الحفاظ على الثروة الطبيعية للطحالب، فقد حدد نظام "الكوطا" الكمية الإجمالية لجني الطحالب البحرية في 14 ألف طن.أي بمعدل 19 طن لكل قارب وغير مسموح لهم بتجاوز هذه "الكوطا" كيفما كانت الظروف.
الى ذلك قال مصدر مقرب من الجمعيات المهنية بالجديدة، أن هذا القانون الذي سنّته الوزارة الوصية، سيكون بلا شك في صالح الثروة البحرية بالمنطقة، حتى لا تتعرض للاستنزاف مع مرور السنوات، كما أن عملية "الكوطا" تصب في اتجاه الإنصاف والعدل بين كل المستفيدين حتى لا تتعرض هذا الثروة إلى النهب من طرف بعض الخواص الذي جنوا الكثير من الأموال دون أن تستفيد الدولة المغربية من أي شيء. ولم يستبعد المصدر أن المحتجين كانوا مدفوعين من طرف بعض المنتخبين المرشحين للانتخابات الجماعية بالاضافة الى الجهات التي كانت تستفيد من الفوضى وتنهب الثروة البحرية دون رقيب وهو ما لم يعد ممكنا اليوم في ظل القانون الجديد.
وحسب ذات المصدر فان هذا القانون الذي أشرف عليه المندوب الاقليمي للصيد البحري، وهو بالمناسبة ابن مدينة الجديدة، سيكون في صالح المهنيين مع مرور السنوات، مبرزا أن المندوب الحالي أعطته الوزارة الوصية، كامل الصلاحيات لسن هذا القانون ومازالت قوانين أخرى قادمة في الطريق كمسألة التأمين وغيرها، كما تعتزم المندوبية الاقليمية السنة القادمة، التفريق بين الرخص الممنوحة للقوارب، حتى لا تستغل قوارب الصيد مستقبلا في جني الطحالب البحرية.