بعث شباب سعوديون بيانا إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز طالبوا فيه بسرعة إجراء إصلاحات في المملكة لتجنيبها ما سموه الاضطرابات التي شهدتها عدة دول في المنطقة. وتزامن ذلك مع عودة الملك عبد الله إلى الرياض بعد رحلة علاج استمرت ثلاثة أشهر وإعلانه إصلاحات اقتصادية واجتماعية مهمة. وقال الشباب في بيانهم الذي أطلقوا عليه (بيان 23 فبراير) إن الأحداث الجسام التي تمرّ بها الأمّة العربيّة في هذه اللحظة التاريخيّة، دفعتهم إلى التشاور حرصًا على سلامة وأمن المملكة، مشيرين إلى أنهم خلصوا إلى ضرورة القراءة الواعية لتطوّر المجتمعات ومواكبته. ورأى الشباب أن المملكة بحاجة إلى سلسلة من القرارات التي تدعم وحدتها الوطنيّة وتعزز استقرارها الداخلي، تتضمن الدعوة إلى مؤتمر حوار وطني ذي توصيات ملزمة، يُعْهد إليه بمراجعة وتطوير الأنظمة الثلاثة (النظام الأساسي للحكم، مجلس الشورى، مجالس المناطق)، إضافة إلى نظام مجلس الوزراء على أساس دعم مكافحة الفساد، ودعم استقلال القضاء وكفاءته، وتعزيز قيم المواطنة والحريّة والعدالة وسيادة القانون والتنوع والمساواة بين المواطنين واحترام حقوق الفرد وتمكين المرأة من حقوقها كاملة. كما دعا البيان إلى تأسيس محكمة نظامية عليا تحمي النظام الأساسي للحكم من أية انتهاكات وتجاوزات، وأن يعاد تشكيل الحكومة بالمعايير الدقيقة والصارمة والشاملة للجدارة، بهدف خفض متوسط أعمار الوزراء إلى 40 سنة، وإتاحة الفرصة للمرأة كي تمارس دورها داخل المجلس. واقترح الشباب السعوديون في بيانهم أن يُعاد تشكيل مجلس الشورى لخفض متوسط أعمار الأعضاء إلى 45 سنة، واستيعاب الناشطين المهتمّين بالشأن العام –من الرجال والنساء– المشهود لهم بسابقة العمل للمصلحة العامة والكفاءة والنزاهة والعلم والخبرات المتراكمة. ودعا البيان أيضا إلى تسريع عملية الإصلاح السياسي وتوسيع المشاركة الشعبية وتطوير وسائل الاتصال بين الحاكم والمحكوم، والفصل بين السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، كما دعا إلى التأكيد على ضبط الشأن الاقتصادي بما يحافظ على المال العام، وتحقيق مبادئ الشفافيّة والمحاسبة والتنمية المتوازنة. كما دعا البيان إلى تجديد الخطاب الديني بما يتناسب والمتغيّرات المعاصرة وترسيخ مفاهيم الحوار في المجتمع السعودي، وتطوير مناهج التعليم في مختلف التخصصات على أيدي المتخصصين، بما يضمن إشاعة روح التسامح والوسطيّة. ويتزامن هذا البيان مع عودة الملك عبد الله إلى بلاده بعد غياب دام ثلاثة أشهر أجرى خلاله عمليتين جراحيتين في الظهر بنيويورك وأمضى بعد ذلك فترة نقاهة في المغرب. وتأتي عودة ملك السعودية وسط أجواء غير مستقرة في المنطقة دفعت إليها ثورات وانتفاضات شعبية أطاحت برئيسي تونس زين العابدين بن علي ومصر حسني مبارك. وخشية فيما يبدو من وقوع احتجاجات مماثلة في السعودية، أصدر الملك عبد الله قرارات إصلاحية وتنموية، من أبرزها رفع رأسمال بنك التسليف إلى 30 مليار ريال وزيادة صندوق الإسكان ب40 مليار ريال وإعفاء المقترضين من بنك التسليف من قسطين لعامين وتثبيت بدل غلاء 15% في مرتبات موظفي الدولة. كما قرر الملك إحداث 1200 وظيفة لدعم البرامج الرقابية، ودعم ميزانية برنامج الابتعاث، ودعم أبناء الأسر المحتاجة في الجامعة والعفو عن عدد كبير من سجناء الديون، وزيادة دعم الأندية الرياضية، ومنح 10 ملايين ريال لكل جمعية مهنية، وإعانة مالية للباحثين عن العمل لعام واحد، وتخصيص 10 ملايين ريال لكل ناد أدبي. ومن المنتظر أن يعلن الملك السعودي أيضا عن تشكيل حكومي جديد لانتهاء مدة الحكومة الحالية منذ أكثر من أسبوعين واتخاذ عدد من القرارات الإصلاحية إضافة إلى قرارات تتعلق بمشاريع تنموية جديدة وتقليص حجم البطالة في المملكة المنتج الأول للنفط في العالم. ومن المتوقع أيضا حدوث تغييرات في أسماء المناطق والوزراء وشاغلي مراتب الوزراء ونواب الوزراء الذين يعينون بأمر ملكي.