مكانة مصر الاقليمية والمحورية بمنطقة الشرق الاوسط زادت اهميتها منذ السبعينيات بعد انتصار اكتوبر عام 1973 وبداية الثمانينات خاضت مصر حرب ثانية للحفاظ على مكانتها وكانت موجهة ضد الجماعات الاسلامية التى تتلقى تمويل مالى ضخم من التيار الوهابى بالسعودية وافغانستان انذاك.. ورغم المحاولات المستمرة لضرب مصر الا انها حافظت على مكانتها التقليدية وبعد احداث 11 سبتمبر بالولايات المتحدة وانهيار النظام العراقى عام 2003 بدات الصحوة الدينية والقومية تاخذ شكل اكثر تطرفا وتتلقى دعم من بعض الدول الهامشية بالمنطقة والتى تبحث عن دور اقليمى وبدا الدور المصرى يتراجع بوتيرة متسارعة نتيجة الخطاب السياسى المصرى تجاه القضايا القومية وضعفه الامر الذى زاد من حدة العداء تجاه مصر وفى قراءة للخريطة السياسية الجديدة نجد امامنا مجموعة كبيرة من القوى الاقليمية والاحلاف الجديدة ايضا التى تحاول ان تسد الفراغ بالمنطقة وعلى حساب الدور المصرى ونتيجة طبيعية لافلاس الدبلوماسية المصرية تماما وفشلها فى التعاطى مع ملفات الصراعات الاقليمية الحساسة وعلى راسها القضية الفلسطينية والعراق وملفات الصراع فى اليمن والصومال وازمة تقسيم السودان اضافة الى الملف النووى الايرانى والفشل الذريع لدبلوماسية النظام المصرى فى التعاطى مع ازمة دول حوض النيل نتيجة غياب مصر عن القارة الافريقية فترة طويلة رغم الوجود الاسرائيلى منذ 1965 والوجود الايرانى ايضا وكلها مؤشرات واضحة على حالة الافلاس التامة التى وصلت اليها الدبلوماسية المصرية الامر الذى انتج ايضا قوى اقليمية جديدة وبديلة منها الحلف الايرانى الذى فشل خلال الثمانينات ليعيد تنشيط خلاياه الشيعية بالمنطقة ومنها حزب الله بلبنان والحوثيين باليمن مستغلا الفراغ المصرى الكبير واحداث حرب غزة الاخيرة تلك الخلايا الايرانية تنشط الان فى صورة ميليشيات عسكرية منظمة اضافة لمحاولات ايران ضم سوريا وقطر واجتذاب نظام البشير بالسودان والاتصالات المستمرة بليبا والجزائر ايضا للانضمام الى الحلف الايرانى الجديد اما الحلف الامريكى التقليدى فهو متواجد بالفعل منذ حرب الخليج الاولى ومنذ انسحاب بريطانيا من مستعمراتها بالشرق الاوسط ومنها ايران والعراق ويتركز بمنطقة الخليج السعودية الامارات والكويت والبحرين حيث يعتبر تلك المنطقة استيراتيجية بسبب النفط اضافة الى الاردن كحلفاء تعتبرهم واشنطن تقليديين بالنسبة اليها مع فشل محاولاتها لجذب لبنان وسوريا اما القوة الاقليمية الثالثة والتى ظلت نائمة منذ الحرب العالمية الثانية عام 1945 فهى تركيا التى بدا دورها يبرز بمنطقة الشرق الاوسط مستغلة ايضا ملف الصراع الفلسطينى _ الاسرائيلى واحداث حرب غزة ومنذ ظهور حزب العدالة والتنمية على الساحة السياسية التركية ذات التوجهات الاسلامية المعتدلة بالنسبة للخط الايرانى الذى ما زال يتبنى الثورة الاسلامية ويحاول اردوغان وحزبه البحث عن وسائل جديدة لابقاء حزبه بالسلطة بعد فشل محاولات تركيا فى الانضمام الى الاتحاد الاوروبى عام 2003 وسط معارضة فرنسا الامر الذى جعل تركيا توجه الانظار من جديد الى مستعمراتها التاريخية وهى منطقة الشرق الاوسط ويبدو ذكاء الدبلوماسية التركية فى تبنى الخطاب القومى الاسلامى اثناء حرب غزة وقافلة الحرية مما اكسب اردوغان شعبية كبيرة داخل وخارج تركيا اما خطابه فيستهدف فى المقام الرئيسى استمرار حزبه بالسلطة.. ولكل من تلك الاحلاف والقوى مشروعه ومخططاته واستيراتيجيته الجديدة التى بدات تستند الى الغزو الاعلامةى الكبير لمنطقة الشرق الاوسط وظهر ذلك من خلال موجة المسلسلات التركية على الفضائيات العربية وهى مسلسلات مدبلجة وموجهة لكسب شعبية لدى الشارع العربى الذى يفقد المصداقية والشرعية بانظمته السياسية تماما اضافة الى قناة تركية ناطقة باللغة العربية وموجهة ايضا الى المنطقة كما تقوم تركيا بتوسيع تدريس اللغة العربية بالمدارس والجامعات التركية والغريب ان نفس الاستيراتيجية حاولت ايران انتهاجها بانتاج مسلسل تلفزيونى ضخم تحت عنوان يوسف الصديق فى محاولة منها لتصحيح العلاقات المتوترة مع مصر والمنطقة بعد انتاجها عام 2007 فيلم يسىء الى الرئيس السادات بعنوان الفرعون وملامح الخطاب الامريكى لا تتغير رغم نجاح الديمقراطيين بالوصول الى الرئاسة وتتبنى استيراتيجية معروفة هى الانحياز الى اسرائيل والدعوة الى مفاوضات سلام فى الوقت ذاته لكن ما يعنينا هنا هو دبلوماسيتنا المصرية التى اعلنت افلاسها وكيفية اعادة بناء دبلوماسية جديدة خلال المرحلة المقبلة التى تبشر بالتغيير فى مصر ونظام سياسى جديد ايضا.وبدون ذلك لن تستعيد مصر مكانتها المفقودة وقوتها الاقليمية بالمنطقة من خلال رؤية وطنية قومية جديدة تتعاطى مع كل المتغيرات الراهنة . بقلم/ زيدان حسين القنائى عضو قيادى بالمجلس السياسى للمعارضة المصرية