بغداد4تشرين الثاني/نوفمبر- دعا عدد من النشطاء في مجال الدفاع عن الحريات العامة في بغداد، الخميس، إلى عقد مؤتمر إقليمي لحماية المسيحيين في دول الشرق الأوسط وعلى رأسها العراق، من خطر التهديدات التي تطالهم في البلاد التي يقطنون ومحاولات إفراغ المنطقة من وجودهم. وقال الناشط هادي جلو مرعي إن “العمليات الإرهابية التي ضربت التجمعات المسيحية في العراق خلال المدة الماضية والتهديدات الموجهة للكنائس القبطية في مصر واحتمالات انتقالها إلى بلدان تشهد حضورا مسيحيا كسورية ولبنان والأردن، تدفع إلى ضرورة الدعوة الجادة إلى عقد مؤتمر موسع تحضره قيادات سياسية ودينية وأكاديمية ومنظمات مجتمع مدني في بلدان الشرق الأوسط لبحث أسباب منع التدهور الحاصل في ملف حماية الأقليات الدينية والعرقية”. ولفت مرعي إلى أن “الخطر الذي يستهدف المسيحيين يؤشر احتمالية إفراغ المنطقة من وجود استمر لآلاف من السنين وساهم في بناء حضارة وثقافة ومعارف المنطقة”، ملمحا إلى أن “هذه المخاطر لا يمكن للمسيحيين تحملها لوحدهم ما لم تتضافر الجهود الدينية والسياسية والاجتماعية لتبيان مخاطر انهاء الوجود المسيحي في الشرق الاوسط”. وطالب مرعي “المرجعيات الدينية الفاعلة في البلاد العربية والإسلامية بوجوب الانتقال من حال الإدانة والاستنكار إلى إصدار فتاوى ملزمة للمسلمين باحترام الأقليات الدينية والعرقية الموجود في تلك البلاد في مؤتمر إقليمي”. وكان تنظيم “دولة العراق الإسلامية” المرتبط بالقاعدة، توعد امس الأربعاء، في بيان له على الانترنت، جميع أتباع الطائفة المسيحية ببحر من الدم، بعد “انتهاء مهلته” التي حددها للكنيسة القبطية في مصر للإفراج عن امرأتين اعتنقتا الإسلام، في وقت أدت فيه حادثة كنيسة “سيدة النجاة” في بغداد إلى وقوع أكثر من مائة ضحية بين قتيل وجريح غالبيتهم من الرهائن. وانتقد مرعي “مبادرات بعض الدول الأوربية التي دعت إلى استقبال مجموعات من المسيحيين”، لافتاً إلى أنه “كان الأولى بها أن تنسق مع حكومات البلدان التي يسكنونها وتقديم الدعم في مجالات مختلفة لتوفير الأرضية المشتركة لتامين وجودهم بدلا من دعوتهم إلى المغادرة” . وكانت صحيفة فرنسية كشفت الثلاثاء الماضي، عن اقتراح لوزير الهجرة الفرنسي لاستضافة 150 مسيحياً عراقياً على اثر التفجير الذي طال كنيسة “سيدة النجاة” التابعة للسريان الكاثوليك في حي الكرادة وسط العاصمة العراقية، ولم تؤكده السفارة الفرنسية ببغداد حتى الآن. من جهتها وصفت الناشطة هناء أدور “دعوات اللحمة بين اقوام المنطقة بالمهمة والجيدة شريطة ان تتضمن المجتمعات بشكلها العام، كون الجانب الاجتماعي فاعل للغاية للنأي عن تأثيرات المعلومات المغلوطة ونقل صورة غير حقيقية قد تتحدث عنها الشخصيات السياسية او رجال الدين فيما لو اقتصر المؤتمر الاقليمي على هاتين الفئتين” . وشددت ادور “على حاجة العراق والشرق الاوسط الى التعبئة الاجتماعية بين الناس حول مختلف الاديان والطوائف والاقوام لموضوعة العيش المشترك”، مشيرة الى أن “نزوح المسيحيين لم يقتصر على العراق بل تعداه الى بلدان شرق اوسطية اخرى ووحدها التعبئة الاجتماعية قادرة على ايقافها” . فيما رأى رئيس مؤسسة مسارات المتخصصة بثقافة الاقليات سعد سلوم، ان “التهاون في التعامل مع قضية كنيسة سيدة النجاة تعكس غرور الاغلبية المسترخية في العراق”، داعيا الى ان “تصبح حادثة الكنيسة فرصة لتقدير ما نمتلك من ثروة حضارية تتمثل بمسيحيي العراق وسائر الاقليات الاخرى الذين يمثلون اقدم جماعة مسيحية في العالم”. وأكد أن “هناك اهمية لعقد مؤتمر اقليمي من شأنه تصحيح الصورة النمطية عن المجتمعات الشرق اوسطية”، مطالباً “بمراجعة الثقافة العراقية الراهنة والقائمة على الإقصاء وإلغاء دور المسيحيين في بناء حضارة العراق”. وقبيل إجراء الانتخابات النيابية العراقية التي جرت في السابع من شهر آذار/مارس الماضي تزايدت حدة استهداف المسيحيين في الموصل، وقتل منهم ثمانية أشخاص في غضون 10 أيام، ما دفع أكثر من 250 عائلة مسيحية للنزوح صوب سهل نينوى ومحافظات إقليم كردستان. وكانت كنيسة “سيدة النجاة” التابعة لطائفة السريان الكاثوليك في حي الكرادة وسط العاصمة العراقية بغداد قد شهدت يوم الأحد الماضي هجوماً مسلحاً تمثل بدخول عدد من المسلحين إلى الكنيسة وقاموا باحتجاز رهائن، وأدى ذلك في نهاية المطاف إلى مقتل 53 شخصاً بضمنهم مسلحون، بعد قيام قولت الأمن العراقية بمشاركة قوة أميركية باقتحام الكنيسة.