التعليم ببلادنا..بين الأزمة والإصلاح المؤجل ذ المصطفى المعتصم “الحكم على الشئ، فرع عن تصوره”قاعدة أصولية. - تجارب رائدة : لاجدال في أن أكبر استثمار وأضمنه هو الاستثمار في الرأسمال البشري أي تعليم الأبناء وتأهيلهم ليطلعوا بمسؤوليتهم في تعمير الأرض وازدهار ساكنتها.ويكاد الكل يجمع على أن حل مشاكل العالم الحالية والمستقبلية رهين بالابداع والتقدم العلمي والتكنولوجي. في الولاياتالمتحدة القوة العظمى الأولى عالميا تنفق الدولة والأسر والقطاع الخاص عشرات بل مئات الملايير من الدولارات سنويا في مجال التربية والتكوين وتطوير البحث العلمي. هدف الأمريكيين من وراء هذا الحفاظ على مكانة بلادهم كقوة عظمى مهيمنة اقتصاديا وعسكريا،هدفهم حماية أمن حدودهم ومصالحهم أينما وجدت في العالم،هدفهم الحفاظ على مستويات الدخل لديهم أي المحافظة على رفاههم.من أجل كل هذه الأهداف وأهداف أخرى تبنى الأمريكان فلسفة انبثقت منها كل السياسات والاستراتيجيات منذ الحرب العالمية الثانية ،فلسفة حثتهم على الاستثمار والمزيد من الاستثمارفي مجال تطوير البحث العلمي مهما بلغت الكلفة ووصلت التضحيات المادية. دول أخرى متقدمة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر اليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا الخ...ليست أقل حرصا على تعليم أبنائها تعليما مناسبا وتطوير أبحاثها العلمية لأنهم ، أقصد الأوربيين واليابانيين ،لا يتصورون أن يأتي يوم تتوسع فيه الهوة العلمية والتكنولوجية مع حليفهم التقليدي الولاياتالمتحدةالأمريكية أو يأتي يوم يتخلفون فيه عن قوى إقليمية ودولية متنامية كالصين التي تتطور بسرعة مفرطة تفوق كل التوقعات بما يؤشرأنها تسير في اتجاه انتزاع المرتبة الثانية عالميا بعد الولاياتالمتحدة. دول أخرى كانت تنعث بالعالمثالثية كانت في مستوى المغرب أو أقل في الستينيات والسبعينيات كالهند والبرازيل وبولندا وتركيا وماليزيا وإيران وجنوب إفريقيا الخ...تسعى جاهدة بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات للدخول إلى نوادي الدول المتقدمة،والرقي عبر الاهتمام الذي توليه للتعليم والبحث العلمي في سلم ترتيب التنمية البشرية العالمي. الهند على سبيل المثال نموذج يجب التأمل في تجربته ومسيرته؛الهند ثاني دولة من حيث الكثافة السكانية بعد الصين وقد تصبح الأولى في السنوات القليلة القادمة، عاشت منذ استقلالها على إيقاع مشاكل اجتماعية واقتصادية لامثيل لها ويكفي كي نقف على حجم هذه المشاكل أن نذكر بأن 800 مليون هندي بعيشون بأقل من دولار واحد او دولارين في اليوم.أي تحت عتبة الفقر كما تحددها مؤشرات الأممالمتحدة. في بداية الثمانينيات سيشير صندوق النقد الدولي على الهند بوصفته السامة المتمثلة في برنامج التقويم الهيكلي P.A.S. لكن الهنود وإن وافقوا على تفعيل بعض بنود هذا البرنامج فإنهم رفضوا اعتماده فيما يخص قطاعات التعليم والبحث العلمي وعارضوا التقشف وتقليص ميزانيات هذه القطاعات.بعد عقد ونيف من الزمن لم تصبح الهند فقط قادرة على توفير الأمن الغذائي لمليار ومائة مليون نسمة وحماية الفقراء فيها من مضاربات سوق الحبوب الدولية حيث تتحكم أوليغارشيا عالمية لايهمها إلا الربح،بل أصبحت قادرة على تصدير فائضها من هذه الحبوب حتى أن بلادا كبلادنا التي ما فتئ بعض قادتها السياسيين يصفونها بأنها بلد فلاحي بامتياز تلجأ في بعض السنوات العجاف إلى استيراد الحبوب الهندية ! كان هذا أحد نتائج التمسك بالبحث العلمي في مجال الفلاحة حتى طورت الهند حبوبا قادرة على مواجهة القحالة وبعض الأمراض،وبالإمكان زرعها مرتين والحصول على محصولين في سنة واحدة. هناك قطاع تكاد تتفوق فيه الهند على الولاياتالمتحدةالأمريكية ولو عدديا وهو قطاع المعلوميات حيث إن عدد المهندسين والعلماء في هذا المجال يفوق نظيره في أمريكا،كما أن الهنود في هذا المجال ليسوا أقل كفاءة من مهندسي وعلماء “السيليكون فالي”بأمريكا.أما قطاع التكنولوجية الفضائية فهو في نمو مطرد سيؤهل الهند بأن تصبح عضوا بارزا في نادي الدول التي تغزوا الفضاء،...الخ. لن نتكلم بإسهاب عن تجارب الصين وتركيا والبرازيل وكوريا،ولكن لا ننس المعجزة الماليزية التي كان محمد مهاتيرأحد مهندسيها،تأسست على القيام بعكس ما أوصت به توجيهات البنك الدولي خصوصا في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي وليس غريبا أن تكون لماليزيا اليوم مدينة للمعلوميات بمثابة “سيليكون فالي”ثانية،وتحتل هذه البلاد اليوم صفوفا عالمية متقدمة الأمر الذي أرغم البنك الدولي على الاعتراف بخطئه وبصحة رؤية القيادة الماليزية بخصوص برنامج التقويم الهيكلي الذي أتى على الأخضر واليابس أين ما طبق. لكن التجربة الأكثر إثارة للاهتمام هي التجربة الإيرانية ؛هذه الدولة التي عانت من حصار كبير وصل إلى حد منعها من الحصول على التكنولوجيا المتطورة في العديد من المجالات الدقيقة ومنع طلبتها من التسجيل في الدراسات العليا بالجامعات الغربية وتحديدا في التخصصات التي يرى الغرب أنها قد تكون مزدوجة الاستعمال في الصناعات المدنية والعسكرية كالفيزياء النووية والميكروبيولوجية والبيولوجيا الوراثية وفيزياء الفلزات والمعادن التي يرصدها الرادار،وفي الواقع أصبح التسجيل في بعض هذه التخصصات صعبا حتى بالنسبة للطلبة العرب والمسلمين الذين لاتصنف دولهم ضمن مايسميه الغرب بمحور الشر. لكن ومع كل هذا الحصار والصعوبات الاقتصادية فإن الإيرانيين لايترددون في تطوير منظومتهم التربوية وجامعاتهم وتشجيع البحث العلمي والإبداع مهما كانت التكلفة المادية مرتفعة.وليس غريبا أن تفاجئ إيران العالم بما تشهده من تطور وما تصله من نتائج أذهلت أصدقاءها قبل أعدائها سواء في المجالات المدنية أو العسكرية. هكذا يثبت بالملموس أن الإرادة الإنسانية متى توفرت فإنها تكون أقوى من كل حصار،وتصبح قضية إثبات الذات أكبر محفز على التطور والإبداع. في بداية السبعينيات أرادت أمريكا حصار البرنامج الفضائي الأوروبي فامتنعت عن استعمال صواريخها لوضع الأقمار الاصطناعية الأوربية في مداراتها،وهو ما دفع الأوربيين إلى تطوير برنامج “آريان” الذي وضع أوربا اليوم في الريادة بل جعلها تتفوق على البرامج الأمريكية المماثلة،فأصبحت منافسا كبيرا في مجال وضع الأقمار الاصطناعية في مداراتها. نعم قد تجوع الأمم الحية وتعرى وقد تواجه الصعاب الجمة والحصار ولكن أبدا لاتفرط في جودة تعليم أبنائها وتمكينهم من سلطان العلم. - نتائج كارثية لرؤية غريبة : في المغرب ظل كبار المسؤولين يرددون منذ منتصف السبعينيات بأعلى صوتهم أن قطاع التعليم قطاع مكلف لميزانية الدولة وغير منتج،وظل هؤلاء يعارضون تطوير أنوية (جمع نواة) البحث العلمي في الكليات والمعاهد المغربية بل لم يتوانى بعضهم من إظهار امتعاضهم ورفضهم لمطالب أساتذة الجامعات بتشجيع البحث العلمي وكانوا يستنكرون على الباحثين إضاعة الوقت والجهد والأموال العمومية في أبحاث علمية قد يقوم بها باحثون في دول أخرى.كان وزير الدولة المرحوم مولاي أحمد العلوي يردد:”دعوا الآخرين يشتغلون وينفقون الأموال على الأبحاث وحينما يصلون إلى نتائج سنستفيد منها من دون جهد ولا تعب” !!. هل هذه المواقف من التعليم والبحث العلمي تنم عن غياب رؤية استراتيجية عند بعض الحاكمين آنذاك؟! ممكن. هل هذه المواقف أملتها تطورات قضية الصحراء والحرب التي فُرضت على المغرب وكانت عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة التي كانت في حاجة إلى المال لتغطية نفقات المجهود الحربي؟! ممكن. هل هذه المواقف من التعليم والبحث العلمي كانت تعكس تخوفا حقيقيا لبعض الأعيان والأسر السياسية من دمقرطة التعليم التي أدت إلى وصول الكثير من أبناء الطبقات الفقيرة إلى مواقع متقدمة في الدولة مما أصبح يضيق عليهم ويهدد مستقبل أبنائهم؟!ممكن. مع بداية الثمانينيات أدى تماهي المغرب مع برنامج التقويم الهيكلي،الذي دعا فيما دعاه إليه،إلى تقليص النفقات في بعض القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم،إلى نتائج وخيمة على المدرسة والجامعة المغربية.ومن ذلك التاريخ والتعليم في المغرب في كل مستوياته في ترد وتراجع،أما أنوية البحث في الجامعات فقد تم إجهاضها عندما تم الإجهاز على ميزانيات البحث.أكثر من هذا فلقد منحت الوصفات المسمومة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في مجال التربية والتكوين فرصة للأوليغارشيا المحلية للإجهاز على قطاع التعليم العمومي وتشجيع التعليم الخصوصي الذي انتقل من مستوى الابتدائي والاعدادي والثانوي إلى التعليم الجامعي. أزيد من ثلاثين سنة من السياسات التدميرية لمجال التربية والتكوين جعلتنا اليوم نصنف،حسب تقرير التنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي أنجزه البنك الدولي بالنسبة لقطاع التعليم،في المرتبة11من بين 14دولة عربية والدول الثلاث التي توجد خلفنا كلها دول تعيش على إيقاعات حروب وصراعات داخلية: العراق –الصومال- اليمن.كما أننا نجد أنفسنا اليوم في تصنيف التنمية البشرية العالمية في الرتبة 130 نظرا لتدهور قطاعي الصحة والتعليم. ليس هذا فقط بل إننا لانجد أثرا لأية جامعة مغربية ضمن تصنيف 500 جامعة عالمية ! فلماذا نرسل أطفالنا للمدارس وطلابنا للجامعات إذن ؟ إذا كان الهدف هو خفض نسبة الأمية نسبة الهدر المدرسي لكي نرتقي في سلم ترتيب التنمية البشرية على الصعيد العالمي فهذا الهدف على مشروعيته لايعكس طموح أمة كالأمة المغربية التي أبدع علماؤها في أكثر من مجال في الحضارة العربية الإسلامية التي قادت البشرية ردحا من الزمن. أما إذا كان الهدف هو إعداد يد عاملة متوسطة التكوين يستعملها المستثمرون الأجانب والمحليون بأبخس الأثمان فهذا أيضا هدف متواضع ولا يرتقي إلى تطلعات أمة تتوق إلى الازدهار والرفاه والتقدم. ليس هناك فقط الهدر المدرسي،هناك أيضا هدرٌ لطاقات بشرية هائلة حينما يرغم أغلب خريجي الجامعات والمعاهد المغربية على البطالة بحجة أن تكوينهم لايتناسب ومتطلبات سوق الشغل المغربي.فلماذا تستمر جامعاتنا ومعاهدنا منذ 30سنة في تخريج أفواج لاعلاقة لتكوينها بسوق العمل؟هل هذا تصويغ لتشجيع التعليم الجامعي الخاص،تعليم لا يلجه إلا من يتوفرون على إمكانيات مادية معتبرة وكأننا بصدد إعادة إحياء مدرسة وجامعات أبناء الأعيان. في الوضع الحالي لمنظومتنا التعليمية في جميع مستوياتها وفي الوضع الحالي لمستوى البحث العلمي بجامعاتنا علينا أن نخشى المستقبل لأن العديد من الباحثين والمفكرين يعتبرون القرن21 قرن كل الأخطار...فالعالم مقبل على انفجار ديموغرافي غير مسبوق،في العقود الثلاثة المقبلة حيث سترتفع ساكنة العالم من ستة ملايير نسمة إلى نحو تسعة ملايير نسمة،وسيعيش العالم على إيقاع النذرة:نذرة المياه،نذرة الأراضي الصالحة للزراعة،نذرة الثروات السمكية،نذرة الموارد المعدنية،نذرة الموارد الطاقية،زحف الصحراء والتصحر،اشتداد القحالة،انتشار الأوبئة والأمراض الناتجة عن التلوث...وستكون هناك هجرات جماعية وحروب إقليمية وأخرى دولية. ووحده البحث العلمي والإبداع التكنولوجي سيمكن الدول (بعض الدول) من مواجهة هذه التحديات،ولهذا تعتني الدول المتقدمة بتعليم أبنائها التعليم المناسب وتأهل جامعاتها،وتحث باحثيها على الإبداع...أما نحن فلازلنا نتكلم عن محو الأمية وتخفيض نسبة الهدر المدرسي،ونصدر العقول كما كنا نصدر بالأمس العضلات(عمال المناجم والأنفاق) ونصدر الطماطم والبرتقال. - لا تعليم بدون قضية: عندما تربع الملك محمد السادس على عرش المغرب سنة1999وأبدى عزمه على تفعيل الميثاق الوطني للتربية والتكوين،أرسل الأخ محمد الأمين الركالة،رئيس جمعية البديل الحضاري آنذاك مذكرة للقصر الملكي بالرباط تطالب بالتريث في تنزيل هذا الميثاق وفتح نقاش وطني موسع حوله لاغنائه وتجاوز نقاط ضعفه.وعلى خلفية هذه المذكرة كان لنا لقاء أنا والأخ محمد الأمين الركالة مع المستشار الملكي –المرحوم مزيان بلفقيه- لمناقشة أوجه اعتراضنا على هذا الميثاق.كان اللقاء صريحا ودام أربع ساعات،وقبل أن يفض اللقاء،طلب منا المستشار الراحل أن نوجز له ما يريد تبليغه لملك البلاد،وأضاف:إن جلالة الملك رجل عملي محب للاختصار ويحب الذهاب مباشرة إلى الهدف... كان جوابنا أن تعليمنا بدون قضية يتمحور حولها ورش الإصلاح،وطلبنا منه تبليغ العاهل المغربي أننا نتمنى أن لايعرف عهده أي انتكاسة أو فشل في إصلاح التعليم. بعد تسع سنوات من بدء تفعيل الميثاق سيصدر المجلس الأعلى للتعليم برئاسة المرحوم مزيان بلفقيه تقريرا بمثابة ناقوس الخطر وتحذيرا بإمكانية الفشل في بلوغ الأهداف المتوخاة من الميثاق كما أعلن عن استمرار تدهور قطاع التعليم. وعلى خلفية هذا التقرير أجرت أسبوعية “الأيام” استجوابا مع المرحوم مزيان بلفقيه الذي أشار، في معرض جوابه عن سبب تفوق قطاع التعليم في غزة على نظيره في المغرب،بأن للفلسطينيين قضية تدفعهم إلى الاعتناء بالتعليم وإلى التعلم تماما كما كانت للمغاربة قضية تحرضهم أيام كفاح الاستعمار !!. لن أعلق على هذا القول ولكن فقط أسأل مهندسي المخطط الاستعجالي لانقاذ الميثاق:هل لتعليمنا اليوم قضية؟أي هل أخذتم استنتاج المستشار الراحل بعين الاعتبار؟ على خلفية القضية تُحدد الاستراتيجيات ويُتجنب التيه والتجريبية والالتقاطية ومحاولة إعادة إنتاج تجارب ربما نجحت في فرنسا أو كوريا أو إيران لكنها لن تنجح حتما في المغرب.بوجود قضية ومشروع مجتمعي تحدد الاختيارات التربوية سواء وافقت خيارات المؤسسات البنكية العالمية أو تعارضت معها. إن التعليم أكبر قطاع منتج وحيوي وأساسي في التنمية،هو من يكوّن العلماء والمفكرين والربابنة والأطباء والمهندسين والأساتذة والمحامين والضباط...إلخ. والبحث العلمي ليس ترفا،بل وسيلة لحل المعضلات والمشاكل التي تتهددنا وعلى رأسها توفير الأمن الغذائي والأمن الأمني والصحي ومواجهة إكراهات التحولات المناخية والتلوث.أنا لاأتصور أن مختبرات أمريكا أو أوربا سيهتمون بتطوير حبوب للمغرب تناسب تحولاته البيئية أو نذرة المياه أو زحف الصحراء أو ملوحة التربة...إلخ.ولن تفلح أمة تفرط في سيادتها في تحديد اختياراتها الكبرى خصوصا في مجالي التربية والبحث العلمي لفائدة اختيارات جهات تمثل الوجه القاتم للاستعمار الجديد. إن ضرب جودة التعليم العمومي وتشجيع التعليم الخاص هو عودة بئيسة لمدرسة أبناء الأعيان وجامعة أبناء الأعيان وفي هذا ضرب لمبدإ دمقرطة التعليم ولمبدإ المساواة في الفرص ولمبدإ التوحيد وهدر للكثير من الطاقات المبدعة والنوابغ من أبناء الشعب الفقراء. أي مغرب نريد وأي مواطن لهذا المغرب الذي نريد؟،إذن أي تعليم لهذا المواطن الذي نريد؟.والفرق شاسع بين من يريد المواطن الكامل المواطنة العارف لحقوقه وواجباته ،والفعال الحاضر في صنع القرار السياسي وغير السياسي،وبين من يريد شعبا مستقيلا من العمل السياسي،سلبيا يتفرج على ما يجري حوله من دون أن يحرك ساكنا.الفرق بين من يريد تعليما يصنع المواطنين وبين من يريد تعليما يصنع المريدين والأتباع. أي في المحصلة النهائية أن التعليم والسياسة متلازمان ولا إصلاح للتعليم بدون إصلاح للسياسة،ولا إصلاح للسياسة من دون إصلاح الدستور في الحالة المغربية. وإذا لم نُعد النظر في طريقة رؤيتنا للأشياء وفي الفلسفة التي تؤطر نظرتنا للتربية والتكوين والبحث العلمي،ويصبح النهوض بالمغرب وطلب العلا والمنافسة من أجل التقدم بين الأمم والمساهمة في عمارة الأرض والتمكن من أسباب القوة لحماية وحدتنا وأمننا،إذا لم نضع مشروعا مجتمعيا يكون بمثابة بوصلة توجهنا في هذا الاتجاه وإذا لم نقم بالإصلاحات السياسية والدستورية حتى يتحمل المسؤولية الحقيقية في هذه البلاد رجال أقوياء أمناء لا يضعفون أمام إغراء السلطة ويتعففون عن مد أيديهم إلى المال العام ويتحملون مسؤوليتهم بكفاءة ويكدون من أجل المصلحة العامة ولو على حساب مصلحتهم الشخصية ويحرصون على حاضر ومستقبل البلاد...إذا لم ننجح في ورش بناء الدولة الديمقراطية..فالأكيد أن إصلاح التعليم بل كل أوراش الإصلاح الاستراتيجية ستبقى مؤجلة. المصطفى المعتصم السجن المحلي بسلا في:03/10/2010 “أخبار اليوم”- العددان:266/268- الجمعة15أكتوبر2010- الاثنين18أكتوبر2010