مندوبية التخطيط: تراجع قيم الواردات مدفوع بانخفاض أسعار الطاقة والمواد الغذائية    توجيه الاتهام إلى ثلاثة رجال في قضية خطف معارض للنظام الجزائري في فرنسا    أمسية فنية استثنائية للفنان عبد الوهاب الدكالي بمسرح محمد الخامس    انتشار أمني يواكب "ديربي البيضاء"    رغم قرار المقاطعة... استنفار أمني كبير يحيط بمركب محمد الخامس قبيل مباراة الديربي بين الوداد والرجاء    ‪المغرب يبادر إلى تصدير أول "شحنة بلدية" من غلة القنب الهندي الطبي    فتح تحقيق تقني جراء حادث سقوط طائرة بفاس    منع الدوزي من دخول أمريكا رغم دعوة رسمية من جامعة هارفارد    تزامنا مع المعرض الدولي للكتاب.. قضايا الصحافة والخطأ القضائي والعدالة الرقمية في صلب اهتمامات العدد الجديد من مجلة "محاكمة"    التكنولوجيا تفيد في تجنب اختبار الأدوية على الحيوانات    "واتساب" تطلق 12 ميزة جديدة لتحسين الأداء وسهولة الاستخدام    حزب المغرب الحر يعزز وجوده في مدينة العرائش من خلال تأسيس فرع محلي جديد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    إقليم الحسيمة.. هزة أرضية بقوة 4.0 درجات تضرب تارجيست    غموض يكتنف انتشار شائعات حول مرض السل بسبب الحليب غير المبستر    تداولات بورصة الدار البيضاء تتخطى حاجز 4 مليارات درهم    مدرب المنتخب الإسباني: حظوظ ريال مدريد لا تزال قائمة لتحقيق ريمونتادا ضد أرسنال    عبد الصمد المنصوري يحصل على شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا    أهازيج الرمال توحد القلوب في محاميد الغزلان    بحضور سفير الهند.. الإخوة بلمير يطلقان فيديو كليب 'جاية'    تشريح ثلاثي يفجر مفاجأة في وفاة الممرضة فاطمة الزهراء بخنيفرة    الصناعة التقليدية بإقليم العرائش في قلب تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 سبل النهوض وتجاوز الإكراهات والمعيقات التحديات والفرص    أولى دفعات الحيوانات تصل إلى حديقة عين السبع بالدار البيضاء تمهيدًا لإعادة افتتاحها    مسؤول بوزارة الاتصال: المنصات الرقمية الدولية تحظى ب7 مليارات درهم من الإشهار المغربي    عودة الديربي إلى "دونور": ملعب محمد الخامس يحتضن الكلاسيكو البيضاوي بعد الإصلاحات    عشرات الجيوش تلبي دعوة المغرب وأمريكا للمشاركة في "الأسد الإفريقي"    فرنسا توجه الاتهام لموظف في قنصلية جزائرية باختطاف أمير ديزاد.. قنبلة دبلوماسية في قلب باريس    فراقشية الصحافة.. من يوقف هذا العبث؟    المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم داخل القاعة يفوز وديا على نظيره الصيني (8-0)    ميسي يقترب من تجديد عقده مع إنتر ميامي    الغابون تفتح مراكز الاقتراع الرئاسي    باعة إيرانيون جوالون يتلمسون الأرزاق في جنوب العراق    سي هون يغادر سباق "رئاسة كوريا"    "كارولينا الجنوبية" تواصل تنفيذ أحكام الإعدام بالرصاص    الوداد الرياضي يستقبل درع كأس العالم للأندية بحفل في الدار البيضاء    العصبة المغربية لحقوق الإنسان تراسل وزير الداخلية بشأن حرمانها من وصل الإيداع    كيوسك القناة | جيتكس إفريقيا المغرب.. نسخة ثالثة كبرى لبناء مشهد رقمي إفريقي    العيون .. حرق وإتلاف كمية مهمة من المخدرات و الأقراص المهلوسة    الوداد يحتفل بمشاركته في مونديال الأندية بمهرجان فني    الولايات المتحدة وفرنسا تمران للسرعة القصوى بتنسيق مع المغرب لإغلاق ملف الصحراء المغربية بشكل نهائي    ترامب يستبدل صورة أوباما في البيت الأبيض بلوحة تظهره وهو ينجو من محاولة اغتيال        تونس: عريضة تطالب قيس سعيد بالتنحي وتحذر من خطر انهيار الدولة    حملة أمنية واسعة بطنجة لمواجهة الجريمة وتعزيز الشعور بالأمن    لغيدي يحصل على جائزة فرنسية تكريمية    الدرهم يرتفع بنسبة 3% مقابل الدولار بين فبراير ومارس 2025    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    شراكة بين "اتصالات المغرب" و"زوهو"    الدول المنتجة للنفط في مأزق.. أسعار الخام تهوي لأدنى مستوى منذ الجائحة    الذهب يرتفع ويسجل مستوى قياسيا جديدا    السياحة.. المغرب يسجل أرقاما قياسية خلال الربع الأول من سنة 2025    السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائي براك البلوي في حوار عن روايته "أبواق الملائكة"
نشر في دنيابريس يوم 23 - 03 - 2017


حوار مع الأديب السعودي الأستاذ/ براك البلوي
تحدث الروائي براك البلوي في الحوار التالي عن روايته "أبواق الملائكة" والتي قال عنها إنها تتحدث عن قضية اجتماعية لازلنا "على حد قوله" نعيش آثارها اليوم، كما تحدث عن عدد من الجوانب الفنية في عمله الروائي الأول، ومعللا نهايتها بملاءمته للأوضاع المتردية في المنطقة العربية عموماً.
ثمة التباس ظاهر في الرواية في نوعية السارد، فتارة يكون "طارق" وتارة يكون "زهراء" أو حتى "إنجي" وفي أحيان أخرى يكون سارداً عليما من خارج الشخصيات.. كيف تفسر هذا؟
الكاتب يصف الشخصيات ويترجم تعابيرها ومواقفها من خلال السرد وهذا الأمر يتطلب تبادل الأدوار سواء من خلال البطل نفسه أو البطلة أو الشخصيات الثانوية الأخرى، وروايتي شخصياتها محدودة ولم أستطع الاستمرار بضمير المتكلم وكذلك لم يناسبني ضمير الغائب المتعدد وحينما أردت إدخال المعلومات الموضوعية سردت بضمير الغائب المحدود أو المتعدد.
والقارئ يبحث عما يثير اهتمامه ومن ثم يتعايش مع الحدث المتخيل ويدخل أجواءه ولا يمكن أن يحصل هذا إن كتبت كلها بصيغة واحدة (على لسان سارد واحد) والمبدع لا يفضل تأطيره بإطار ومعيار يحد من تحليقه في سماء الإبداع، فتبادل الأدوار في السرد رأيت أن أطبقه في روايتي الأولى "أبواق الملائكة" دون الالتفات لما هو متداول في أغلب الروايات ووجدته أفضل من أن يكون السرد بصيغة الراوي العليم أو ضمير المخاطب.
في روايتك "أبواق الملائكة" رغم أنّ أبطال الرواية في الغالب سعوديون إلا أنّ معظم أحداث الرواية كانت تدور في القاهرة، لماذا؟ هل كان ذلك هرباً من البيئة المحلية وإشكالاتها؟
أنا لا أقصد الهرب من البيئة المحلية، فبيئتنا جميلة وأنيقة، وشعبنا طيب متسامح معطاء، وكون الرواية تتحدث في ظاهرها عن الحب الذي أقصد به التسامح والتعايش وهو ما تقوم عليه حياتنا ومرهون فيه بقاؤنا، وجزيرتنا العربية تزخر بقصص الحب العذري في زمن قيس بن الملوح وجميل بثينة وعنتر وعبلة وغيرهم، كما هنالك من القصص ما يفخر به شعب الجزيرة العربية عموما والمملكة على وجه الخصوص من الكرم ممثلا بحاتم الطائي والكريم لن يكون إلا متسامحاً معطاءً بكل شيء.
وفي أبواق الملائكة بداية القصة نسجت أحداثها المتخيلة في المنطقة الشرقية في السعودية ثم نقلت أحداثها بنقل الشخصيات للقاهرة ثم العودة للدمام مرة أخرى حين تزعزع الأمن في مصر ومن ثم استئناف أبطال الرواية مع شخصيات أخرى للدراسة ثانية في القاهرة، كما أن زياراتي للقاهرة وأماكنها الجميلة ونيلها الشامخ ومقاهيها الشعبية العريقة استفزتني لأن يسبح الخيال المحلق من هذه الأماكن.
وفي الغربة يكون الإنسان أكثر قرباً من ابن وطنه بل يكون له كالأخ والصديق والقريب، وهذا ما حدث بالفعل في تآخٍ وتلاحم ابن القرية "طارق" التي ينحدر من قرية تتبع محافظة حفر الباطن في شمال شرق المملكة مع "معافا" الذي ينتمى وينحدر من منطقة جازان في جنوب غرب المملكة العربية السعودية، هكذا هي الأحداث رسمت مخططا لها وسارت بانسيابية دون أن أقصد الهروب من بيئتي لكنها سارت هكذا.
اختيار الشخصيات
هل استلهمت شخصيتي "عزام" و"معافا" من شخصيات واقعية؟
الروائي يكتب من وحي البيئة ومن مخزونه الثقافي، لكنه قد يدمج الواقع بالمتخيل ويضيف وينقص حسبما يجبره الحدث، وفي شخصية "عزام" الطبيب الفلسطيني وشخصية "معافا" لم تكن تلك الشخصيتان واقعيتين طبعا وقد يكون هناك مدلولات على اختيار الأسماء أو الوصف للشخصية كي يحس القارئ أنه بقلب الحدث وهذا ما حاولت فعله في روايتي.
ظهور شخصيات لم تؤثر كثيراً مثل "حسين" ومن ثم اختفائها كيف تفسره؟
حينما كتبت الرواية كان حاضراً في ذهني بأن لا أشتت ذهن القارئ بكثرة الشخصيات في الرواية إلا للضرورة القصوى، ومن هذا المنطلق استحدثت شخصية حسين الشخصية المسطحة ذات الدور الهامشي المساعد، ففي المشهد الوحيد أصبح دوره ضروريا ليكن مؤانسا للطبيب "عزام" في تلك الرحلة السياحية لمصر، علماً أنني رسمت شخصية البطل الإيجابي "طارق" الملتزم بعقيدة تنظم أفعاله وأقواله ومن غير المعقول أن أقحمه في تصرفات الطبيب في شقة القاهرة، ولم أضع له أي دور بعد هذا المشهد فمن الطبيعي اختفاؤه.
هل كنت تنوي طرح قضية اجتماعية من خلال الرواية؟ هل تعتقد أن هذه من مهام الروائي أن يتناول قضايا الساعة الشائكة مثلا والاجتماعية برؤية إصلاحية إن جازت التسمية؟
أنا شخص متسامح مع نفسي أولاً ومن ثم مع الآخرين، وقد طرحت بالفعل قضية اجتماعية في روايتي، وهذه القضية لا زلنا نعيش آثارها اليوم، فقضية الإرهاب اليد الآثمة العابثة بمستقبل أبنائنا أصبحت تهدد مستقبل الأبناء، والروائي والمبدع مثله مثل أي شخص يستشعر الخطر المحدق بوطنه فيتخندق بقلمه ضد كل ما من شأنه بث الفتنة وإذكائها وزعزعة الأمن، بل من الجمال أن يوظف الأدب في رسالة سامية هي نشر الحب والتعايش والتسامح. وقد تطرقت في روايتي لقضية الإرهاب التي حاولت تقويض أمن هذا البلد فكان رجال الأمن مع المواطن لهم بالمرصاد.
لماذا اخترت "حفر الباطن"؟ كان من المفترض أن يكون البطل من أي مدينة أخرى طالما أنك لم تتطرق لها كثيرا في الرواية؟
قصدت في روايتي أن يكون البطل من بيئة بدوية بعيدة عن موطن البطلة "زهراء"؛ مما يؤسس لفروقات اجتماعية كبيرة، كانت البطل المتخيل ينحدر من قرية بالغرب من حفر الباطن، فقط لأهيئ ذهن القارئ وأصنع حالة من التأزم من خلال هذا الحب الناشئ بين "طارق" و"زهراء" مع الفروقات البيئية والمذهبية.
أما أنني لم أتطرق لحفر الباطن، بالفعل لم أتطرق لحفر الباطن ولم يرد أي وصف لها ولا للقرية التي ينحدر منها البطل كون روايتي صغيرة الحجم تقع في (165) صفحة وحاولت أن ابتعد عن الحشو الذي يقع فيه كثير من الروائيين وهذا ما يفقد الرواية ترابطها ويبعث السأم والملل لدى القارئ.
بدأت الرواية بقصة لقاء "طارق" و"زهراء" في المستشفى على لسان "طارق" ثم أعدتها بعد نصف الرواية على لسان "زهراء" ماذا أضافت تلك الإعادة برأيك؟
دعني أصحح لك المعلومة أولاً، فالرسائل بدأت من صفحة (121) وانتهت بصفحة (132) أي (11) صفحة هي رسائل البطلة التي باتت تدونها في المشفى وفي غرفتها، وبغضّ النظر عن إعادة القصة مرة أخرى وطريقة الحدث فإن الرسائل صيغت بلغة أخرى، تواكب اللحظات الرومانسية التي يعيشها حبيب ومحبوبته، ثم أنني لم أتطرق في بداية الرواية لتفاصيل شعور "زهراء" بنشوة الحب، فتم تعويضها بهذه المذكرات التي تعتبر من تقنيات الرواية التي لها محل التقدير حين ظهورها في القرن السابع عشر حتى القرن الثاني عشر الميلادي إلى أن ظهر نمط آخر في القرن الحادي عشر يشبه نمط الرواية الرسائلية، ويعطي شعورا للقارئ بانتمائه لهذه الشخصيات وهذا ما حدث في رسائل زهراء وحاولت إيصاله للقارئ.
كيف تفسر تلك النهاية السوداوية للرواية؟
بالفعل هي نهاية حزينة لكن الوضع الذي نعيشه من حولنا في عدة دول عربية تسيل الدماء فيها، بل القتل أصبح على الهوية والانتماء للمذهب فمن غير الممكن أن تتم الأفراح بزواج "طارق" من "زهراء" واعتبرت مشاكلنا معلقة لم يتم البت فيها، رغم أن الزيجات كثيرة حصلت على أرض الواقع من كلا الطرفين، ولكن أردت أن تكون النهاية مؤلمة لنشعر بمعاناة هؤلاء الأشخاص ونعيش آلامهم، وطريق الحياة ليس مفروشا بالورود دائما، إنما هناك آلام البشر التي صنعوها بأنفسهم لا بد أن نستشعرها كقراء ومبدعين
تحدث الروائي براك البلوي في الحوار التالي عن روايته "أبواق الملائكة" والتي قال عنها إنها تتحدث عن قضية اجتماعية لازلنا "على حد قوله" نعيش آثارها اليوم، كما تحدث عن عدد من الجوانب الفنية في عمله الروائي الأول، ومعللا نهايتها بملاءمته للأوضاع المتردية في المنطقة العربية عموماً.
ثمة التباس ظاهر في الرواية في نوعية السارد، فتارة يكون "طارق" وتارة يكون "زهراء" أو حتى "إنجي" وفي أحيان أخرى يكون سارداً عليما من خارج الشخصيات.. كيف تفسر هذا؟
الكاتب يصف الشخصيات ويترجم تعابيرها ومواقفها من خلال السرد وهذا الأمر يتطلب تبادل الأدوار سواء من خلال البطل نفسه أو البطلة أو الشخصيات الثانوية الأخرى، وروايتي شخصياتها محدودة ولم أستطع الاستمرار بضمير المتكلم وكذلك لم يناسبني ضمير الغائب المتعدد وحينما أردت إدخال المعلومات الموضوعية سردت بضمير الغائب المحدود أو المتعدد.
والقارئ يبحث عما يثير اهتمامه ومن ثم يتعايش مع الحدث المتخيل ويدخل أجواءه ولا يمكن أن يحصل هذا إن كتبت كلها بصيغة واحدة (على لسان سارد واحد) والمبدع لا يفضل تأطيره بإطار ومعيار يحد من تحليقه في سماء الإبداع، فتبادل الأدوار في السرد رأيت أن أطبقه في روايتي الأولى "أبواق الملائكة" دون الالتفات لما هو متداول في أغلب الروايات ووجدته أفضل من أن يكون السرد بصيغة الراوي العليم أو ضمير المخاطب.
في روايتك "أبواق الملائكة" رغم أنّ أبطال الرواية في الغالب سعوديون إلا أنّ معظم أحداث الرواية كانت تدور في القاهرة، لماذا؟ هل كان ذلك هرباً من البيئة المحلية وإشكالاتها؟
أنا لا أقصد الهرب من البيئة المحلية، فبيئتنا جميلة وأنيقة، وشعبنا طيب متسامح معطاء، وكون الرواية تتحدث في ظاهرها عن الحب الذي أقصد به التسامح والتعايش وهو ما تقوم عليه حياتنا ومرهون فيه بقاؤنا، وجزيرتنا العربية تزخر بقصص الحب العذري في زمن قيس بن الملوح وجميل بثينة وعنتر وعبلة وغيرهم، كما هنالك من القصص ما يفخر به شعب الجزيرة العربية عموما والمملكة على وجه الخصوص من الكرم ممثلا بحاتم الطائي والكريم لن يكون إلا متسامحاً معطاءً بكل شيء.
وفي أبواق الملائكة بداية القصة نسجت أحداثها المتخيلة في المنطقة الشرقية في السعودية ثم نقلت أحداثها بنقل الشخصيات للقاهرة ثم العودة للدمام مرة أخرى حين تزعزع الأمن في مصر ومن ثم استئناف أبطال الرواية مع شخصيات أخرى للدراسة ثانية في القاهرة، كما أن زياراتي للقاهرة وأماكنها الجميلة ونيلها الشامخ ومقاهيها الشعبية العريقة استفزتني لأن يسبح الخيال المحلق من هذه الأماكن.
وفي الغربة يكون الإنسان أكثر قرباً من ابن وطنه بل يكون له كالأخ والصديق والقريب، وهذا ما حدث بالفعل في تآخٍ وتلاحم ابن القرية "طارق" التي ينحدر من قرية تتبع محافظة حفر الباطن في شمال شرق المملكة مع "معافا" الذي ينتمى وينحدر من منطقة جازان في جنوب غرب المملكة العربية السعودية، هكذا هي الأحداث رسمت مخططا لها وسارت بانسيابية دون أن أقصد الهروب من بيئتي لكنها سارت هكذا.
اختيار الشخصيات
هل استلهمت شخصيتي "عزام" و"معافا" من شخصيات واقعية؟
الروائي يكتب من وحي البيئة ومن مخزونه الثقافي، لكنه قد يدمج الواقع بالمتخيل ويضيف وينقص حسبما يجبره الحدث، وفي شخصية "عزام" الطبيب الفلسطيني وشخصية "معافا" لم تكن تلك الشخصيتان واقعيتين طبعا وقد يكون هناك مدلولات على اختيار الأسماء أو الوصف للشخصية كي يحس القارئ أنه بقلب الحدث وهذا ما حاولت فعله في روايتي.
ظهور شخصيات لم تؤثر كثيراً مثل "حسين" ومن ثم اختفائها كيف تفسره؟
حينما كتبت الرواية كان حاضراً في ذهني بأن لا أشتت ذهن القارئ بكثرة الشخصيات في الرواية إلا للضرورة القصوى، ومن هذا المنطلق استحدثت شخصية حسين الشخصية المسطحة ذات الدور الهامشي المساعد، ففي المشهد الوحيد أصبح دوره ضروريا ليكن مؤانسا للطبيب "عزام" في تلك الرحلة السياحية لمصر، علماً أنني رسمت شخصية البطل الإيجابي "طارق" الملتزم بعقيدة تنظم أفعاله وأقواله ومن غير المعقول أن أقحمه في تصرفات الطبيب في شقة القاهرة، ولم أضع له أي دور بعد هذا المشهد فمن الطبيعي اختفاؤه.
هل كنت تنوي طرح قضية اجتماعية من خلال الرواية؟ هل تعتقد أن هذه من مهام الروائي أن يتناول قضايا الساعة الشائكة مثلا والاجتماعية برؤية إصلاحية إن جازت التسمية؟
أنا شخص متسامح مع نفسي أولاً ومن ثم مع الآخرين، وقد طرحت بالفعل قضية اجتماعية في روايتي، وهذه القضية لا زلنا نعيش آثارها اليوم، فقضية الإرهاب اليد الآثمة العابثة بمستقبل أبنائنا أصبحت تهدد مستقبل الأبناء، والروائي والمبدع مثله مثل أي شخص يستشعر الخطر المحدق بوطنه فيتخندق بقلمه ضد كل ما من شأنه بث الفتنة وإذكائها وزعزعة الأمن، بل من الجمال أن يوظف الأدب في رسالة سامية هي نشر الحب والتعايش والتسامح. وقد تطرقت في روايتي لقضية الإرهاب التي حاولت تقويض أمن هذا البلد فكان رجال الأمن مع المواطن لهم بالمرصاد.
لماذا اخترت "حفر الباطن"؟ كان من المفترض أن يكون البطل من أي مدينة أخرى طالما أنك لم تتطرق لها كثيرا في الرواية؟
قصدت في روايتي أن يكون البطل من بيئة بدوية بعيدة عن موطن البطلة "زهراء"؛ مما يؤسس لفروقات اجتماعية كبيرة، كانت البطل المتخيل ينحدر من قرية بالغرب من حفر الباطن، فقط لأهيئ ذهن القارئ وأصنع حالة من التأزم من خلال هذا الحب الناشئ بين "طارق" و"زهراء" مع الفروقات البيئية والمذهبية.
أما أنني لم أتطرق لحفر الباطن، بالفعل لم أتطرق لحفر الباطن ولم يرد أي وصف لها ولا للقرية التي ينحدر منها البطل كون روايتي صغيرة الحجم تقع في (165) صفحة وحاولت أن ابتعد عن الحشو الذي يقع فيه كثير من الروائيين وهذا ما يفقد الرواية ترابطها ويبعث السأم والملل لدى القارئ.
بدأت الرواية بقصة لقاء "طارق" و"زهراء" في المستشفى على لسان "طارق" ثم أعدتها بعد نصف الرواية على لسان "زهراء" ماذا أضافت تلك الإعادة برأيك؟
دعني أصحح لك المعلومة أولاً، فالرسائل بدأت من صفحة (121) وانتهت بصفحة (132) أي (11) صفحة هي رسائل البطلة التي باتت تدونها في المشفى وفي غرفتها، وبغضّ النظر عن إعادة القصة مرة أخرى وطريقة الحدث فإن الرسائل صيغت بلغة أخرى، تواكب اللحظات الرومانسية التي يعيشها حبيب ومحبوبته، ثم أنني لم أتطرق في بداية الرواية لتفاصيل شعور "زهراء" بنشوة الحب، فتم تعويضها بهذه المذكرات التي تعتبر من تقنيات الرواية التي لها محل التقدير حين ظهورها في القرن السابع عشر حتى القرن الثاني عشر الميلادي إلى أن ظهر نمط آخر في القرن الحادي عشر يشبه نمط الرواية الرسائلية، ويعطي شعورا للقارئ بانتمائه لهذه الشخصيات وهذا ما حدث في رسائل زهراء وحاولت إيصاله للقارئ.
كيف تفسر تلك النهاية السوداوية للرواية؟
بالفعل هي نهاية حزينة لكن الوضع الذي نعيشه من حولنا في عدة دول عربية تسيل الدماء فيها، بل القتل أصبح على الهوية والانتماء للمذهب فمن غير الممكن أن تتم الأفراح بزواج "طارق" من "زهراء" واعتبرت مشاكلنا معلقة لم يتم البت فيها، رغم أن الزيجات كثيرة حصلت على أرض الواقع من كلا الطرفين، ولكن أردت أن تكون النهاية مؤلمة لنشعر بمعاناة هؤلاء الأشخاص ونعيش آلامهم، وطريق الحياة ليس مفروشا بالورود دائما، إنما هناك آلام البشر التي صنعوها بأنفسهم لا بد أن نستشعرها كقراء ومبدعين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.