ازداد الغموض في المغرب بشأن مستقبل مشاورات تشكيل الحكومة، بعد أن مضى على تكليف الملك محمد السادس لرئيس الحكومة الحالي عبد الاله بنكيران نحو سبعين يوما من دون أن تسفر المشاورات عن توافق حول الحكومة المقبلة. وأشار رئيس حزب "الديمقراطيين الجدد" الدكتور محمد ضريف في حديث خاص ل "قدس برس"، أن "مأزق مشاورات التشكيل الحكومي، فتح نقاشا دستوريا وقانونيا حول مضامين الدستور ومنح المغاربة فرصة للانتباه للفراغات الموجودة في دستور 2011". وأضاف: "نحن في المغرب نعيش تجربة دستورية جديدة منذ العام 2011، والدستور توجد فيه العديد من الجالات لم تنظم، وهذه أول مرة نجد فيها أنفسنا أمام تعيين لرئيس حكومة لم يستطع حتى الآن تشكيل الحكومة بعد مرور نحو 70 يوما على تكليفه بهذه المهمة". واعتبر ضريف، أن "الحديث عن أنه كان بالامكان تشكيل الحكومة بطريقة أسرع لو أن الملك أراد ذلك، اعتبر ذلك تبسيطا للأمور، وإشاعة لخطاب قديم من خلال تقسيم الأحزاب لديمقراطية وأخرى إدارية، بينما الأمر يتصل بمرجعيات دستورية يجب مراعاتها". وأكد ضريف، أن الدستور الذي يقول في فصله 47 بأن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات، لم يحدد أولا أن يكون الشخص هو أمين عام الحزب، وهو أمر أقرب للعرف الدستوري الذي مارسه الملك، ولم يحدد سقفا زمنيا لرئيس الحكومة في مهمة تشكيل الحكومة". وأضاف: "هذا النقص يحتاج منا إلى تأويلات دستورية، والاستعانة بدساتير قريبة منا، ومنها الدستور التونسي، والفصل 89 منه الذي يمنح رئيس الحكومة المكلف مهلة شهر قابلة للتجديد مرة واحدة، وإذا لم يتمكن من ذلك، يبدأ رئيس الدولة مشاورات مع الكتل النيابية وزعماء الأحزاب لتعيين شخصية أخرى لتشكيل الحكومة". وحول خيار العودة إلى الانتخابات المبكرة، قال ضريف: "هذا أيضا من التأويلات التبسيطية للدستور، وقد أجاب عن ذلك وزير الداخلية الذي قال بأن الانتخابات المقبلة ستكون في العام 2021، أي أن الانتخابات الحالية لن يتم إعادتها". ورأى ضريف أن الخلافات القائمة بين رئيس الحكومة المكلف وبقية الأحزاب، هي مما يتيحها النظام الديمقراطي، وقال: "لقد أعلن رئيس الحكومة الحالي قبل الانتخابات أصلا أنه سيكون في تحالف مع التقدم والاشتراكية ثم بعد الانتخابات انضم إليهما حزب الاستقلال، وبعدها بدأ يطرح على بقية الاحزاب الالتحاق بهذا التحالف، ومن حق بقية الأحزاب أن تقبل أو ترفض، وليس من المعقول اتهام من يرفض الالتحاق بهذا التحالف بأنه حزب إداري فاقد للاستقلالية". وأضاف: "ضمن هذا السياق يمكن فهم موقفي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، باعتبارهما تصرفا وفق المنطق الديمقراطي، من حيث رفضهما أن يكونا مجرد تكملة للأغلبية الحكومية"، على حد تعبيره. جرت الانتخابات البرلمانية بالمغرب في 7 تشرين أول (أكتوبر) الماضي، وحملت "حزب العدالة والتنمية" إلى صدارة الأحزاب السياسية المغربية للمرة الثانية على التوالي. لم يتأخر العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في تطبيق الدستور، ليقدم بعد 3 أيام من الإعلان عن نتائج الانتخابات، على تعيين عبد الإله بنكيران، الأمين العام ل "حزب العدالة والتنمية"، رئيسا للحكومة لولاية ثانية، وكلفه بتعيين حكومة جديدة. لكن الحكومة التي عين رئيسها قبل أكثر من شهرين لم ترى النور بعد، ومشاورات تشكيلها تمر بحالة "تعثر" حد التوقف. وقد تمكن بنكيران من تشكيل تحالف حتى الآن بين حزبه الحاصل على (125 مقعدا في مجلس النواب) والاستقلال (46 مقعدا) والتقدم والاشتراكية (12 مقعدا)، وهذا لن يضمن له الأغلبية العددية المطلوبة لتشكيل أغلبية في مجلس النواب، الذي يتكون من 395 نائبا برلمانيا، فمجموع برلمانيي الأحزاب الثلاثة يصل إلى 183 نائبا، في الوقت الذي يحتاج تشكيل الأغلبية ل 198 مقعدا على الأقل.