دخلت العلاقة بين السلطات المغربية والمدونين فصلا جديدا من التوتر، بعد صدور حكم قضائي يدين المدون البشير حزام بالسجن أربعة أشهر مع النفاذ، لنشره بيانا لمجموعة من الطلبة كانت تخوض حركة احتجاجية في بلدة ضواحي مدينة كلميم الواقعة على بعد 200 كيلومتر جنوبي أغادير. واعتبرت الفعاليات الحقوقية إدانة المدون حزام استمرارا للحملة التي تشنها السلطات على الصحافة المستقلة بوجه عام، وعلى شريحة من الفاعلين الإعلاميين الذين يستخدمون الانترنيت وسيلة لفضح انتهاكات السلطات ومظاهر الفساد، بوجه خاص، في الوقت الذي أعلن فيه المدونون المغاربة حالة تأهب في مواجهة هذه الحملة، بدأت بإصدار بيان تضامني مع المدون المدان. وقال سعيد بن جبلي، رئيس جمعية المدونين المغاربة، إن زملاء حزام أعلنوا التعبئة في أوساط التدوين الوطنية والدولية من أجل التصدي لحملة السلطات المغربية، وتكوين رأي عام يضع سلوك هذه الأخيرة تحت الضوء. وأشار إلى أن الجمعية بادرت إلى الاتصال بمنظمات دولية ناشطة في مجال حرية الصحافة وحقوق الإنسان، وفي مقدمتها "مراسلون بلا حدود" واللجنة الدولية لحماية الصحافيين، وتم تزويدها بتقارير عن معاناة المدونين بالمغرب. وأوضح بن جبلي، في تصريح ل CNN بالعربية في الرباط، أن المدونين سيدافعون عن حريتهم في التعبير بجميع الخيارات القانونية والاحتجاجات غير العنفية، علما أن السلطات كانت قد قمعت وقفة احتجاجية نظمتها الجمعية التي ترفض مصالح الداخلية منحها الترخيص القانوني رغم مرور قرابة ثماني أشهر على وضع ملف التأسيس لدى السلطات المختصة. واعتبر رئيس جمعية المدونين أن عام 2009 كان أسود بالنسبة لحرية الصحافة والتعبير في المغرب، وخصوصا بالنسبة للمدونين الذين يعانون من مطاردات تندرج في إطار التعسف في استعمال السلطة. وقال إنه في الوقت الذي تأخذ المضايقات الموجهة للصحف المستقلة بسهولة طابع قضايا رأي عام، فإن الأضواء لا تسلط بالقدر الكافي على معاناة المدونين ومعهم الصحفيون المحليون الذين ينشطون غالبا في إطار المحافظات ويجدون أنفسهم محل مطاردة من السلطات وهم يقومون بواجبهم في فضح انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي والإداري. وكانت محكمة كلميم الابتدائية قد أصدرت حكماً على المدوّن البشير حزام بالسجن أربعة أشهر مع النفاذ لنشره "معلومات مزيّفة من شأنها أن تسيء إلى سمعة المغرب الحقوقية في مجال حقوق الإنسان" فيما أدانت صاحب مقهى انترنيت، عبدالله بوكفو، بعقوبة السجن لمدة عام مع النفاذ لنشره معلومات حول تظاهرات و"حيازة منشورات تحرّض على العنصرية والكراهية والعنف." ويقول محامي البشير حزام، حسن ميروش، إن المسار القضائي للإدانة شابه انتهاك واضح لمقتضيات قانون الصحافة. وأوضح في تصريح لCNN بالعربية أنه بعد استدعاء المدون حزام من قبل الشرطة ببلدة تغجيجت،"تم وضعه فورا رهن الحراسة النظرية وإحالته على النيابة العامة التي أحالته بدورها في حالة اعتقال على المحكمة، الأمر الذي يشكل خرقا واضحا لمقتضيات قانون الصحافة التي تستوجب توجيه استدعاء إلى المعني بالأمر لا يمكن أن تقل مدته على 15 يوما". وأضاف ميروش أن الدفاع أثار هذا الدفع الذي يترتب عنه بطلان المحضر ككل وسقوط المتابعة غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الدفع الشكلي. وأكد المحامي أن البيان الاستنكاري الذي توبع من اجله المدون البشير والذي تم نشره بمدونته على الانترنيت لا يتضمن أي شيء مما نسب إليه من التحريض على التمييز العنصري والكراهية والعنف. وقد دخلت منظمة "مراسلون بلا حدود" على الخط معربة عن استنكارها لمطاردة المدونين من قبل السلطات المغربية. وقالت المنظمة في بيان نشر على موقعها الالكتروني "مع أن الحكومة المغربية تقدمت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بخطة ترمي إلى تحسين النفاذ إلى الإنترنت بغية ضمان انتماء أفضل للمملكة إلى مجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي، إلا أن هذه الإدانات تسجّل تراجعاً ملحوظاً في هذا الصدد وتظهر أن حرية التعبير على الإنترنت لا تنطبق على الانتقادات الموجهة إلى السلطات. ولا شك في أن ازدياد عدد اعتقالات المدوّنين في السنتين الأخيرتين ليثير قلقنا العارم". وأضافت المنظمة: "الواقع أن البشير حزام وعبدالله بوكفو لم يرتكبا أي عمل غير شرعي. فقد اكتفى البشير حزام بنشر بيان حول أعمال القمع التي مارستها القوى الأمنية في التظاهرات الطالبية في جنوب المغرب. أما عبدالله بوكفو فاتهم بإرسال معلومات وصور عن هذه الأحداث". يذكر أنه قبل حوالي العام، أدين المدون محمد الراجي بالسجن لمدة عامين وغرامة قدرها 500 يورو بتهمة "الإخلال بالاحترام الواجب للملك" قبل أن يصدر حكم ببطلان التهم الموجهة ضده لعدم شرعية الإجراءات.