أوردت جريدة" الباييس - El Pais " الإسبانية الواسعة الانتشار والمقربة من الحكومة الاشتراكية، في عددها الصادر يوم أمس الأحد 8 مارس 2009، بأن الإدارة العامة للدراسات والمستندات المغربية (الاستخبارات الخارجية)، طلبت من مندوب نظيرتها الإسبانية في مدينة الناظور، مغادرة المدينة في أقرب وقت ممكن، ما جعل المصالح التي يعمل لفائدتها في بلاده تطلب منه الكف عن ممارسة أي نشاط وعدم إرسال أي تقارير إلى حين مغادرته تراب الجارة الجنوبية لإسبانيا. وذكرت نفس الجريدة على موقعها الالكتروني، على لسان مراسلها المتجول في المغرب، إغناثيو سامبريرو، أن السلطات الإسبانية لم تشرح لعميل استخباراتها الأسباب التي جعلت المغرب يتخذ هذا القرار غير المسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين، الذي اعتبرته الجريدة الإسبانية، بمثابة إجراء طرد للعميل، الذي ينتمي في الأصل إلى القوات المسلحة الإسبانية، وله تجربة عمل سابقة في إقليم «الباسك» الإسباني، الذي تنشط به منظمة «إيتا الانفصالية»، و التي تشن، بين الفينة والأخرى، هجمات على الأشخاص والمؤسسات في إسبانيا، دعما لمطالبها في الاستقلال عن الحكومة المركزية. وأضاف المصدر الصحفي الإسباني أن عميل الاستخبارات، الذي يمارس نشاطه في مدينة الناظور، تحت غطاء دبلوماسي في القنصلية الإسبانية بذات المدينة، طلب أن يبقى في مكانه ثلاثة أشهر أخرى ريثما يتمكن أبناؤه من إنهاء الموسم الدراسي، غير أن تلك الرغبة اصطدمت بإلحاح السلطات المغربية على مغادرته. ومن جهتها، امتنعت إدارة الاستخبارات الخارجية الإسبانية عن إعطاء أي تفسير لقرار نظيرتها المغربية مثلما فعلت هذه الأخيرة، ما يعني حرص الطرفين على تجنب التصعيد، ومعالجة القضية في أبعادها المحدودة. وبصرف النظر عن التطورات المحتملة لهذا الملف فإنه يشير إلى بوادر أزمة ثقة عميقة بين المغرب وجارته الشمالية، لا سيما وقد امتد الشك المتبادل إلى الأجهزة السرية التي يوكل إليها احتواء الأزمات العميقة التي تحدث بين بلد وآخر، كما يجوز أن يكون الحادث مؤشرا على عدم احترافية عنصر الاستخبارات الإسبانية، الذي ربما تجاوز الحدود المسموح له بها. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن محمد ياسين المنصوري، مدير الاستخبارات الخارجية المغربية المعروفة اختصارا باسم «لا دجيد»، ليس مرتاحا أو بالأحرى لا يجد سببا لما تقوم به إسبانيا من نشاط استخباراتي مزعج للمغرب. وحسب مصادر إعلامية فإن المنصوري، وجه ملاحظات بهذا الصدد إلى نظيره الإسباني، ألبيرتو ساييث، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، حينما سأله عن الدوافع التي تجعل سلطات بلاده تشجع في سبتة، جمعية «التبليغ» ذات الأصول الهندية، والارتباط العلني بالجهات الدينية المتطرفة، والمناوئة للمغاربة المعتنقين للمذهب المالكي، القاطنين بالمدينة، ما يتسبب في حدوث أزمات في صفوف الجالية المسلمة. ويقول مغاربة سبتة إن السلطات المحلية بالمدينة تقدم المساعدات السخية لجماعة «التبليغ»، التي يمتد نشاطها خارج سبتة. وتتزامن كل هذه التفاعلات مع القرار المغربي الأخير القاضي بقطع العلاقات مع إيران، ما يحمل على الظن أن الأزمة ذات خيوط ممتدة في ثلاث قارات.