كشفت تحقيقات القضاء الهولندي عن نشاط عصابة إجرامية مغربية يقودها أفراد من عائلة واحدة، قامت على مدى سنوات بعمليات نصب واسعة النطاق استهدفت مئات المواطنين الهولنديين، من خلال تقديم خدمات تنظيف قنوات الصرف الصحي بأساليب احتيالية. العصابة، التي تتزعمها عائلة من مدينة ألمير، تمكنت من جمع ملايين اليوروهات عن طريق الاحتيال وتبييض الأموال، قبل أن تقوم بتهريب هذه الأموال إلى المغرب، حسب ما أفادت به صحيفة "دي تليغراف" الهولندية. ووفقاً لمعطيات القضية، كان أفراد العصابة، وعلى رأسهم نور الدين ت. وزوجته مونيكا ك.، يعمدون إلى إرسال عمال سباكة إلى منازل المتصلين بحثاً عن حل لمشكلة انسداد قنوات الصرف الصحي. ودون تحديد تكلفة مسبقة، كانوا يخبرون الزبائن بأن الانسداد عميق للغاية، مما يضطرهم لاستخدام معدات خاصة يتم احتساب ثمنها بحسب طول الأمتار المستخدمة، في حين أن هذه المعدات قابلة للاستعمال المتكرر ولا تبرر أبداً تلك الفواتير الباهظة التي كانت تصل في كثير من الأحيان إلى أكثر من 2000 يورو. النيابة العامة أكدت أن الأرقام التي كانت العصابة تضمنها في فواتيرها "غير مبررة، ومبالغ فيها بشكل غير واقعي". وعلى الرغم من الشكاوى العديدة من الضحايا وبرامج التحقيق التلفزيونية مثل "أوبخيلاخت؟!"، استمرت عمليات الاحتيال لسنوات، حيث كان الكثير من الزبائن يدفعون المبالغ المطلوبة خوفاً من التهديدات. المفارقة أن بعض عمال السباكة كانوا هم أنفسهم ضحايا للعصابة، إذ جرى استغلالهم كمتعاقدين تحت الإكراه، حيث اكتشفت النيابة أنهم كانوا مجبرين على تسليم بياناتهم البنكية ورموز الولوج الخاصة بهم للعصابة التي تولت التحكم الكامل في حساباتهم. التحقيقات أظهرت أن هذه الشبكة كانت تضم الإخوة مراد، رضوان، ونور الدين ت.، إلى جانب اثنين من أقاربهما محمد إل. م.، فيما لعبت مونيكا ك. دوراً محورياً من خلال إدارة مركز الاتصالات الخاص بالشركة، وكانت تتولى توزيع الطلبات على العمال. العصابة أنفقت شهرياً ما بين 200 و300 ألف يورو على إعلانات غوغل لتتصدر نتائج البحث، ما مكنها من الإيقاع بضحايا جدد بسهولة، إذ كانوا يظنون أنهم يتعاملون مع شركات محترفة. أما العائدات، فتم تمريرها عبر حسابات بنكية في بلغاريا ومن ثم إلى شركات وهمية. وتُقدّر السلطات القضائية الهولندية الأرباح التي حققتها العصابة خلال ثلاث سنوات ب 35 مليون يورو على الأقل، جرى نقل جزء كبير منها نقداً إلى المغرب عبر طائرات خاصة، في حين احتُفظ بمبالغ أخرى لدى والدي المتهمين. النيابة العامة طالبت بعقوبات تصل إلى أربع سنوات سجناً نافذاً بحق نور الدين ت. وزوجته مونيكا ك.، بينما طالبت بسجن مراد ت. لمدة عامين، ورضوان ت. لمدة ثلاث سنوات، وقريبيهما محمد إل. م. لمدة عامين، منها ستة أشهر موقوفة التنفيذ. ومن المتوقع أن يصدر الحكم النهائي خلال أسبوعين، فيما قامت السلطات القضائية مسبقاً بالحجز على أصول المتهمين، تمهيداً لاحتمال تمكين الضحايا من المطالبة بتعويضاتهم عبر القضاء المدني في حال إدانة المتهمين بتشكيل عصابة إجرامية منظمة.