أدى الإقبال المتزايد على الأسماك بإقليم الحسيمة، إلى استعمال مختلف الطرق والوسائل للحصول على كميات من هذه الثروة البحرية. وقامت بعض المراكب بخرق المعايير المتفق عليها في الصيد، مستعملة أدوات تؤدي إلى تدمير البيئة البحرية، رغم المعاهدة التي وقعت ببرشلونة سنة 1990، والتي تنص على حماية حقول «البوسيدونيا» التي تعتبر من الكائنات الطحالبية الغنية في البحر الأبيض المتوسط، لما لها من أهمية في التوازن البيئي. وحذر بعض المهتمين بهذا المجال من مغبة التقنية المعروفة بالصيد بالجر، إذ أشاروا إلى أن هذه الوسيلة تقضي على الأسماك ذات الحجم الصغير، خصوصا أن كثيرا من الأصناف تستقر في المياه قليلة العمق لتستكمل نموها، وأن الشباك المستعملة لا تترك للكائنات الصغيرة أي فرصة للنجاة. ولا يقف التدمير عند هذا الحد، بل إن هذا النوع من الصيد يقضي على مراعي الأسماك ويهدد مخابئها، كما يقتلع كل ما يجده في طريقه من إسفنج ونجم البحر وقنافذ ومحارات ومرجان. وتستهدف إحدى التقنيات المستعملة في الصيد يرقات الأسماك السطحية التي لا يتعدى طولها السنتمتر الواحد، وبالتالي تقضي سنويا على مئات الأطنان من الأسماك، باعتبار كيلوغرام واحد من هذه الأسماك الصغيرة يتحول إلى 250 كيلوغراما إذا ما أتيحت له فرصة النمو. تنضاف إلى هاتين العمليتين، عملية ثالثة وهي الصيد بالمتفجرات، إذ اعتبرت الأخيرة سببا رئيسيا في انخفاض المنتوج السمكي بالحسيمة. وتتمثل العملية في رمي الأسماك بكميات كبيرة من المتفجرات فتموت أعداد هائلة منها، بينما تصبح كمية الأسماك المترسبة في قاع البحر أكثر من التي تطفو فوق السطح، ويتم اصطيادها. وكانت مبادرات عملت على استدراك خطورة هذا الوضع وأوقفت استعمال المتفجرات، إلا أن العملية مازالت مستمرة على طول بعض السواحل. ومن أهم الأصناف السمكية المستهدفة والتي تعيش في المياه القريبة من الشاطئ (شارغو وحلامة وروبالو واللموني..). ونبهت إحدى الجمعيات البيئية بالحسيمة في أكثر من مرة في تقارير لها إلى خطورة الديناميت التي تقذف بها الأسماك، وقالت إن مادة الزئبق التي تحتوي عليها المتفجرات تعتبر من أخطر المواد السامة المسببة لأضرار جسيمة على الحياة البحرية وعلى صحة الإنسان، عبر تحويل هذه المادة من طرف الأجسام المجهرية إلى مركبات شديدة التسمم يسهل استيعابها من طرف الحيوانات البحرية فتتحول إلى سم قاتل يسبب حدوث أمراض خطيرة كالسرطان. ويبقى خليج الحسيمة المعروف بباضيا، ذي الأهمية الإيكولوجية العالية عرضة لاستنزاف كبير من طرف بعض المراكب، وذلك لأنه المكان المفضل لتوالد واستكمال نمو جميع الأصناف السمكية القعرية منها والسطحية. واستنكر العديد من المهتمين ظاهرة اصطياد وبيع الأسماك الصغيرة، التي لا يتعدى طولها سنتمترين، والتي تصطاد في أيامها الأولى من تفقيصها، مما يشكل استنزافا للثروة السمكية بالحسيمة، ولباقي الثروة الوطنية. وأدان مهتمون بالمجال البحري صمت الأطراف المسؤولة عن مئات الصناديق التي تباع من هذه الأسماك بطريقة غير قانونية على مرأى من المراقبين. كما دعا المهتمون الجهات المسؤولة إلى تفعيل قرار وزارة الصيد والمتعلق بالحد الأدنى لأصناف الأسماك المصطادة في المياه البحرية المغربية، والضرب على أيدي المتلاعبين والمتهاونين في تطبيق القانون ومراقبة الميناء أثناء تفريغ الحمولات، ومراقبة الأسواق ومصادرة المنتوج مع فرض غرامات على المخالفين. الصباح