كثيرا ما نسمع أو نقرأ عبر وسائل الإعلام أن العالم يواجه تحد كبير جدا متمثل في إرتفاع درجات حرارة كوكب الأرض و أن هذا الأمر سيشكل خطرا على منظومة العيش البشري خلال العقود القادمة هذه المخاوف حركت المنظمات الدولية و الهيئات الأممية لإلزام الحكومات بتقليل انبعاثات الغازات السامة و التحكم في أرقامها حماية لإستدامة الأرض و مقومات الحياة فوقه . هذه التحركات تعتبر منطقية جدا بل و مطلوبة لكنها ليست كل الحقيقة و لا تقدم اجابات مقنعة حول أسباب هذا التحول الإيكولوجي المدمر للبشرية .نشر الصحفي المتخصص في العلوم البيئية أوليفير ميلمان في صحيفة الغارديان البريطانية عدد 30-1-2024 مقالا خطيرا جدا اعتبر فيه أن شركات النفط الكبرى كانت تعلم تأثير أنشطتها الخطيرة على العالم و أنها حاولت إخفاء نتائج مجموعة من الأبحاث الرصينة التي حاولت مقاربة تأثير إلانبعاثات السامة على كوكب الأرض. لقد كانت من أولى المحاولات التي فطنت إلى تأثير الإنبعاثات الصناعية السامة على الكوكب أبحاث عالم المناخ تشارلز كيلينغ أواخر القرن الماضي حيث عمد هذا العالم إلى إنشاء مرصد على قمة بركان ماونا لوا في هواي الأمريكية لقياس تركيز الغاز الطبيعي و ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كان العالم الأمريكي يلاحظ ارتفاعا في مؤشرات قياس تعفن الهواء بشكل مستمر و حاول لفت الإنتباه الى هذا الأمر لكن محاولته باءت بحصار شركات النفط العالمية لإخفاء حقيقة هذه الإنبعاثات . سنة 1954 حاول العالم الأمريكي صامويل ابستاين المتخصص في علوم البيئة دق ناقوس الخطر بشأن هذا الأمر عبر نشر أبحاثه فيما يخص تأثير الإنبعاثات على المناخ و لكن مصير هذه الأبحاث ظلت مخفية عن أنظار العالم لتقليل حجم المشكلة و إستدامة الأرباح . قبل مئة عام من الأن كان العالم يتخوف من إنخفاض درجات حرارة الأرض و زيادة التبريد فيها مما جعل الدول الكبيرة تواجه هذا التحدي بزيادة إنبعاثات الغازات السامة كوسيلة لتخفيف التبريد المتوقع و لم يدر في خلد أحد أنذاك أن هذا الحل ينطوي فيه هلاك أخر للأرض يحولها من إشكالية البرودة الى معظلة ارتفاع سخونة الأرض و هي أشد أثرا من ألاولى .إن جوهر المعظلة المناخية قد قدمت فيه أبحاث منذ مدد طويلة تعامل معها العقل الغربي باستخفاف كبير و لا مسؤولية حيث تعود بعض الأبحاث الى ما قبل الطفرة النفطية و اكتشاف البترول و استعمالاته خصوصا ابحاث الايرلندي و عالم الفيزياء جون تيندال سنة 1859 الذي حاول لفت الإنتباه الى هذا الأمر مبكرا . إن جناية الدول الكبيرة على العالم و توسع أطماعها في الهيمنة و التحكم قد فاقت كل الحدود حتى غدت تقامى بمستقبل البشرية و استدامة العيش فوق هذا الكوكب الذي بدأ يئن من أوزار الحضارة الإنسانية المنفلتة.