وصل مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض إلى مستوى قياسي، وهو الأعلى في تاريخ البشرية، عند 419 جزء في المليون. وقامت هيئتان علميتان أمريكيتان هما معهد "سكريبس" لعلوم المحيطات وإدارة المحيطات والغلاف الجوي الأمريكية، بدق ناقوس الخطر مرة أخرى بشأن مخاطر هذا التركيز الذي تسبب فيه الاحتباس الحراري. ويتعلق الأمر بأعلى مستوى لثاني أكسيد الكربون منذ أن بدأ تسجيل البيانات قبل 63 عاما. ولم يكن للتباطؤ الاقتصادي الناجم عن الوباء تأثير ملحوظ على مستوى الانبعاثات؛ وفق الهيئتين. وعلى الرغم من أن معدل الزيادة البالغ 1.8 جزء في المليون خلال عام 2020 كان أبطأ قليلا مما كان عليه في السنوات السابقة، إلا أنه لا يزال ضمن نطاق التباين الطبيعي. وقال بيتر تانس، كبير علماء إدارة المحيطات والغلاف الجوي الأمريكية، في بيان لموقع أكسيوس الإخباري، إن الانخفاض المؤقت في انبعاثات الكربون العالمية المرتبط بالوباء قد غرق في المتغيرات الطبيعية التي تؤثر على وتيرة تراكم الكربون في الهواء. وأقر تانس، وكذا رالف كيلينغ، الذي يشرف، من جانبه، على مراقبة بركان ماونا لوا، بأنهما لم يتفاجآ من كون الوباء، الذي تسبب في خفض الانبعاثات العالمية بنحو 7 في المئة سنة 2020، قد فشل في إبطاء أو كبح ارتفاع ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض. وأكدا أن صافي انبعاثات الكربون لم تنخفض بشكل كبير ولفترة كافية لكي تظهر نتائج ذلك . وقال تانس: "طالما نستمر في إنتاج الانبعاثات، فإن ثاني أكسيد الكربون سيستمر في الارتفاع . وهذا ما نلاحظه الآن، حتى لو تمكنا من تجميد صافي الانبعاثات"، مؤكدا على الحاجة إلى بلوغ مستوى صفر في صافي الانبعاثات في أقرب وقت. ويبقى ثاني أكسيد لفترة طويلة حيث يظل كل جزيء في الهواء لمدة تصل إلى 1000 عام. وتابع: "مقارنة بالحضارة الإنسانية، فإن هذه الانبعاثات أبدية"، قائلا إنه يؤيد خطط خفض صافي الانبعاثات إلى الصفر في أسرع وقت ممكن. ومن جانبه، قال كيلينغ إن ال 420 جزء في المليون، والتي من شبه المؤكد أن يتجاوزها الكوكب العام المقبل، هي "عتبة نفسية"، مضيفا: "إننا نسير بقوة نحو منطقة لم نكن بكل تأكيد نرغب في الوصول إليها". ويتحسر العالمان عن كون ثاني أكسيد الكربون ليس فقط في أعلى مستوياته حاليا، بل ينبغي العودة إلى ما قبل بداية التاريخ البشري، وعلى وجه التحديد إلى عصر البليوسين، ما قبل 4.1 و4.5 مليون سنة، من أجل العثور على زمن احتوى فيه الغلاف الجوي للأرض على كمية مماثلة من الكربون. فخلال العصر البليوسيني، كان متوسط مستوى سطح البحر العالمي أعلى بنحو 25 مترا، في حين كان متوسط درجة الحرارة العالمية حوالي 7 درجات فهرنهايت فوق عصر ما قبل الصناعة. وتعكس هذه البيانات تهديدا كبيرا لمستقبل البشرية على الأرض. وقد تجاوز العالم لأول مرة عتبة 400 جزء في المليون سنة 2013، ولم يستغرق الأمر سوى ثماني سنوات للوصول إلى مستوى 420 جزء في المليون، مما يثبت أن البلدان لا تزال غير قادرة على عكس منحنى الانبعاثات بطريقة ملموسة نحو الأسفل من أجل إبطاء، وعكس، الاحتباس الحراري. وتظهر العديد من الدراسات أنه إذا استقرت تركيزات ثاني أكسيد الكربون، فإن فرص عكس التغير المناخي ستكون أكبر. ويعتبر ثاني أكسيد الكربون بمثابة غاز دفيئة طويل الأمد ينبعث جراء الأنشطة البشرية مثل الاحتراق وتقليص المساحة الغابوية والزراعة.