نظم المشرع المغربي مسطرة رد الاعتبار في قانون المسطرة الجنائية، وتحديدا في الفصول من 687 الى 703 وذلك بغية إرجاع المخالفين للقانون الى المجتمع وإدماجهم كليا من جديد فيه ورد اعتبارهم، بحيث يحق لكل شخص صدر عليه حكم من إحدى المحاكم الزجرية بالمملكة من أجل جناية أو جنحة، الحصول على رد الاعتبار. اذن ما هي الاشكالات التي تعوق تطبيق هذه المسطرة ؟ قبل الاجابة على هذا السؤال لا بد لنا أن نتطرق الى ماهية هذه المسطرة، وذلك بالحديث عن أنواعها وشروطها والآثار المترتبة عنها. شكليات مسطرة رد الاعتبار: بقراءتنا للفقرة الثالثة من المادة 687 من ق.م.ج نجد ان المشرع المغربي ميز بين نوعين من رد الاعتبار، فهو إما قانوني، أي أنه يتم بقوة القانون عند استيفاء شروطه أو قضائي بقرار تصدره الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بناء على طلب يتقدم به المعني بالأمر. تبتدأ مسطرة رد الاعتبار القضائي بتقديم طلب الى السيد وكيل الملك بمحل اقامة المحكوم عليه الحالي أو بآخر موطن له بالمغرب اذا كان يقيم بالخارج، يتضمن هذا الطلب وجوبا تاريخ المقرر الصادر في حقه والمحكمة التي صدر عنها، وكذا الاماكن التي أقام بها المحكوم عليه منذ إفراجه، ويجب تقديم هذا الطلب من طرف المحكوم عليه نفسه أو ممثله القانوني اذا كان محجورا عليه أو شخصا معنويا. فور تلقيه الطلب يتأكد وكيل الملك من: ü سلوكه ü وسائل ارتزاق طالب رد الاعتبار ü مدة اقامته بكل بلد ü يمكن ان يأمر بإجراء بحث من طرف مصالح رجال الدرك ورجال الامن بالأماكن التي اقام بها طالب رد الاعتبار ü عليه ان يحصل على نسخة الحكم الصادر بالعقوبة على الفاعل طالب رد الاعتبار ü ملخص دفتر الايداع من السجن الذي قضى به المحكوم عليه مدة العقوبة وكذا راي مدير السجن حول سلوك المحكوم عليه خلال مدة الاعتقال وكذلك البطاقة رقم 2 من السجل العدلي توجه هذه الوثائق مشفوعة براي وكيل الملك الى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف والذي يحيلها بدوره على الغرفة الجنحية بنفس المحكمة مصحوبة بملتمسه الكتابي حول الموضوع تبث الغرفة الجنحية في طلب رد الاعتبار داخل اجل شهرين من تاريخ الاستماع الى المعني بالأمر او بعد استدعائه قانونيا وقرارها لا يقبل الطعن الا بالنقض لدى محكمة النقض وفي حالة رفض الطلب لا يمكن تقديم طلب جديد الا بعد انصرام اجل قدره سنتين من تاريخ الرفض. كما أنه في حالة تطبيق قواعد الاختصاص الاستثنائية المنصوص عليها في الفصل 264 والفقرة الثالثة من الفصل 268 من ق م ج فقد اسند المشرع المغربي الاختصاص في طلب رد الاعتبار لمحكمة النقض وحدها. وتجدر الاشارة الى ان المحاكم المغربية لا تستند في طلبات اعادة الاعتبار الا على الاحكام الصادرة عن المحاكم المغربية وذلك خلافا للقانونين المصري والسوري اللذين اجاز الاعتماد على الاحكام الاجنبية في اعادة الاعتبار الا ان المحاكم غير ملزمة بذلك. وحسب منطوق المادة 692 فلا يمكن تقديم طلب رد قبل انصرام أجل 3 سنوات، غير أن هذا الأجل يخفض الى سنتين إذا كانت العقوبة صادرة من أجل جنحة غير عمدية، والى سنة واحدة اذا كانت العقوبة غرامة فقط، ويرفع هذا الأجل الى 5 سنوات في حق المحكوم عليه بعقوبة جنائية، يبتدأ سريان هذا الأجل، من يوم الافراج بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة سلبة للحرية ومن يوم الأداء في حق المحكوم عليه بغرامة، وفي حالة الحكم بعقوبة مزدوجة بالغرامة والعقوبة السالبة للحرية، يحتسب الأجل الساري في العقوبة السالبة للحرية. غير أنه لا يخضع رد الاعتبار لأي شرط يتعلق بالآجال أو بتنفيذ العقوبة اذا أدى المحكوم عليه بعد ارتكابه الجريمة خدمات جليلة للبلاد مخاطرا بحياته. من المعلوم ان مفهوم رد الاعتبار بحكم القانون لا يحتاج الى اية مطالبة قضائية لإعادة الاعتبار والا تساوى مع رد الاعتبار القضائي على حد السواء، لكن مادام ان ق م ج لا يتضمن اية مسطرة خاصة برد الاعتبار القانوني فتم ادماجه مع رد الاعتبار القضائي، غير أن المشرع اشترط مرور أجل محدد لرد الاعتبار بقوة القانون، وذلك على الشكل التالي: ü مرور سنة واحدة من يوم اداء الغرامة او من يوم انتهاء الاجبار بالسجن او انصرام امد التقادم ü فيما يخص العقوبة الحبسية لمدة لا تتجوز ستة اشهر بعد انصرام اجل قدره 5 سنوات من يوم انتهاء تنفيذ العقوبة او من يوم انصرام امد التقادم ü فيما يخص العقوبة الوحيدة بالحبس لمدة لا تتجاوز سنتين او فيما يخص عدة عقوبات لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة بعد انتهاء اجل قدره 10 سنوات تبتدئ حسبما منصوص عليه أعلاه ü فيما يخص العقوبة الوحيدة لمدة تتجاوز سنتين او عدة عقوبات يتجاوز مجموعها سنة فبعد انصرام اجل قدره 15 سنة من يوم تنفيذ العقوبة او انصرام امد التقادم ü فيما يخص العقوبة الجنائية الوحيدة أو العقوبات الجنائية المتعددة، بعد انصرام أجل 20 سنة ابتداء من يوم انقضاء آخر عقوبة أو انصرام أمد تقادمها. ü فيما يخص العقوبات التي صدر الامر بإدماجها فإنها تعتبر بمثابة عقوبة واحدة ü والعفو عن العقوبة يقوم مقام تنفيذها. آثار رد الاعتبار: يترتب على رد الاعتبار القانوني والقضائي محو الحكم الصادر بالإدانة بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام الاهلية والحرمان من الحقوق وسائر الاثار الجنائية. فبالنسبة لرد الاعتبار القضائي اذا حكمت الغرفة الجنحية بقبول طلب رد الاعتبار فينص عليه بهامش الاحكام الصادرة بالعقوبة وفي السجل العدلي. إشكاليات مسطرة رد الاعتبار: كما لا يخفى أن مسطرة رد الاعتبار تعترضها مجموعة من الصعوبات يمكن تلخيصها كالتالي: ü إهمال تبليغ الأحكام من طرف أعوان السلطة المحلية عند صدورها موقوفة التنفيذ، حيث استلزم المشرع هنا مرور فترة اختبار مدتها خمس سنوات تحسب من التاريخ الذي أصبحت فيه العقوبة مكتسبة لقوة الشيء المقضي به، بحيث أنه قد تستغرق هذه المدة وعند تقديم طلب رد الاعتبار سيواجه المعني بالأمر بأن الحكم لم يكتسب قوة الشيء المقضي به، مما ينتج معه تعطيل مسطرة رد الاعتبار. ü من بين الوثائق المكملة لطلب رد الاعتبار، نجد البطاقة رقم 2 من السجل العدلي التي تتضمن جميع الأحكام القضائية الصادرة في حق المحكوم عليه، سواء المشمولة بالسجن النافذ أو الموقوفة التنفيذ والغرامة والصائر، الا انه نرى في بعض الأحيان لا تشتمل بعض البطاقات المشار إليها لجميع الأحكام مما ينتج عنه تعطيل لمسطرة رد الاعتبار، لكون كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف أو المحكمة الابتدائية مصدرة الاحكام لم تضمن هذه الاخيرة بالبطاقة رقم 1 من السجل العدلي مما يضطر طالب رد الاعتبار الى الاتصال بالمصالح المختصة قصد القيام بالمطلوب وبالتالي يتحمل خطأ الادارة مما نعتبره عيبا لا بد من تفاديه بالزام كتابة الضبط المعنية الى تدوين البطاقة رقم 1 من السجل العدلي بمجرد أن تصبح الأحكام نهائية. ü التعطيل بإنجاز بحث معمق من طرف الضابطة القضائية والذي يحدد بمقتضاه عدد المساطر التي قدم من أجلها المحكوم عليه الى العدالة. ü عند تقديم طلب رد الاعتبار يشير الطالب فيه على سابقة واحدة، الا أنه بعد توجيه البطاقة رقم 2 من السجل العدلي للمعني بالأمر من طرف كتابة الضبط يتضح أن طالب رد الاعتبار سبق له أن قدم للعدالة عدة مرات وتمت محاكمته من أجل عدة سوابق، مما يستدعي استدعائه للإدلاء بمآل باقي المساطر مما ينتج معه تعطيل مسطرة رد الاعتبار