بعد الإغتيالات الكثيرة التي قام بها العباسيون إثر ظهورهم على الأمويين و مطاردتهم المستمرة لكل رموز المرحلة السابقة منهم إستطاع عبد الرحمان الداخل صقر قريش كما لقب أن يفر من المذبحة العباسية بخليط من الأقدار و الهمة حيث خدمته الأولى بتواجده في رحلة صيد إبان الهجوم العباسي على الأمويين و إستئصالهم مما جعله يمتلك وقتا للتخفي و المراوغة مكنته فيما بعد همته العالية من أن يقوم برحلة خرافية قصد النجاة بنفسه من قبضة العباسيين كانت فيه وجهته عبور نهر دجلة سباحة ثم حط الرحال بفلسطين و مصر الى غاية وصوله الى قبيلة زناتة من المغرب الأقصى ثم العروج الى مضارب أخواله من قبيلة نفزة البربرية التي كانت أول عهده بالريف و أهله في رحلة صعبة جدا لا يحسن سلكها الا ذو همة عالية و ليس سوى صقر قريش عبد الرحمان الداخل أول حراك في تاريخ الريف و المغرب برمته .فما علاقة عبد الرحمان الداخل بالهجرة السرية و كيف أعطى إنطلاقتها في غفلة منه ؟ تذكر المصادر التاريخية أنه بعد استقرار عبد الرحمان الداخل بالريف عاش تجربة التنقل بين قبائل البربر و ذاق الخشونة بعد الدعة الملكية كونه شابا من الطبقة الحاكمة بالمشرق كما ذاق الحرمان و الجوع في رحلته البربرية مما شد عزمه و تقوى به عوده حتى نمت في ذهنه فكرة اعادة امجاد الأجداد في أرض الأندلس ليقرر بعدها الهروب الى الأندلس عبر طريقة " الحريك " خصوصا بعد متابعة العباسيين له هنا في ارض الريف و محاولتهم الظفر به مما عجل بهروبه عبر بوابة " مرسى تمسمان" في قارب ليلي بمساعدة بعض اهالي تمسمان. هكذا بدأت قصة الهجرة السرية من سواحل الريف و هي الظاهرة التي باتت كليشيها يوميا لكل سواحل المنطقة و تجارة تعقد فيها الصفقات و يعقد فيها العزم نهارا جهارا بل و يتغنى ببطولاتها الخالدة أمام كؤوس الشاى بالمقاهي و نواصي الطرق .لقد فتح عبد الرحمان الداخل على منطقة الريف دون قصد منه ثلمة لا تنجبر أبدا بل أضحت هما جماعيا لكل ساكنة المنطقة فتعريف المستقبل هنا بمنطقة الريف اليوم لا يعدو أن يكون تحضيرا جيدا لقارب من قوراب الهجرة بل أضحت الكثير من العمليات تتم بمباركة من الأهالي أنفسهم في تطور مثير لحركية و مفهوم الهجرة بين الأمس و اليوم .رحم الله عبد الرحمان الداخل فقد بنى حضارة عظيمة في الأندلس ووفى بوعده في اعادة الأمجاد لكنه جر معه أهالي منطقة العبور برمتهم و علمهم طريقة العبور اليه في الضفة الأخرى من المتوسط.