لست بصدد القيام بقراءة سوسيوثقافية أو أنتروبولوجية،بقدر ما أريد الوقوف ولو بشكل سريع على الثابت والمتغير في بوكيدارن،هاته المنطقة كانت ولا تزال معقل الثوار أبناء المجاهدين،ولعل إسم بوكيدارن لما له من حمولة تاريخية كبيرة تنم عن مفاهيم القوة والرجولة و...فقد بدأ المخزن كعادتة من طمس هوية هذه المنطقة ،بشكل ممنهج موظفا كل أدواته المتاحة،وبدأ من تغيير أسماء القرى بأكملها التي تحولت بفضل المهاجرين الى حواظر في قمة التمدن لما يعرفه هذا المفهوم من معنى في علم الإجتماع الحضري والقروي. لقد إنخرط أبناء هذه المنطقة ،كعادة أجدادهم،بمختلف شرائحها الإجتماعية وتلويناتها السياسية،في صف واحد للدفاع عن مطالبهم المشروعة من أجل حياة كريمة ،فالكرامة عنوان الريف منذ الأزل،لن تنكسر في عقول رجاله ما بقيت جباله شامخة. إن خروج أبناء بوكيدارن في مظاهرات منظمة قبل وبعد 20 فبراير له أكثر من معنى،بل أكثر من ذلك قد نذهب أبعد من هذا ونقول أن البلاطجة ظهروا في بوكيدارن قبل أن نسمع بهم كتسمية في الثورة المصرية.لقد كانت الأجهزة الإستخباراتية المغربية واهمة لما إعتقدت أن بلاطجة المخزن الجديد قد أخمدوا الشرارة الأولى لربيع الشعوب،لقد كانت المرأة الريفية وراء هذه الشرارة قبل أن يشعلها البوعزيزي في تونس. وفي ظل هذا الحراك الإجتماعي والسياسي الذي يعرفه المغرب بصفة عامة وفي المناطق الممناعة لأجندة المخزين العتيق،عرفت بوكيدارن سلسلة من الإحتاجاجات السلمية ،كانت آخرها قبل أسبوع حيث إنتهت مسيرة ساكنة السواني التي توجهت الى مقر الجماعة ،وأنتهت بإعتصام جزئي في بوكيدارن،ليفاجئوا المعتصمين ببعض البلاطجة يسمعونهم كلاما نابيا وإستفزازيا لجرهم الى المواجهة ،لكن فطنة ويقظة المعتصمين حالت دون خلق مبرر لتدخل القوات العمومية الذي كان هدفا لهؤلاء البلاطجة،إذ وصل الأمر بأحدهم الى سكب مياه متعفنة على المعتصمين،وهذا الشخص ما هو الا أحد المستفدين من هذا الوضع اللاديموقراطي في المغرب،إذ يأخذ أجرته الشهرية كموظف شبح في بلدية إمزورن إن هذه الأساليب القذرة المتبعة من طرف هؤلاء المتمخزنين،ما هي الا حلقة من مسلسل طويل،بدأ منذ مدة،من أجل خدمة أجندة طبقة وعائلات بعينها بالريف،ولا داعي لتسمية العائلة المعنية في بوكيدارن؛فأهل بوكيدارن أدرى بتفاصيل منطقتهم،أما المتملقين فلا هم يستفيدون من الحزب ولا من العائلة ولا من أي شيء..لقد علمنا الدرس الدوركايمي،نسبة الى دوركاييم،أن دراسة المجتمع أو معرفته يجب أن تنطلق من المجتمع نفسه حتى يمكن أن نعرف شخصية الفرد ،وهذه القلة من البلاطجة لا تعبر عن حقيقة أهل بوكيدارن وإنما نتاج المخزن.ويمكن إعتبار سلوكهم حالة مرضية ونشاز العقل الريفي،وقد ساهم المخزن بآلته الإعلامية و مهرجانتهم التي سميت جورا وعدوانا ثقافية،وما هي في العمق الا محاولة لكسر إيقاع هذا الحراك الإجتماعي وقتل هذا النظال الفطري في مهده. إن المنطق في الريف لا يحتاج الى إستعمال مفاهيم فلسفية أو سياسية كبيرة ،لأن الأمور واضحة،فما يريده الشعب في واد وما تريده الطغمة الحاكمة في واد آخر.