استعادت قلعة أربعاء تاوريرت، الواقعة على ارتفاع 400 متر فوق تل متاخم لوادي النكور بإقليم الحسيمة، رونقها وحيويتها وبدت في حلة جديدة بعد خضوعها لعملية صيانة وترميم واسعة شملت مختلف فضاءاتها وجوانبها. بعد عملية التهيئة والترميم، تحولت هذه القلعة التاريخية التي شيدت في أربعينات القرن الماضي خلال حقبة الحماية الإسبانية على مساحة تصل إلى 900 متر مربع، إلى صرح معماري فريد بعدما عانت دهرا من مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية، لاسيما الزلزال الذي ضرب الحسيمة سنة 2004 وأحدث بها أضرارا كبيرة على جميع المستويات. واستعادت هذه المعلمة الأثرية، التي بناها الاسبان في مكان استراتيجي وسط جبال الريف على بعد حوالي 40 كلم جنوبالحسيمة، رونقها وبريقها السابق، حيث ينتظر أن تصبح قطبا سياحيا وثقافيا بامتياز بالحسيمة ومنطقة الريف عموما، إذ شملت عملية التهيئة والترميم جميع مرافق القلعة، التي تضم ثلاثة طوابق، بما في ذلك الأبواب والنوافذ والممرات والأسطح والسلالم والأسوار والأسقف والحيطان والأقواس. هي أشغال تطلبت غلافا ماليا إجماليا يناهز 12 مليون درهم، وأنجزت ضمن برنامج التنمية المجالية “الحسيمة منارة المتوسط”، الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس في أكتوبر من سنة 2015. وأوضحت أميمة أبرشا، محافظة مساعدة للمباني التاريخية والمواقع بالحسيمة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه روعي في أشغال صيانة وترميم هذه المعلمة التي انطلقت في يوليوز 2019 وتشارف على الانتهاء، الحفاظ على نفس طريقة البناء والشكل الهندسي السابق للقلعة حتى تحافظ على رونقها وجمالها، مشيرة إلى أن بعض أجزاء المبنى تهدمت فيما بقيت أجزاء أخرى على حالها ولم يطرأ عليها أي تغيير. وتابعت أن عملية الترميم، التي تتم تحت إشراف المحافظة الجهوية للتراث الثقافي بجهة طنجة -تطوان- الحسيمة، وتنجز بسواعد مغربية خالصة من مهندسين وعمال بناء، شملت حتى الآن صيانة وترميم المعلمة وتهيئة الفضاءات وإنشاء مساحات وفضاءات للعرض والتنشيط الثقافي. وأبرزت في السياق ذاته أن المشروع يهدف إلى ترميم وإنقاذ المعلمة من كافة الإشكالات التي كانت تعاني منها من تشققات وانهيارات وفق المناهج المتعلقة بالترميم المعمول بها دوليا والتي تحترم خصوصية كل مبنى. ولإضفاء جمالية خاصة على المعلمة، استقر القائمون على المشروع على استعمال تراب ملون خاص في عملية الترميم والبناء للحفاظ على اللون الاحمر للمعلمة، والمستوحى من قلاع وقصور منطقة الأطلس، فضلا عن تزيين الأسطح والفضاءات بنقوش فريدة، وترصيع أرضية المبنى بالزليج البلدي الذي تم وضعه ببراعة متناهية ما أضفى على المعلمة جمالية فريدة. وعملت وزارة الثقافة، تضيف السيدة أبرشا، على تقييد المعلمة ضمن اللائحة الوطنية للتراث الثقافي سنة 2018 تكريسا لسياستها الاستراتيجية المرتبطة بحماية وصيانة وتثمين مؤهلات التراث الثقافي الذي يعد قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. والأكيد أن مشروع صيانة وترميم القلعة الحمراء يتوخى، بالخصوص، الحفاظ على الموروث الثقافي بمنطقة الريف عامة وبإقليم الحسيمة على وجه الخصوص والتعريف بهذا بالموروث وتثمينه وجعله رافعة للتنمية المحلية ووسيلة لتنويع المنتوج السياحي الذي يزخر به الإقليم، بما في ذلك السياحة الثقافية والقروية. ومن دون أدنى شك، سيجد سكان الحسيمة والمناطق المجاورة ضالتهم في هذا الصرح المعماري الفريد ذي الحمولة التاريخية الكبيرة والذي من شأنه أن يشكل قطبا ثقافيا وسياحيا واقتصاديا بامتياز يعرف بمؤهلات منطقة أربعاء تاوريرت على جميع الأصعدة.