تباشر لجنة مشكلة من قضاة المجلس الأعلى للحسابات تحقيقات مع مسؤولين بجماعات بإقليم تطوان، تركز على الصفقات العمومية وطلبات العروض التي أعلنت عنها، خلال ثلاث سنوات الأخيرة. وأفادت مصادر أن هناك جماعات سبق أن شملتها تحقيقات وأصدر بشأنها المجلس عددا من التوصيات، سيتم التحقق من مدى تنفيذ مسؤوليها لها. وأكدت مصادر «الصباح» أن هذه المهام الرقابية تأتي في ظل قرارات العزل التي طالت عددا من رؤساء الجماعات بالمنطقة، مثل جماعة بن قريش، وأزلا وأمسا، وأخيرا واد لو، مضيفة أن لجن التفتيش التابعة للداخلية وقفت على خروقات عديدة بهذه الجماعات، شكلت الحيثيات التي استند القضاء إليها لإصدار قرار العزل. وتتعلق الخروقات بشكل عام بتراخيص البناء والإعفاء غير القانوني من الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية، وبعض الصفقات التي فوتت في ظروف مشبوهة، وسيكون على قضاة المجلس تعميق الأبحاث مع المسؤولين بهذه الجماعات من أجل تحديد درجة خطورتها، إذ لم تستبعد مصادر «الصباح» إحالة بعض الملفات على القضاء، بالنظر إلى خطورة الأفعال المرتكبة في تدبير الشأن المحلي بهذه الجماعات. وأكدت المصادر ذاتها أن مسؤولين محليين أنشؤوا شركات بأسماء أقاربهم أو أصدقائهم ويمررون صفقات لهذه الشركات دون أي منافسة، إذ يبتكرون العديد من الأساليب والشروط من أجل إزاحة أي مقاولة منافسة لترسو الصفقة على المقاولة التي يرغبون فيها. وسيطول التحقيق أيضا بعض العلاقات المشبوهة لمسؤولين محليين مع مستثمرين ينجزون مشاريع في مناطق تخضع لدائرة نفوذهم، مثل تراخيص البناء وبعض الوثائق الإدارية التي تمنح خارج القانون والتغاضي عن تحصيل الضرائب المحلية لفائدة بعض المحظوظين الذين تربط المسؤولين علاقات أعمال معهم، كما سيشمل التحقيق عددا من مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إذ سيتم تتبع الموارد المالية، التي منحت لجمعيات دون استفادة الفئات المستهدفة منها. وأشارت مصادر «الصباح» إلى أن التجاوزات في مجال التعمير والتغاضي عنها من قبل المسؤولين المحليين، حولت المنطقة، التي تمتد على طول الشريط الساحلي للبحر الأبيض المتوسط، إلى غابة من الإسمنت لا تراعي أبسط قواعد التعمير. وستهم التحقيقات، أيضا، طرق صرف أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تستعمل في أحيان كثيرة لأغراض انتخابية، إذ تستفيد منها الجمعيات التي تدور في فلك المسؤولين المحليين. ويدقق قضاة المجلس الأعلى للحسابات في 15 مشروعا قدمتها الجماعات الترابية المعنية بالتحقيقات، للاستفادة من دعم المبادرة، وتهم دعم أنشطة التنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي، وتحسين ولوج سكان الجماعات المعنية إلى البنيات والخدمات الأساسية والتجهيزات. وتقرر فتح ملف التحقيق في نفقات المبادرة الوطنية، بعدما تبين أن المشاريع التي تم تمويلها لم تنجح في تحقيق الأهداف المتوخاة منها، إذ ما تزال المنطقة تعرف خصاصا في عدد من الحاجيات الضرورية للسكان، خاصة في المجالات التي تضمنتها المشاريع المستفيدة من الدعم.