أعلن عبد السلام بوطيب الفاعل السياسي والحقوقي، عن ترشحه رسميا لخلافة حكيم بنشماش على رأس الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة. ووجه بوطيب رسالة الى مناضلي ومناضلات الحزب، كشف فيها عن حيثيات ترشحه للامانة العامة للحزب. وهذا نص الرسالة : من عبدالسلام بوطيب، عضو المجلس الوطني لحزب الاصالة والمعاصرة، رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية و السلم– حائز على جائزة "ايميليو كاستلار لحقوق الانسان و البناء الديمقراطي و الدفاع عن الحريات. الى عموم مناضلات ومناضلي حزب الاصالة و المعاصرة، وإلى عموم المتعاطفات و المتعاطفين معه، و الى عموم المواطنات و المواطنين المغاربة. رسالة/ تصريح بالترشح للأمانة العامة لحزب الاصالة و المعاصرة. المؤتمر الرابع. أخواتي اخواني، مناضلات و مناضلو حزب الاصالة والمعاصرة المحترمون ستشهد بلادنا العزيزة في أقل من أسبوعين حدثا سياسيا كبيرا، الا و هو انعقاد المؤتمر الرابع لحزبنا، حزب الاصالة و المعاصرة.وبالرغم من الأزمة الحادة التي مر بها حزبنا في الأشهر الأخيرة، و هي الأزمة التي كادت تأتي على وحدته، فمن المؤكد أن المغاربة قاطبة سيتابعون أطوار هذا المؤتمر، و سيتطلعون الى نتائجه، و سينتظرون أسماء قادته. وفي ذلك دليل على أهمية حزبنا وقيمته في المشهد الحزبي المغربي. كما أن هذا الاهتمام نابع من متابعة المغاربة لشأنهم السياسي، بالرغم مما يبدو من حضور لأحكام سلبية يطلقونها على المؤسسات السياسية ولا سيما الحزبية منها، لكنهم يعرفون ألا ديمقراطية بدون وجود أحزاب تتنافس ببرامجها ومشاريعها المجتمعية ، كما أن اهتمامهم نابع كذلك من كون هذا الحزب الذي يعقد هذا المؤتمر حزب استثنائي، و فريد، في المنشأ، و الصيرورة و المنتهى. حزب ولد في ظروف استثنائية، من أجل مهام استثنائية لكنها مستديمة في الزمن،وجوهر هذه المهام إحداث التوازن السياسي المفقود في المشهد الحزبي، والمساهمة في بناء دولة الحق والقانون من مدخل حقوقي سياسي، لكن علينا أن نقر بأن هذا الكائن السياسي لم يفهم بالعمق المطلوب، نتيجة فرادته، و عدم استجدائه ب"الشرعيات" الواهمة كما هو حال الكثيرين. إضافة إلى عدم استيعاب بعض قادته لكونه إفرازا طبيعيا لمسلسل الانصاف و المصالحة، الذي أبدعه المغاربة باستعمالهم لكثير من الذكاء الجماعي ،إن سوء الفهم الكبير هذا هو الذي فتح المجال أمام بعض السياسيين، وكثير من عموم المغاربة، و للأسف حتى بعض منخرطيه و قادته اليوم، كي يكيلوا للحزب "تهما" مرتبطة بطبيعة ميلاده أو ما أسموه " خطيئة الميلاد" تلك العبارة المسمومة التي يحلو لبعض الشعبويين من خارج الحزب استعمالها، والتي حاربوه بها، وأشاعوها، كذبا،بين الناس، وجعلوها عملة مربحة ...لكن المؤسف، حقيقة، هي أن يتبنى بعض المنتمين لهذا الحزب الخطاب نفسه والأحكام نفسها فيتماهون مع خصومنا السياسيين ، لتكون استراتيجيتهم مبنية على هدم الحزب وادعاء إنعاشه، بل إنهم زادزوا في العلم درجة فأصبحوا يتحدثون عن علاقة الحزب بالدولة وجعلوا خطيئة الولادة أما لخطيئة النشأة..وإذا كان سوء فهم مقاصد الحزب واردا،فإن مثل هذه الأحكام، من داخله، خطيئة لا تغتفر، وسلوك سياسي غير مقبول، ودليل على أن غياب الرؤية يؤدي إلى بؤس التحليل والموقف. ونحن نعبر بوضوح عن رغبتنا الأكيدة في قيادة مشروعنا الحزبي مستقبلا، أجد نفسي مضطرا، لتذكيركم، بأن حديث العقلاء في السياسية يجب أن ينطلق، دائما، من وضع كل الأحداث السياسية التي يتناولها في سياقها التاريخي، و إلا سيتحول الكلام في السياسية إلى مجرد لغو لا طائل من ورائه. الأخوات والإخوة، ، مناضلات ومناضلو حزب الاصالة والمعاصرة ان مناسبة إعلاننا للترشح للأمانة العامة للحزب تستوجب – و بالضرورة – ردا سريعا على بعض المغالطات المرتبطة ب: - سياق نشأة حزبنا؛ - علاقة حزبنا بالدولة؛ - علاقة حزبنا بمحيطه الحزبي وبالإسلام السياسي. قبل أن نضع أمامكم خارطة الطريق لإعادة هيكلة الحزب تنظيميا و تأهيله سياسيا و فكريا، و إعطائه الاشعاع الدولي الضروري خدمة لموقعه عالميا و خدمة لقضايانا الكبرى، و لا سيما قضية وحدتنا الترابية . أولا: فيما يخص ملابسات ميلاد حزبنا ،فليس كما يدعي البعض من خصومنا السياسيين ،أو ممن يتبنون خطابهم داخلنا لأهداف محدودة ومرحلية،في محاولة يائسة منهم لتحريف مرجعيتنا بتهجينها، فإن استيعاب قضية ميلاد حزب الأصالة والمعاصرة مرتبطة أشد الارتباط باستيعاب السياقات الواعدة لتجربة الانصاف و المصالحة التي اختارت العدالة الانتقالية منهجا لعملها و بناء توصياتها. واعتبر ميلاد الحزب من قبل المتخصصين العارفين بمكانيزمات الانتقالات المجتمعية، من المغاربة، و الأجانب، إفرازا سياسيا طبيعيا لمسلسل المصالحات التي عرفها المغرب، و الذي توج بتجربة الإنصاف و المصالحة. كما اعتبر من قبل مؤسسي الحزب، العالمين بكنه منهجية العدالة الانتقالية ، تفاعلا واعيا و إراديا مع توصيات هذه الهيئة في شقها السياسي الحاثة على ضرورة خلق دينامية سياسية مواكبة لمتطلبات و شروط الإصلاحات المهيكلة التي أقدم عليها العهد الجديد. و مع آمال التحديث التي رسمها، و سار عليها. مما كان يستوجب تقديم عرض حزبي مغاير لما كان قائما يستجيب في منطلقاته و مراميه إلى طبيعة تلك المرحلة، و ما حملته من رهانات و تحديات. ان عدم فهم جوهر تجربة الانصاف و المصالحة هو الذي حعل من بعض "المهتمين بالسياسية اختيار الطريق الأسهل و القول إن حزبنا حزب خلقته الدولة على غرار أحزاب أخرى ولدت في سياقات أخرى و لأهداف مختلفة .ومعنى ما سبق أن ولادة الحزب أفرزتها معطيات موضوعية ذات صلة بتحول علم عرفه مغرب الانتقال الديمقراطي الذي كان في حاجة إلى عرض سياسي مختلف جوهره ثقافة حقوق الإنسان ومتهاه المساهمة في ترسيخ دولة الحق والقانون بقيمها المتعددة؛ ثانيا:فيما يتعلق بموضوع طبيعة العلاقة بين حزبنا و الدولة، فلابد من التذكير هنا بما شهده المشهد الحزبي المغربي ما قبل تجربة الانصاف و المصالحة من ترهل لم يشهد له مثيلا من قبل، و يرجع ذلك إلى طبيعة الصراع التناحري الذي عرفه البلد حول السلطة قبل أن يقرر جميع الفرقاء الدخول في تجربة المصالحة ، مما أفرز يسارا منهكا، في مقابل أحزاب أطلق عليها خصومها السياسيون مصطلح الأحزاب الإدارية، وهي تهمة تكاد تشابه ما حورب به حزبنا منذ نشأتهمع وجود الفارق الكبير بين حزب خرج من رحم الانتقال الديمقراطي ومفاهيم الإنصاف والمصالحة وسياقات بروز أحزاب أخرى. لذا نستطيع القول، بكل اطمئنان، إن الكثيرين لم يفهموا كمياءإفراز حزب وبنائه من مدخل سياسي - حقوقي، حزب يتفاعل بشكل واع و ارادي مع أمال المصالحات الثقافية والمجالية، و أمال التحديث التي حملها العهد الجديد منذ 1999، و يهدف إلى المساهمة في إعادة بناء المشهد الحزبي المغربي على أسس جديدة دون الاستناد الى الشرعيات الوهمية، أو ما هو في حكم ذلك. نستطيع،إذن، أن نفهم من خلال هذا التحليل علاقة الحزب بالدولة؛فإذا كانت الدولة قد راهنت على الإنصاف والمصالحة والقطع مع التجارب السلبية، وإذا كان مناضلون يشهد التاريخ بقيمة تضحياتهم من أجل تلك اللحطة الحاسمة، وإذا كانت مقتضيات التاريخ قد اقتضت تقاطع الأهداف النبيلة في تحقيق مغرب ديمقراطي وحقوقي فإن ذلك لايطعن في شرعية الحزب بقدر ما يحسب له حسه التاريخي بوجود إرادة في التحول إلى الديمقراطية، لذلك فإن مناضليه يفتخرون بأنهم كانوا جزءا أساسيا في التأسيس لمرحلة مفصلية في تاريخ المغرب . ثالثا: تتطلب السياسة وجود حلفاء، لكن الحلفاء ليسوا مجرد أرقام، بل مواقف ومرجعيات يحدث بينها الالتقاء في الرؤية والتحليل والاستراتيجيات والأهداف، لذلك نقول إن حزبنا منفتح على محيطه السياسي من داخل المرجعية التي ارتضاها، مرجعية العقلانية والحداثة والعدالة الاجتماعية، أما فيما يتعلق بقضية الإسلام السياسي وموقفنا من ذلك،فلا أملك هنا إلاأن أقول إن الدين لله و السياسة لعباده الصالحين، وإن حزبنا يجب أن يدعو الى الفصل بين الشؤون الدينية والشؤون الدنيوية احتراما للدين نفسه و للفعل السياسي. كما لا يسعني هنا إلا الدعوة لوضع التجربة المغربية تحت مجهر العلم، مع التأكيد دائما أن الحديث في السياسية يستوجب استحضار السياقات التاريخية للأحداث، مما سيجنبنا الخلط بين تجربتنا السياسية - الدينية أي إمارة المؤمنين و مهام وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية، وممارسات الأحزاب المستعملة للدين لمآرب سياسية ضيقة. وكل موقف خارج هذا الموقف، نعتبره رغبة ذاتية في التموقع وإعلان الجاهزية لتقديم خدمة التحالف مع قوى الإسلام السياسي لتحقيق رغبات أنانية ضيقة تتمثل في الولوج إلى انتدابات الحكومة بأي ثمن، وبأي شكل، وتحت أي ظرف، وخارج منطق التمثيل الديمقراطي، ولو على حساب مرجعية الحزب وهويته، وأدواره السياسية والمجتمعية...إننا نرفض أن يصبحنا حزبنا حزب الهجانة السياسية. رفاقي، رفيقاتي، مناضلات ومناضلو حزب الأصالة والمعاصرة في الوقت الذي أعبر لكم عن رغبتي في قيادة مشروع حزبنا بقلب منشرح وبتفاؤل كبير، و أنا أعرف ان أمامي معركة قانونية داخلية يجب أن أخوضها داخل المؤتمر بنجاح مع كل من يهمهم الإنهاء مع مخلفات المرحلة السابقة المتسمة بالتعيين في المكاتب بناء على رغبات عنترية، و وصولي الى سدة قيادة حزبنا (يتعلق الامر بحذف شرط العضوية لدورة واحدة على الأقل بالمكتب الوطني قصد الترشح لقيادة الحزب)، لا نجد حرجا في التذكير بهفوات حزبنا، ذلك أن لكل تجربة سياسية هفواتها، وحزبنا لا يشكل استثناء في هذا الإطار. وبذلك لدينا من الشجاعة الادبية والسياسية ما يكفي للقيام بنقد ذاتي بناء، والقول إن حزب الاصالة والمعاصرة قد أخفق في تنزيل شعاره السياسي وسند وجوده المتعلق بممارسة السياسة بشكل مغاير. وهو فشل قد نجزم بالقول إنه مرتبط،أساسا ،بعدم تحديد مفهوم المسؤولية داخل الحزب وغياب ربط المسؤولية بالمحاسبة. وارتباطا بذلك يمكننا أن نقر بأننا أخفقنا ،كحزب، في تحقيق مجموعة من الأهداف التي اعتبرناها، أساس قدومنا إلى المشهد السياسي الحزبي الوطني، إن لم نقل سند وجودنا واستمرارنا. و هي في معظمها إخفاقات مرتبطة بعدم تحديدنا لهويتنا و كينونتنا و أسباب وجودنا، نذكر منها على سبيل المثال: o إخفاق مرتبط بإعادة الاعتبار للعمل السياسي بمعناه النبيل، عبر تكريس ممارسات سياسية اعتبرناها من الزمن البائد، سبق وأن طبعت العمل الحزبي ببلادنا على امتداد تاريخه. مما نمي في صفوفنا من ممارسات لا أخلاقية يتطلب بعضها مساءلات قانونية؛ o إخفاق مرتبط بالوفاء لمقولة التأسيس المتمثلة في ممارسة السياسة بشكل مغاير في إطار رؤية مرتكزة على جدلية الاندماج والانفتاح. و ذلك راجع إلى عدم اهتمام نخب الحزب بالتكوين ، مما جعل عددا كبيرا من قادتنا مركزيا و جهويا و محليا يسقطون في ممارسات مخلة بالاحترام الواجب لتجربتنا الحزبية و لذواتهم؛ o أخفقنا في الدفع بجيل جديد من الفاعلين إلى الحقل السياسي الوطني، وبإبداع طرق مبتكرة للتواصل مع المواطنين مع تنامي المطلب السياسي والاجتماعي الذي يتطلب التفاعل الخلاق وبالسرعة المطلوبة .مما دفع عدة حركات احتجاجية إلى تصويب فوهات مدافعها نحو صدورنا، مطالبة برؤوسنا قبل رؤوس الفساد؛ o إخفاق مرتبط بمساهمتنا في تخليق الحياة الحزبية والسياسية بما يستقيم وتوجهات الحزب الفكرية والسياسية، مكرسين بعض مظاهر الانحطاط والمحاباة والزبونية في تقليد بعض المسؤوليات. الشئ الذي خلق مجموعات من المنتفعين الصغار و لوبياتضعيفة لم تستطع الدفاع عن نفسها عند أول أزمة تنظيمية حقيقية مر بها الحزب؛ o أخفقنا في الاستجابة لرغبة النخب والفعاليات الجديدة في المساهمة في العمل السياسي من أجل ترسيخ الاختيار الديمقراطي ، و ذلك رغبة من بعض القيادات الانزواء بالحزب لأغراض غير نبيلة، وليست مرتبطة بجوهر الحزب أو بأسباب وجوده. هذا الإخفاق رافقه استشراء العديد من المظاهر السلبية في مفاصل الحياة العامة ببلادنا. كاستشراء الفساد.و اتساع بنيات الفقر والهشاشة والتفاوتات الاجتماعية والمجالية الناتجة عن عجز الحكومات المتعاقبةعن ابتكار الحلول الناجعة. واتساع دوائر الإحباط وسط فئة عريضة من الشباب ،وفقدان الثقة بين المواطنين والمؤسسات التمثيلية ، و انسداد الآفاق وبروز بعض مظاهر التطرف الديني والعرقي. مناضلات و مناضلو حزب الأصالة والمعاصرة المحترمون من منطلق كل ما ذكرته من إخفاقات قد يقول قائل: لا مجال للتفكير، إذن، في إصلاح الوضع. إلا أن ذلك قد يكون استنتاجا مبكرا ينم عن الرغبة في الاستسلام للواقع الهش، وهذا من شأنه أن يسقطنا في فخ العدمية والكفر بشرف المحاولة. فبمجرد أن تقبل بممارسة السياسة في بلادنا وفقا لقواعد اللعب المتوافق عليها، لابد أن تتمتع بمناعة قوية ضد كل مسببات الكفر بالسياسة على اعتبار أنها فعل نبيل. فما العمل، إذن، أمام هذا الوضع؟ في ظل تزايد مظاهر الإحباط وفقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الوساطة الاجتماعية، نعتقد من داخل حزب الأصالة والمعاصرة أننا مطالبون ،أكثر من أي وقت مضى، بابتكار أجوبة مستعجلة على مجموعة من الأسئلة الشائكة تنظيميا وسياسيا ومجتمعيا. وفي هذا السياق، لا نجد حرجا في التذكير بأن رفوف المكتب المركزي لحزبنا بها اجتهادات مهمة جدا لتصحيح مسار حزبنا، و هي اجتهادات تم نسيانها عمدا ، ونعتقد أن إعادة تحيين جزء منها على المستوى التنظيمي، وعلى مستوى الأداء السياسي بغية تجاوز ارتدادات ومطبات الخلاف الداخلي الذي عاش على ايقاعه حزبنا لمدة ليست بالقصيرة مدخل من بين عدة مداخل ذات الفوائد المتعددة لأنها ستسمح بعدم القطيعة المطلقة مع ما أنجزناه خلال السنوات السابقة ، وفي الوقت نفسه تسمح بتحيين قواعد الممارسة تبعا لما جرى من تحولات في السياق السياسي المغربي. الا أن هذه الخريطة تتطلب وجود نساء و رجال يحملون مشروع الوطن في القلب، و مشروع الحزب في العقل، مناضلون لا يسكنهم الوهم، و لا تغريهم إيرادات المناصب الملغومة . ان أول التزام أتقدم به أمام مناضلي و مناضلات حزبنا هو الاشتغال كفريق واحد متعدد الاختصاصات، حيث لا مجال الا للكفاءات السياسية و الفكرية الحقيقية للحزب، و لا مجال للذاتية و اتخاذ المواقف بشكل انفرادي دون الرجوع الى ما تنص عليه قوانين الحزب . ان بناء علاقات ديمقراطية داخل حزبنا على أسس الديمقراطية الداخلية، و بعيدا عن منطق تعيين المقربين و المشعيين، و ترضية الخواطر، صيرورة تتطلب أولا التغلب أساسا على ارث الماضي المتميز في كثير من محطاته بالفردانية و التغييب الكلي للديمقراطية الداخلية، و الاستغناء، بل تهميش الاخر المختلف فكريا و منهجيا ، و ثاني التزامي معكم . هو العمل على توسيع وتنويع عروض العضوية الحزبية وتفعيل وضع المناصرين.و إعادة بناء هيكلة البنيات الترابية والهيئات القطاعية والمهنية للحزب بأسرع وقت ممكن لايقاف النزيف الذي تسببت فيه الاضطرابات التنظمية التي عرفها الحزب أخيرا. ان حزبنا لن يقوي على الاستمرار، و الحفاظ على مواقه الرائدة دون إيلاء النساء و الشباب مواقع متقدمة في هياكل ن الا ان الامر يجب أن يكون مقرونا و بالضرورة بالكفاءة و بالاعتماد على الديمقراطية الداخلية محليا و جهويا و وطنيا حتى نتمكن من قطع الطريق على المهرولين الذين يسيئون الى الفعل الشبابي و النسائي في حزبنا. كما على الفريق الجديد الذي سأقوده إرساء إطار للتخطيط الاستراتيجي في مختلف مهام البرمجة والإدارة والتدبير الحزبي انسجاما والتطور الحاصل في هذا المجال. و لتحقيق كل هذا ، يتطلب منا الامر تعريف مفهوم المسؤولية وإشاعة قيم وثقافة التدبير الديمقراطي للاختلاف. كما تجدر الإشارة إلى أن تفعيل خارطة الطريق ليس بالأمر الهين، نظرا للإرث الثقيل الذي تركه فينا التناوب على موقع الأمانة العامة للحزب منذ فترة التأسيس. إلا أن تفعيلها ليس بالمستحيل كذلك، فيكفي وجود ما أشرت إليه أعلاه من أجل إحداث بعض القطائع الضرورية مع بعض الهفوات التي أساءت للحزب منذ نشأته إلى اليوم. الاخوات و الاخوة، علينا العمل بجد لإعادة الحزب إلى سكته الطبيعية ليقوم بدوره التاريخي والحضاري ، و يكون مستعدا للمساهمة في بلورة و أجرأة مضامين النموذج التنموي الجديد في شكل سياسات عمومية واقعية تساهم في الاستجابة لمتطلبات الفئات الاجتماعية التي تستفد من ثمار النمو . مما سيجعله قادرا على المساهمة في البناء التشاركي للأوراش الكبرى التي تعرفها بلادنا، وهو الإسهام الذي يجب أن يقوم على مبادئ أساسية مستمدة من التوجهات الفكرية للحزب ورؤيته الاقتصادية والاجتماعية بعيدا عن النزوعات التحريفية الغارقة في الانتهازية. و من الضروري أن يكون مؤتمرنا فرصة للتقييم الذكي للمحطات الثلاث السابقة ، و استخلاص الدروس الأساسية منها ، مع أن يصبح خطاب حزب الأصالة و المعاصرة خطابا ملتصقا بمخرجات و توصيات هيئة الانصاف و المصالحة، و أن يكون متسما بالواقعية، والصراحة والعقلانية والروح النقدية المسكونة بهواجس المساهمة في البناء ، سواء مع النفس أو مع باقي الأطراف في الساحة السياسية، مع الإصرار على استقلالية القرار الحزبي و ديمقراطية اتخاذه، والنأي عن العدمية والتبخيس، والاحترام الواجب للأحزاب المتنافسة، واعتماد خطاب يهدف إلى تنمية قيم المواطنة المسؤولة، وتقوية حس التمييز لدى المواطنات والمواطنين بين المشاريع السياسية المختلفة، كما وجب الحرص على النأي بالخطاب السياسي للحزب عن الاستثمار السهل والمدمر في آن واحد؛نقصد بذلك توظيف الخطابات الشعبوية بتلويناتها المختلفة التي نرفض أن يكون بيننا من يتناها ويمارسها . ان كل هذا يتطلب من جميع من خاض تجربة سابقة في قيادة الحزب على مستوى الأمانة العامة أو على مستوي المكتب الوطني ترك الفرصة للعناصر الكفأة و الفعالة التي لم تعط لها هذه الفرصة، او تلك التي تم اقصاءها في التجارب السابقة من طرف من كانت لهم كلمة الفصل في التعيينات و الترضيات ليستطيعوا تشكيل فريق جديد لقيادة المرحلة المقبلة بناءا على العمل الجماعي التشاوري و نبذ كل أشكال الاستفراد بالقرار.و هذا يمر – و بالضرورة - عبر اسقاط المؤتمرين للشرط الاقصائي الذي عمل المستفيدون من الوضعية السابقة للحزب الاحتفاظ عليه خدمة لأوهامهم. لذا أخيرا أعلن التزامي المعنوي والأخلاقي بالعمل الجماعي مع فريق المكتب الوطني المقبل لما فيه خير وطننا و حزبنا. عاش الوطن، عاش الحزب.