اندلعت، مرة أخرى، حرب البلاغات بين عائلات معتقلي الريف وإدارة السجون في المغرب، يتبادل فيها الطرفان الاتهامات، دون أن تتدخل الهيئات الحقوقية الرسمية أو الأهلية. وقالت جمعية «ثافرا» للوفاء والتضامن لعائلات معتقلي حراك الريف الشعبي، إنها في الوقت الذي كانت تنتظر إطلاق سراح باقي معتقلي حراك الريف، تفاجأت بتواتر الأخبار حول استمرار المضايقات والاستفزازات والتعامل القاسي والانتقامي مع المعتقلين، وإن «هذا التعامل القاسي بلغ حد التعنيف الجسدي والنفسي كما حدث للمعتقل صالح الأحمدي، الموجود بسجن «عين عيشة»، والذي تعرض يوم 11 آب/ أغسطس الجاري، إلى اعتداء شنيع لا مبرر له من طرف موظفي السجن. وأكدت في بلاغ أرسل ل«القدس العربي» أن المعتقلين السياسيين على خلفية حراك الريف، خاصة المرحلين من سجن الحسيمة، يعانون باستمرار من الاستفزاز، والتضييق، والحرمان من أبسط الحقوق كالتطبيب والتغذية والفسحة، والتواصل مع عائلاتهم هاتفياً. وأوضحت الجمعية التي يرأسها أحمد الزفزافي، والد ناصر الزفزافي قائد حراك الريف، أن بعض المعتقلين دخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام، كما هو الحال للمعتقل أشرف موديد، الموجود بسجن رأس الماء بفاس، والمحكوم ب 20 سنة سجناً نافذاً، والذي دخل في إضراب عن الطعام منذ 13 آب/ أغسطس، فيما يهدد معتقلون آخرون بالدخول في إضراب عن الطعام في الأيام القادمة ما لم تتم الاستجابة لمطالبهم العادلة كما هو الحال للمعتقل أنس الغازي، الموجود بسجن «رأس الما» بفاس، والمعتقل نبيل أمزاكيدا، الموجود بالسجن المحلي بتاونات، ويتعرض إلى مضايقات من موظفي هذا السجن. وأدانت جمعية «ثافرا» بشدة ما يتعرض إليه معتقلو حراك الريف من ممارسات انتقامية غير أخلاقية ولا قانونية، مطالبة المندوبية العامة لإدارة السجون بالتدخل فوراً وفتح تحقيق في الموضوع، ومحاسبة كل من تورط في تعنيف المعتقلين السابقين الذكر ودعت إلى فك العزلة عن المعتقلين السياسيين: حسن الحجي، وعبد الحق الفحصي، والمرتضا اعمراشا، وحسن بربا، وأشرف موديد، وسواهم من المعتقلين المشتتين على مختلف السجون، وتجمعيهم مع رفاقهم أو ترحيلهم إلى سجون قريبة من عائلاتهم. وأشارت الجمعية إلى أن المعتقل «المرتضى اعمراشا» تعرض إلى مضايقات متكررة من طرف إدارة السجن المحلي بسلا، مطالبة المسؤولين بالوقوف على حقيقة هذه الاستفزازات والمضايقات التي تزيد من معاناته مع العزلة القسرية المفروضة عليه. ونبهت الوطني لحقوق الإنسان إلى ضرورة الوفاء بالتزاماته ووعوده التي قطعها مع المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، وفي مقدمتها توفير حافلة لنقل العائلات في الزيارات، وتتبع وضعية المعتقلين داخل السجون ورصد الانتهاكات التي يتعرضون لها، والوقوف على تنفيذ الوعود التي تقدم للعائلات. وأصدرت المندوبية العامة لإدارة السجون بلاغاً اتهمت فيه عائلات المعتقلين بالاستفزاز أثناء زيارة المعتقلين أيام عيد الأضحى، وقدمت من خلالها بعضاً من الأمثلة للتأكيد على أنها ضاعفت من جهودها لتمر عملية زيارة أسر المعتقلين لهم ومدهم بقفف العيد دونما مشاكل. لكن رغم ذلك، ظهرت مشاكل جعلت الزيارة أو اللقاء مستحيلاً، وهذا حال شقيقة المعتقل (م،م) التي لم تقدم ما يثبت أنه شقيقها، إضافة إلى منع شخص من زيارة معتقل على خلفية حراك الريف، لا تجمعه به أية قرابة عائلية. وأوضح البلاغ: «رداً على ما تم تداوله بعدد من المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بخصوص زيارة عائلات المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة بالسجن المحلي طنجة، إن سيدة تقدمت إلى إدارة هذه المؤسسة السجنية تدعي أنها شقيقة النزيل (م.م)، دون أن تدلي بما يثبت ذلك قانونياً. وبناء عليه، تم منعها من زيارته وفقاً لما ينص عليه القانون المنظم للمؤسسات السجنية. كما قامت إدارة المؤسسة بمنع زيارة المعتقل السابق أنس الخطابي للنزيل (ر.أ)، نظراً لعدم وجود أية صلة قرابة بينهما. وأضافت مندوبية السجون أنه تم السماح لوالدة النزيل (ص.أ) (صالح الأحمدي) بزيارة ابنها رغم عدم توفرها على البطاقة الوطنية الخاصة بها وتقديمها لوصل تجديد هذه الأخيرة فقط، وذلك تيسيراً من الإدارة لإتمام العملية، دون تسجيل أية احتجاجات، كما زعمت بعض الجهات التي تستغل قضية هؤلاء النزلاء لخدمة أجندات لا تمت بصلة إلى ظروف اعتقالهم. وقالت إنه نظراً للإقبال الكبير على الزيارة وجلب قفف العيد، فقد عملت إدارة هذه المؤسسة على مضاعفة جهودها حتى تمر هذه المناسبة في أحسن الظروف، مراعية الطابع الاستثنائي لهذه المناسبة، لكن من دون خرق للمقتضيات القانونية والتنظيمية المنظمة للمؤسسات السجنية». تبادل الاتهامات جاء في ظل أجواء إيجابية لحل أزمة حراك الريف وحديث أوساط حقوقية عن تدخلات لإصدار العاهل المغربي الملك محمد السادس، بمناسبة عيد ثورة الملك والشعب وعيد ميلاده، عفواً عن معتقلي الحراك، وبعد تصريح للمعتقل نيبل أحمجيق، الملقب ب «دينامو الحراك»، توعد فيه أن «يعلن المُعتقلون عمّا قريب عن مواقف راديكالية، ستسمّي «الأشياء بمسمياتها». وأكّد أحمجيق، في اتصال نقله شقيقه محمد أحمجيق، أنّ «الجهات العليا الماسكة بخيوط ملف المعتقلين لا تريد أن تلين، ولا نية لها في البحث عن مخارج لحل الأزمة في الأمد القريب؛ بل على النقيض من ذلك.. لا تريد في مسعاها هذا إلا صب الزيت على النار». وحذرت هدى السكاكي، زوجة الحبيب الحنودي المعتقل على خلفية حراك الريف، من حصول ما لا يحمد عقباه من معتقلي الحراك في السجون، وقالت في رسالة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي)، إن تخلي المجلس تجاه المعتقلين «يجب استداركه؛ لأن ما قد سيأتي من السجن هذه المرة لن تحمد عقباه».