برنامج دعم مسلسل " المشاركة الديموقواطية بالمغرب " الذي حاول , بتنفيذه من طرف الفضاء الجمعوي , جس نبض الواقع الديموقراطي في ثلاثة أقاليم وهي وجدة والعرائش والحسيمة , شارف على نهايته في أواخرشهر يونيو , بعد أن واكب عن كثب هيكلة هيآت المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع الإجتماعي التي تساهم وتساعد المنتخبين المحليين في وضع الأصبع على مكمن المشكل بمدهم بما يسمى بالآراء الإستشارية . وبعد أن واكب كذلك تشكل فضاءات المشاركة الديموقراطية المفروض والمنتظر أن تكون صاحبة القوة الترافعية . كل هذا في إطار تكويني وتأهيلي للعنصر البشري المتواجد هنا والآن للقدرة على الفاعلية الإيجابية للمشاركة في بناء الواقع وللممارسة المواطنة حقوقا وواجبات . يبقى السؤال : هل هذا المولود الديموقراطي سيصمد وينمو الى أن يقوم بذاته وبكل مقوماته ؟ , أم أنه سيكون مولودا غير مكتمل النمو , وما أن ينزع عنه أنبوب الدعم والرعاية المباشرة سيموت؟ . الديموقراطية التشاركية تتكون من مفهومين فلسفيين حداثيين تقوم فلسفتهما على المساواة وتكافؤ الفرص في التعليم والشغل والوصول الى المراتب وعلى مبدإ العدالة الإجتماعية .... من أجل تجميع القدرات والإسهامات في تطوير العيش وتحقيق الذات والرقي بالوعي , وتحقيق المواطنة النشطة المطلعة والعارفة كما يقول ديوي . بحيث إن الديموقراطية في منهجيتها السياسية لا يمكن أن تخضع للممارسة بلا مقاربة تشاركية تتسع للجميع ولكل الإختلافات والتعددات , والمقاربة التشاركية لا يمكن أن تجمع وتؤلف بلا ديموقراطية . فهل يمكن تجريب هذه الديموقراطية التشاركية في كل مكان , وحسب كل الموروثات السوسيوثقافية ؟ وحسب العقليات الجمعية ؟ وحسب الذاكرات التاريخية ؟ يمكن للتجربة أن تنجح في فاس مثلا , وتفشل في الحسيمة نظرا للخصوصية الكفاحية والمقاوماتية لهذه الأخيرة . الناس في الحسيمة تربيتهم قائمة على رمزية المقاومة , ولايحبذون كثيرا النضال الناعم الطويل المدى . يعتبر جون ديوي أن الديموقراطية تتوقف على مدى انخراط الآخرين في لعبة التأثير والتأثر داخل دائرة المجتمع الذي بدوره يجب عليه أن يتأثر ويؤثر في دائرة المجتمعات الأخرى . وأنها ليست نظاما سياسيا فحسب بقدر ما يعتبرها أسلوبا حياتيا تربويا بالدرجة الأولى , بعيدا عن العشوائية والقدرية . وبالتالي فلا يمكن القول بالديموقراطية التشاركية قبل الديموقراطية التربوية . ولا يمكن لنسق بشري أن ياكل من ثمار شجرة الديموقراطية التشاركية إلا إذا غرس جذورها في هذا النوع من الماء الديموقراطي النظيف . المجتمع المغربي عموما , لا يمكن وصفه بالديموقراطي حسب منظور جون ديوي . ذلك لأن التعليم في المغرب متخلف وتقليدي ولا يتبنى المقاربات الحديثة القائمة على تنمية المهارات الديموقراطية المبنية على التشارك والإبداع والإقتراح , وفاشل ديموقراطيا , وبالتالي فإنه ينتج أجيالا من المتمسكين بالكراسي . الفردانيين والنرجسيين والمستحوذين الذين لا يؤمنون إلا بذواتهم . وبالرغم من ذلك يريد أن يكون ديموقراطيا بين عشية وضحاها ! يقول بها .. يصف نفسه بها .. يحاول أن يطير بأجنحتها عاليا .. ولكنه يسقط على أم رأسه .