أحيانا ما تنكشف بعض الحقائق الكبرى من خلال قضايا ووقائع صغيرة، فقبل سنوات وخلال التحضير لمباراة في كرة القدم بين الجزائر ومصر، وصل هذيان الدعاية المصرية إلى حد التهجم على الشعب الجزائري ونعته ب"البربر "، البربر طبعا في مقابل "الفراعنة" الذين يعتبرون بلدهم "أم الدنيا"، سقطت جميع الأقنعة القومية وسقطت أسطورة "الأمة العربية" و"الوطن العربي" في البحر، وصار الجزائريون "بربرا"، أي أنه في لحظة حقيقة ظهر ما تخفيه النفوس . فى هذه الأيام حدث نفس الشيء مع السعودية التي ساندت مبدئيا أمريكا ضد المغرب وصوتت لها، اختفت كليا شعارات "الأمة الإسلامية" و"الأمة العربية"، وحلت محلها عقلية قريش القديمة، القائمة على الأنانية والهيمنة والحرص على المصالح المادية قبل كل شيء. طبعا نحن نتفهم موقف السعودية وبلدان الخليج، فهي مجرد ضيعة أمريكية تحميها الدولة العظمى من الخطر الشيعي، إذ لولا أمريكا لكانت إيران بلد الحضارة الفارسية العريقة قد اجتاحت العشائر البدوية ومحتها من الخريطة. ونعلم أيضا أنه لولا البترول لما أعطت أمريكا أي اهتمام لبقع صحراوية قاحلة ومعزولة عن العالم، ولكن يسعدنا نحن الأمازيغ أن الكرة ساهمت في إسقاط الأقنعة والأوهام والخرافات القرشية، وسيكون على المغاربة أن يتعلموا الدروس تلو الدروس في الأيام القادمة.