ككل فئة من فئات مجتمعنا،للتلميذ في بوادي إقليمالحسيمة ،نصيب أيضا من المعاناة والتحديات التي يواجهها كل يوم في مساره الدراسي، منها ما يتغلب عليها ومنها من يتكيف معها لتصبح جزءا من حياته اليومية ومنها ما تنال منه قتقطفه كزهرة من حدائق التمدرس لتلفضه الى الهامش والى أحضان المجهول. ولأن المؤسسات التربوية الموازية القادرة على احتضان هذه الفئة واعادة ادماجها في المجتمع شبه منعدمة ،بل منعدمة في العالم القروي فإن الشارع يصبح حقل ألغام قابل للإنفجار في أي لحظة بشكل أو بآخر وتؤكد هذا إحصائيات المجلس الاعلى للحسابات حيث تقر بأن ما يزيد عن 41 ألف تلميذ وتلميذة بالنسبة للتعليم الأساسي يغادرون أقسامهم سنويا ، وما يزيد عن 58 الف بالنسبة للسلك الإعدادي الثانوي و 8 آلاف بالنسبة للتعليم الثانوي التأهيلي ..والحديث هنا عن العالم القروي حسب إحصائيات رسمية قام بها مجلس جطو سنة 2016 . أرقام تبين جليا ان الشارع المغربي يحوي جيوشا من الشباب المنقطع عن الدراسة والفاقد للأمل في الحصول على وظيفة او عمل قار يسد به حاجياته المختلفة اللهم استغلاله لا قانونيا بسوق العمل في أحسن الأحوال، او القذف به الى غياهب التهميش والاقصاء والبطالة وتغذية سوق الإجرام، لتنكشف بذلك عورات المخططات والاستراتيجيات من الميثاق الوطني للتربية والتكوين الى المخطط الاستعجالي ثم الرباعي الذين صاح في وجههم الواقع معلنا زيفهم وفشلهم في اصلاح المنظومة التعليمية وتكذيب شعاراتهم من قبيل وضع مقاربة وقائية عبر إرساء خلايا اليقظة خاصة في العالم القروي، ووضع عدة برامج منها: برنامج المواكبة التربوية لفائدة التلاميذ المتعثرين، وبرنامج الدعم التربوي، وبرنامج الدعم الاجتماعي، وبرنامج تأهيل المؤسسات التعليمية وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع البناءات المدرسية ،هذ الشعارات الفاقدة للارادة الحقيقية والنجاعة المطلوبة والتي لن تكون كذلك الا من خلال استحضار الإرادة الحقيقية في دراسة شاملة يسهر عليها أهل الاختصاص ترصد فيها المشاكل الهيكلية (بيداغوجية ،ديداكتيكية ، لوجيستيكية ، جغرافية ،اجتماعية ...) ومشركة في ذلك الهيئات والجهات المرتبطة بالقطاع من أجل بلورة مخطط واقعي ومتكامل يأخذ بعين الإعتبار كل التحديات والرهانات ثم تتبعه ومصاحبته بشكل دائم ومستمر ...عوض التنظير الفوقي والإرتجالية وهدر الزمن وهدر الموارد البشرية والمالية وتلويث القطاع بالصراعات السياسية التي لا تنتج غير الويلات وتعمق جراح ازمة المدرسة والتلميذ والآباء ومعهم المجتمع. ولنمذجة هذا الحديث، ارصد في مقالي هذا بعض من المشاكل التي يتخبط فيها التلميذ بجماعة مولاي أحمد الشريف إقليمالحسيمة وقم بإسقاط ذلك ان شئت على أي بقعة شئت في هذا الوطن الجريح . التلميذ هنا بالإظافة إلى مشكل التدفئة ،وقساوة المناخ الذي تضطر معه المؤسسات الى غلق ابوابها في كثير من الاحيان ،يعاني من الغياب التام للمرافق الرياضية، التربوية ،والثقافية (دار الشباب .ملعب القرب...) التي من شأنها تأطيره في أوقات فراغه ما يجعله عرضة لشتى انواع الظواهر السلبية من استغلال وهجرة وتدخين وتعاطي للمخدرات ،خاصة وان المنطقة في الآونة الأخيرة تعرف اجتياح غير مسبوق للمخدرات الصلبة و القوية اذ اقتحمت اسوار المؤسسات عبر شبكات تستغل حاجة وبراءة التلاميذ ، لتخترق هذه الآفة حتى التلميذات حسب ما يروج وسط التلاميذ ...الأمر الذي جعل بعض العائلات تفضلن بقاء فلذات كبدهن بالمنازل على ان يصبحن عرضة للإدمان والانحراف وهذا ان صح فانه بمثابة ناقوس الخطر يستدعي التدخل العاجل والفوري لكل من له غيرة على أبناء مجتمعه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان . عامل البعد عن المركز تحدي آخر رافقنا نحن طيلة ايام تمدرسنا خاصة السلك الأساسي والاعدادي وأستحضر هنا مثل شعبي مغربي نقول فيه "جات تكحلها ساعة عماتها " الذي ينطبق على قطاع النقل المدرسي الحالي فمشكل الخصاص في حافلات النقل المدرسي -إذ أن حافلة ال 25 مقعدا أصبحت تحمل تقريبا 50 تلميذا في وضعية تفتقد لأدنى شروط السلامة وبدون مرافق للسائق - ينضاف اليه المئة وخمسون درهما التي حددتها الجمعية المسيرة "الجمعية الخيرية الإسلامية نبراس " كواجب أداء شهري أثقلت به كاهل الأسر الفقيرة خاصة من لها ابنين او اكثر، في حين وحسب علمي بالجماعة المجاورة إساكن تم تحديد الواجب الشهري في خمسون درهما ، بل وكثيرا ما يتم حرمان التلاميذ الذين لم يستطيعوا اداء الواجب الشهري في الوقت المحدد من استغلال النقل الى حين أدائهم، وهنا اتساءل باستغراب عن حقيقة هذا الاسم العظيم الذي تحمله هذه الجمعية ؟! خصوصا وانها تتلقى دعما مهما من عدة جهات معروفة . ناهيك عن مشكل عدم الاستفادة من برنامح "تيسير" على غرار الجماعات الأخرى والذي يتلقى فيه التلميذ من 60 إلى 100درهم حسب المستويات بالنسبة للسللك الاساسي و140 درهم بالنسبة للسلك الثانوي الإعدادي علما ان مؤشر الفقر مستفحل بهذا المنطقة ولا يتجاوز 30% . عدم ربط المؤسسات التعليمية بالماء الصالح للشرب وبالتالي انعدام المرافق الصحية بالمؤسسة واقع يومي مرير يواجهونه التلاميذ مكتفين بالواد كمرحاض ، اما التلميذات فعليهن الا يفكرن في ذلك ما دمن بالمؤسسة . غياب التطبيب والطبيب بشكل عام في الجماعة أصبح عادي ومتكيف معه لدرجة كبيرة في ظل صمت رهيب من المجلس الجماعي السابق ولا الحالي اللهم محاولات لم تصغى لها اذن من طرف بعض الجمعيات بالجماعة ... فالحقيقة ان للتلميذ معاناة لا يراها الكثيرون وربما ذلك راجع لكون التلميذ حلقة ضعيفة وما ان احتج او عبر عن رأيه احتقرناه او وصفناه بالمشاغب وهلم وجر من الاوصاف ،غير آبهين له وبما يريد ان يعبر عنه من جهة وخذلانه من طرف من وكلت لهم مهام حماية مصالحهم من جهة أخرى... لكني اخترت اليوم ان أكون لسانه وسأصدح قائلا : انا ذاك التلميذ الذي أؤدي واجباتي السنوية ،أدفع ثمن التأمين والرسوم واقتطع من فقر أبي ثمن مستلزماتي الدراسية و واجب أداء النقل المدرسي لأغامر في لا سلامته بحياتي، واتحمل بجسدي الضعيف موجات البرد القاسية انا نفسه الذي حرمت من الجودة والسلامة في التنقل وحرمت من التدفئة والتغذية وبرنامج تيسير والتطبيب ومن المرافق و الأنشطة الموازية .فرفقا بنا !! ساعدونا على البقاء داخل أقسامنا وأن نكون جيلا صالحا مبني على اسس التربية الصحيحة والقيم الوطنية والاخلاقية وان نكون جيلا منفتحا على العصرنة والديموقراطية متسلحا بالمعرفة والعلم لا بالحقد والكراهية وفقدان الثقة . محمد الحموداني/ فاعل جمعوي