قالت صحيفة الغارديان البريطانية، ان أعدد المهاجرين السريين الذين يَنطلقون من شمال المغرب عرف ارتفاعاً حاداً، مُشيرة الى أن مصالح الانقاذ البحري باسبانيا منشغلة في هذه الفترة أكثر من المعتاد، لانقاذ المهاجرين الذين يُخاطرون بين أمواج المتوسط . واضافت الصحيفة ان السلطات الاسبانية اوقفت أمس الأربعاء في مياه المتوسط ما يُقارب 600 شخص على متن ما يزيد عن 15 قارب بمختلف الأنواع، وهو أكبر عدد يُسَجّل لدى مصالح الانقاذ باسبانيا منذ سنوات. ويَستعمل أغلب المهاجرين القوارب المطاطية أو الخشبية، فيما يَستعمل أخرون الدرجات المائية للوصول الى يابسة اسبانيا. وعزت الصحيفة هذا الارتفاع المهول في عدد المهاجرين الى الأوضاع التي تشهدها منطقة الريف شمال المغرب التي تعتبر نقطة انطلاقة للمهاجرين، لاسيما أن عدد مهم من الموقوفين لدى السلطات الاسبانية يَنحدرون من هذه المنطقة، واختاروا القوارب هروباً من المتابعات الأمنية، وفي هذا الصدد قال عبدو وهو من أبناء الريف في تصريح للغارديان: "إننا نفضل الموت عن البقاء هناك.. يحدث الموت مرة واحدة ولكننا نفضله عن البقاء في المغرب". وانطلق عبدو وهو نموذج للمئات من الشباب الريفيين الذين اختاروا هذا الطريق أو تحذوهم فكرة اختياره، من سواحل الحسيمة عبر قارب مطاطي اشتراه رفقة رفاقه بمبلغ 4000 درهم. واضاف عبدو: "ما يهم هو أنني غادرت المغرب، لا شيء آخر مهم، كنا نعاني من الكثير من الخوف، لأن البحر كان أحيانًا هادئًا، وأحيانًا ليس هادئ"، متابعًا: "هناك حرب، إن دولة المغرب في صراع مع الشعب الريفي، ليس الوضع مثل سوراة، لكنهم يعتقلوننا لأسباب سياسية، ليس هناك حقوق، ولا اقتصاد، ولا أي شيء". زكرياء البالغ من العمر 30 سنة، وهو من أبناء الحسيمة أوضح من جانبه للغارديان أن طائرة هليكوبتر انقذته الأسبوع الماضي بعد أن رصده خفر السواحل مع آخرين يحاولون عبور المياه المتلاطمة فى قارب آخر قابل للنفخ، قائلاً: "كنت خائفًا، إن لم تأت المروحية كنا سنموت". كما التقت الغارديان بشقيقان، أعمارهما 28 و19 عامًا، وابن عمهما، يبلغ 21 عامًا، وينحدرون من منطقة الريف، حيث حكوا كيف كانت مدينتهم الحسيمة مسرحًا لمسيرة مليونية، وكيف استخدمت القوات المغربية الهراوات والغاز المسيل للدموع لقمع المتظاهرين. وقال هؤلاء الشبان للصحيفة أن رحلتهم استغرقت ست ساعات لمسافة 105 أميال من الحسيمة إلى موتريل على الساحل الجنوبى لإسبانيا على متن دراجة مائية، وقد احتجزوا لمدة يومين لدى مصالح الأمن قبل نقلهم إلى مركز اللاجئين في الجزيرة الخضراء . وفي السياق ذاته تحدثت الصحيفة البريطانية عن وجود ضغط كبير على مراكز اللجوء باسبانيا، موضحة نقلاً عن مصدر من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن السلطات الاسبانية تكافح من أجل مواجهة هذا الموقف، مُضيفة أنه نظرًا للارتفاع الحالي، لا توجد هياكل وإجراءات ملائمة للتعامل مع عدد أكبر من الوافدين، ومعرفة متطلبات الحماية الدولية وغيرها من احتياجات الحماية". واشارت الغرديان الى أنه يوميًا تصل بين 3 إلى 4 حافلات خضراء داكنة إلى طريفة لنقل الوافدين الجدد إلى مدينة الجزيرة الخضراء، حيث يقع مركز ايواء اللاجئين الذين يَصلون من المغرب وبينهم مهاجرين من دول جنوب الصحراء و شبان من منطقة الريف الأمازيغية، وتعمل مصالح الصليب الأحمر وهي أحد المنظمات غير الحكومية الناشطة في الجزيرة الخضراء، على تقديم ثلاث وجبات يوميًا ومكانًا للنوم، كما توفر قاعات للاعلاميات لفائدة الأطفال. وقالت مصادر الغارديان ان طالبي اللجوء قد ينتظرون من ستة أشهر إلى عامين للبت في ملفاتهم، لاسيما في ظل تزايد عدد طلبات اللجوء مما يَزيد من وقت معالجة هذه الطلبات واتخاذ القرار بشأنها.