طوال السنوات الماضية، تطرق فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، بالحسيمة، للعشرات من الملفات التي بينت أوجه الإختلال فيها، وكان أخر ما تطرقت له الهيئة من إستنزاف الثروات السمكية، وقبلها بأيام ملف المشاريع التي أنجزت بعد زلزال الحسيمة 2004، لكن بقيت مغلقة ومعطلة عن تقديم الخدمات التي من المفترض أن تقوم بها. وفي هذا التقرير الموجز، تسلط الهيئة، الضوء على القطاع السياحي بالإقليم، وبالتحديد على المشاريع السياحية المعثرة، والتي لم تخرج إلى حيز الوجود، ولعل، الحافز الأهم الذي يدفع في إتجاه تناول هذا الشق (السياحي)، بالرصد والتتبع والمراقبة، كون الحسيمة تصنف ضمن المناطق السياحية، وبالنظر إلى أنه في سنة 2009 أعطي الضوء الأخضر، لخلق منطقة سياحية جديدة NZTC، ضمن المخطط الأزرق، والتي تم الاعلان عنها بالتحديد في 24-07-2008 من طرف وزارة السياحة، وزارة الاقتصاد والمالية، وزارة التجهيز والنقل، وزارة السكنى والتعمير وإعداد التراب الوطني، و كتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة، والمندوبية السامية للمياه والغابات، بالإضافة إلى وكالة تنمية الأقاليم الشمالية. وفي سنة 2013 تم المصادقة على المشاريع المعنية، والتي تخص بالأساس منطقة "كلايريس" من طرف وزارة السياحة، وولاية جهة الحسيمةتازةتاونات وجهة الحسيمة، غير أن هذه المشاريع بقيت حبرا على ورق، ولم تعرف طريقها إلى التنفيذ إلى حدود كتابة هذا التقرير، أكثر من ذلك، وحسب المعطيات المتوفرة لدى الهيئة فمشاريع "كلايريس" قد ألغيت ونذكر منها على سبيل المثال أهم المشاريع السياحية: مشروع كلايريس بعد تفكيك مخيم كلايريس الذي كان يدر، على خزينة الجماعة حوالي 50 مليون سنتيم سنويا، رغم الاختلالات التي كانت تشوب المداخيل وباعتبارها الوجهة الوحيدة للساكنة لترويج سلعها ومنتوجاتها الفلاحية للوافدين على المنطقة من كل أرجاء الوطن، استبشرت الساكنة خيرا بهاته المشاريع، علها تفك العزلة والتهميش على المنطقة، وتفتح آفاق جديدىة لأبناء المنطقة، لكن مع مرور الأيام تبخر الحلم، و لم يبقى أمامهم لا المخيم، ولم تنجز المشاريع الكبرى التي خصص لها عقار مساحته 340 هكتار، وقدرت كلفة الإنجاز بحوالي 2.000 مليون درهم لأنجاز: 1 سبعة (7) وحدات فندقية من صنف 5 نجوم، و ملعب للكولف، ومارينا، وإقامات سياحية كانت ستوفر في المجموع طاقة إيوائية تقدر ب7500 سرير. 2 فندق تحت الماء Hotel sous-marin بغلاف مالي يقدر ب 250 مليون درهم . 3 تثمين قرية الصيادين بكلايريس Valorisation du village de pèche de cala iris بغلاف مالي يقدر ب 40 مليون درهم. هذا تم في الوقت الذي، سبق لمستثمرين، إسبان أن أبدو رغبتهم في سنة 2000 للاستثمار في هذه المنطقة بالتحديد، بعد أن بادر أحد أبناء المنطقة بتشجيعهم، غير أن هؤلاء وجدوا عراقيل كبيرة حالت دون تمكنهم من ذلك، إلى أن تم الإعلان عن عزم كل من شركة "ميد زيد"، ومجموعة "بالموري"، وبنك التجارة الخارجية عن عزمها إنجاز المشاريع المشار إليها أعلاه، لكن وكما بينا لم يتم إنجاز هذه المشاريع. أما بخصوص المشاريع التي كان من المزمع إنجازها بمدينة الحسيمة فهي كالتالي: 1 تأهيل المسالك السياحية Développement descapades touristique a alhoceima بغلاف مالي يقدر ب 1 مليون درهم . 2 مخيم من الدرجة الأولى بالمنتزه الوطني Glamping au Parc nationale dal Hoceima بغلاف مالي يقدر ب 3 مليون درهم. 3 مأوى من الصنف الممتاز Gite panda بغلاف مالي يقدر ب 3 مليون درهم. 4 تجهيز وتسيير مركز الاستقبال السياحي Equipement et gestion des MPAT بغلاف مالي يقدر ب 6,8 مليون درهم. 5 تأهيل مآوي سياحية قروية طبيعية Création dune offre dhebergement بغلاف مالي يقدر ب 3 مليون درهم . إنها مشاريع كبرى لم يكتب لها أن تترجم على أرض الواقع، وبالإضافة إلى إهدار فرص الإستثمار في القطاع، فإن الهيأة ترى بأن هناك وجه من أوجه هدر للمال العام، حيث أن هذه المشاريع حتى وإن لم تخرج لحيز الوجود فهي كلفت أموالا، بالنظر إلى الإجتماعات التي كانت تعقد لأجلها، والتي فاقت 50 إجتماعا، والتنقلات التي صاحبتها أيضا، والأهم من ذلك هدر الزمن التنموي إن صح التعبير. مشاريع وردت في إتفاقية الشراكة المرتبطة ببرنامج التنمية المندمجة للسياحة القروية والطبيعية بالحسيمة . بعد تفكيك ثاني مخيم "بكلابونيتا"، الذي كان يدر على خزينة الجماعة المحلية للحسيمة حوالي 15 مليون سنتيم، رغم الإختلالات التي كانت تشوب مداخيله، وبصفته الوجهة المفضلة لدى السياح الوافدين على مدينة الحسيمة، كما لا ينكر أحد دوره في التنشيط الاقتصادي، تم إنشاء مركز الاستقبال السياحي بغلاف مالي يقدر ب120 مليون سنتيم، مازال هذا المركز مغلق منذ 6 سنوات، وتعرض للخراب مرات عديدة، وتسائلنا في الهيئة عن سبب الإغلاق، ولم نتلقى جوابا على المستوى المحلي من المسؤولين عن القطاع، وعند ربط الإتصال بمسؤول بالشركة الوطنية للهندسة السياحية ما كان جوابه سوى أن هناك ( شلاّ ) من المراكز بالمغرب من هذا الصنف مازالت مغلقة، وأنه على مستوى الحسيمة لم يجدوا شريكا لإبرام اتفاقية شراكة معه . مشاكل السياحة بالحسيمة تتفاقم يوم بعد يوم : بعد تفكيك القرية السياحية club méditerrané التي كانت تشغل أزيد من 400 عامل من مختلف الأصناف، وتؤمن 7 رحلات جوية في الأسبوع تربط فرنسا وبلجيكا بالحسيمة، وتستقبل 1500 سائح كل أسبوع، و تنشط الحركة الاقتصادية على مختلف المستويات، تضررت الأنشطة المرتبطة بالتوافد السياحي بالمدينة بشكل كبير. فالبازارات التي كانت تعج بها الحسيمة، تعرف في الوقت الراهن كسادا كبيرا، نفس الشيء ينطبق على حركة النقل والمنتوجات المحلية التي كانت تسوق داخل القرية. وبعد أن أصبحت المنطقة مهجورة، ومع توالي الأيام وقعت مجزرة تاريخية بغابة السواني حيث تم إجتثاث أشجار الغابة المذكورة، بدعوى إنجاز قرية سياحية نموذجية بغلاف مالي يقدر بحوالي 1540 مليون درهم، لكن مع توالي الأيام إتضح المستور، حيث توقفت الأشغال، بهذه "القرية"، لدواعي أن الشركة التي تقوم بالبناء لم تتوصل ببعض مستحقاتها التي تقدر ب 45 مليون درهم المتراكمة على صاحبة المشروع صندوق الإيداع والتدبيرCDG ، كما أن المشاريع التي تنجز بالسواني، باتت تعرف إحتجاجات عديدة، وأكد المحتجون من العمال، أنهم عرضة لتلاعبات كثيرة، ذكروا منها عدم الإفصاح عن عدد أيام العمل الحقيقية في الأسبوع، والشهر، لدى مؤسسة الضمان الإجتماعي، كما لا يستفيدون من المنح الخاصة بولادات الأطفال والعطل . المندوبية الاقليمية للسياحة : تشكو المندوبية، قلة الموارد البشرية، حيث لا تتوفر على معطيات دقيقة تتعلق بالمشاريع السياحية، و موقعها لا يؤهلها للعب الدور المنوط بها . وبحسب ما أفاد به أحد المستثمرين الأجانب الهيئة، فإنه لا يمكن الاستثمار في السياحة بالنسبة لوجهة الحسيمة، فيما يخص الرحلات المنتظمة، كون ثمن الفنادق بالحسيمة يفوق بمرتين ثمن الاقامة بفندق في الجارة الإسبانية على سبيل الذكر مدينة "ماربيا" . على ضوء هاته الاختلالات نطالب الجهات الحكومية المسؤولة بإعتماد معايير النجاعة والمردودية، حماية للمال العام من الهدر، فالحكامة الجيدة تفرض مما تفرضه من عقلنة الزمن، بصفته عنصرا مكلفا بل أصبح التحكم فيه طريقا معبدا نحو التنمية المستدامة وإذ تضع الهيئة هذه الإختلالات بين أيدي الرأي العام، فإنها تؤكد على مواصلتها الرصد والتتبع للمشاريع السياحية بالإقليم وستحاول التطرف في تقرير قادم لبعض المشاريع السياحية داخل مدينة الحسيمة التي تحتاج إلى تناولها بتفصيل كما هو الشأن للوحدة الفندقية محمد الخامس وكيمادو. ملحوظة : المغرب فشل في تحقيق رؤية 2020 والتي تستهدف استقبال 20 مليون سائح وهذا راجع لإلغاء مجموعة من المشاريع السياحية . المغرب يحتل المرتبة الاولى من حيث عدد الزوار الى افريقيا والشرق الأوسط والثاني عربيا بعد السعودية برسم سنة 2015 . تقاسمت وجهة مراكش واكادير 60 % من الوافدين ألى المملكة . السياحة في المغرب تشكل نحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي حسب آخر تقرير للمنظمة العالمية للسياحة . تقرير الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالحسيمة.