أتدري ماهو الجحيم ؟ إن الجحيم هو.. ألا تستطيع أن تحب! __________ دوستويفسكي أنت مخطئ، مخطئ جدا يا صديقي دوستويفسكي، ربما لو بقيت حيا إلى عهدنا هذا ، وإنتقلت من مدينة "أمس" أو "بطرسبورغ" حيث كتبت رواية "الليالي البيضاء"، _وإنتقلت_ للعيش في إحدى مدن هذه البلاد الأمينة المسماة بالمغرب، كنت ستغير رأيك كثيرا في إجابتك عن سؤالك الشهير أتدري ما هو الجحيم؟. كنت ستجيب لا محالة أن الجحيم هو إنتقاد ملك المغرب. وكانت ستصير لياليك في الرواية سوداء كسواد أيامنا هنا في هذه البلاد التي وهبها "الله" نعمة الأمن والإستقرار وكثر حسادها. هكذا كانت إجابتي على سؤال العظيم "دوستويفسكي" بعد إطلاعي على خبر مصادقة لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب على مشروع القانون الذي يقضي بحبس كل من خضع لقلمه الذي جره لكتابة كلمة ينتقد فيها ما يعرف بالمقدسات في "المملكة الشريفة" من _ الملكية والدين الإسلامي و الوحدة الترابية_، أو من ساقه لسانه إلى التجرؤ على التعبير الشفهي في خطاب علني _و في إنتظار صدور قانون يجرم حلم الإنسان بالثورة أو بإنتقاد الملك ولو في المنام_ في ما يخص التدخل أو التعبير عن الرفض لما تسير عليه الملكية وما لها من مساوئ. لقد أبانت الحكومة الحالية بإعتبارها التلميذ النجيب للقصر والولد المهذب لصندوق النقد الدولي عن العودة بالشعب المغربي إلى زمن التخلف والإستبداد القروسطوي، عبر تأويلها للنصوص الدستورية حسب ما يوافق رغبة القصر. ضاربة عرض الحائط كل التضحيات التي قدمها الشعب المغربي والتي لازال يقدمها من أجل الكرامة والحرية والعدالة الإجتماعية . وذلك بتشريعها لمجموعة من القوانين التي تتناقض والمواثيق الدولية فيما يخص الحقوق والحريات الأساسية. وحتى لا ينسى هؤلاء الذين يحكموننا حاليا، ويجرمون حق إنتقادنا لهم، أن الشعب المغربي كان قد قطع مع العائلة العلوية الحاكمة بعد بيع المغرب ب"البيسكليتة" من طرف "مولاهم ع العزيز". حيث سيتم إنتقاد الملكية من طرف الشعب المغربي والنخبة المثقفة أنذاك مما فرض عليه_السلطان عبد العزيز_ تقديم إستقالته وتقديم "مولاه ع الحفيظ" خليفة له بعدما إشترط الشعب المغربي على هذا الأخير أنذاك عدة شروط في ما يعرف بعقد البيعة المشروطة التي جاءت بعدة إلتزامات من طرف الملكية من بينها حق إنتقاد الملكية وإحاطة الشعب علما بكل الشؤون التي تربط المغرب بالدول الأجنبية حتى لا يعاد سيناريو "البيسكليتة". هكذا يا صديقي دوستويفسكي صرنا محرومين من الكتابة أو مجرد الحلم بها، من إنتقاد من يهربون ثروات شعبنا، ممنوع علينا معارضة من يتصرفون في شعبنا كأنه _ قطيع_ في حظيرة مول الفيرما. أليس هذا هو الجحيم يا صديقي؟ بالإضافة إلى ذلك، فإن منتقدي الملكية والنظام السياسي المغربي برمته، وكذا ما يعتبر إلى حدود المرحلة طابوهات يجرم التحدث بشأنها، هم المخلصين لهذا الوطن، هم أكثر حبا للوطن ممن يصوغون هذه القوانين التي تجعل كل أيامنا سوداء. إن الجحيم عندنا يا صديقي هو أن تحلم بأنك مواطن.