بمناسبة إحياء الذكرى الثالثة والخمسين لإنتقال الزّعيم البطل المغوار المشمول برحمة الله محمّد عبد الكريم الخطابي إلى الرّفيق الأعلى فى 6 فبراير 1963 بالقاهرة تغمّده الله تعالى بواسع رحمته ، وأنزل عليه شآبيب مغفرته ورضوانه، وأسكنه فسيح فراديسه وجنانه، ،وإستبشاراً، و إستذكاراً ،وإستغواراً، وإستحضاراً لما قام به وأنجزه هذا الرّجل الشّهمُ ،وحيد دهره، وفريد زمانه إلى جانب المجاهدين الصّناديد، والشّهداء الأبطال الآخرين رحمهم الله تعالى جميعاً بواسع رحمته، الذين أعطوا النّفسَ والنّفيسَ، من أجل صَوْن كرامتهم، وشهامتهم،الذّوذ عن شرفهم، ونخوتهم، خلال الملاحم البطولية الرّائعة الفريدة التي خاضها أجدادُنا الميامين ببسالة، وشهامة، وشجاعة منقطعة النّظير ضدّ المستعمِر الغاشم ،والتي سَمَتْ بالمغرب، وبالمغاربة الأحرار قاطبةً/ وبالرّيف الوريف إلى أعلى مراتب العزّة ، وأسمى منازل المجد، وبوّأت هذا البلد الأمين أرقى مقامات السّؤدد والخلود، فى مختلف بقاع وأصقاع المعمور. ففى مثل هذا اليوم ، وفى مثل هذا التاريخ المشهود ،طُوِيتْ صفحةٌ رائعة من صفحات تاريخ الحرب الرّيفيّة التحرّرية الماجدة،ولم تُطْوَ أصداؤها ، ولم تُمْحَ وأبعادُها،و لم تُنْسَ أمجادُها، التي ما إنفكت الأجيال تتغنّى بها فى مختلف ربوع مغربنا الحبيب من أقصاه إلى أقصاه ، و ما برح يذكّرنا هذا الحدث التاريخي العتيد تلقائيّاً بالمعارك الباسلة التي خاضها المجاهدون الصّناديد ضدّ المستعمِر الإسباني البغيض، وفى طليعتها ذُرَّة البطولات ،وذِرْوة الإنتصارات ،وأمّ المعارك فى تاريخنا المعاصر المجيد وهي معركة " أنوال" العظيمة وبهذه المناسبة كذلك نتضرّع إلى المولى جلّ وَعَلاَ ليشملَ كافةَ مجاهدينا الأشاوسَ الأبرار،وشهداءَنا الميامينَ الأخيار برحمته الواسعة، و أن يُسكنهم اللّهُ تعالى جميعاً فسيحَ فراديسه وجنانه، وأن يُمطر عليهم شآبيبَ رحمته ورضوانه. وأذكر من بينهم فى هذا المقام ( جدّنا الأبرّ تغمّده اللهُ تعالى بواسع رحمته ) المجاهد الصنديد "مُوحْ نَ سِّي أحمد الورياغلي الأجديري خطّابي" شهيد هذه المعركة الخالدة، إلى جانب العديد من الشّهداء الآخرين الأبرار الأبطال والميامين الأخيار فى يوم الأربعاء 21 من شهر يوليو 1921. وعلى الرّغم من شحط السّنوات، والنأي عن المزار، وبعد الأزمان والديّار، فاضت القريحة ، وجاد العقلُ،والقلبُ، والرّوحُ، والوجدانُ، والِلسانُ ،والجَنانُ،والجَلَمُ بهذه الإفصاحات التلقائية، والإجهاشات الإستكناهية،أو بهذا الدّفق أو التداعي التلقائي العفوي، فأقول : تَداعىَ بناءُ المجد بالكوكب الذرّ/ ونورُ شموس اللّه غاب مع الظهر/ تَداعىَ حِمَى الإيمانِ والعَدلِ والهُدَى/ وقوّةُ بأس دونها قوّة الذرّ/ أبطالٌ ب"أنوال" جاشت نفُوسُهم/ فأصبحوا نورَ التّرب والمسكَ للقبر/ فهامت عقولٌ كانت بالأمس رشدَها/ وزاغتْ عيونٌ دمعُها لجّةُ البّحر/ أشاوسُ طابت لكم الشّهادةُ والعُلَى/ وإسمُكم على كلِّ لسانٍ به يَسْرى/ لقد هبّ المغاربة عن بكرة أبيهمُ/ وحلّت على الأعداء قاصِمَةُ الظّهر/ وَكَالطّير مقصوص الجناحين فإرْتَمَى/ على الصّخرِ منهوكاً تحطّم بالكسر/ كأنّ لدَى إستشهادكُمْ يا نخوةَ أَرْضِنَا/ جُسُومٌ بلا رأسٍ أيادٍ على البَّتر/ أبناءُ الأماجدِ والأفاضلِ والحِجَى/ أحفادُ المَكَارِم والميامين والفخر/ كلّ المداشر والعشائر تحتفى/ ببسالتكم دَوْماً من نَصْرٍ إلى نصر/ فخرَ الأمازيغ والصّناديد والنُّهَى/ مجدَ المعالي والنّدَى وغُرّة الدّهر/ أساسُ جهادكمْ فرقانٌ وشهادةٌ/ وذِكْرُكُمُ للّه فى السرّ وفى الجَّهْر/ شجاعتكمْ فى القلوب لنا تميمةٌ/ وحبّكم دَفَقٌ من حيث أدْرِى وَلاَ أدْرِى/ هذا "أَجْديرُ" قد ألقى إليكمْ بسَمْعِه/ وذِكْركم فى كلّ رياض به يَجري/ عجباً أنْ يُرَوَّعَ الرُّومِيّ ويَنْثني/*** تحت أَقْدَامِكم وإِقْدَامِكم سَاعَةَ الظّفر/ طلائعُ الأحرار ترنو إليكمْ بقلبها/ وذكراكمُ فى كلِّ جَناَن عاطرةِ الذّكر/ حُشْدٌ على الحقِّ صُنَّاعُ المَجْد والفِدَا/ مع كلِّ طلعةِ شمسٍ أو قمَرٍ أو بَدْرِ/ أنوالُ يا مَعْقِلَ البطولات بأسرها/ أدواحُكِ الفيحاءُ دائمةُ النّضر/ بقلم: محمد محمد الخطابي / عضو الأكاديمية الإسبانية - الأمريكية للآداب والعلوم - بوغوطا- (كولومبيا)