الحداثة كلمة غيرت العالم وغير تقاليده وعاداته ، وجعلت من دول عاشت حروبا طاحنة أن تنهض من جديد لتصبح قوتا اقتصادية وسياسية وعسكرية لا يستهان بها ، فالحداثة في اللغة هي من فعل "حدث " وتعني نقيض القديم أما من المنظور الاصطلاحي فهي محاولة لتجديد والإبداع وتجاوز التقليد والتخلف ، كما أنها تعكس التحول الهائل الذي غزا المجالات الفكرية التقنية والمعرفية بصفة عامة ، وهذا المفهوم الذي أخدته الدول الغربية لتصبح قوة عظمي وتبني دولا قويتا من جميع جوانبها اقتصادية وسياسية وثقافية ، وهذا لا ينفي أنها تعاني من مشاكل اجتماعية وآفات نابعة من الحداثة لكنها استطاعت أن تحقق مفهومها الحقيقي أما مفهوم الحداثة في مجتمعي فقد أخذ الجانب الضار وترك النافع وأصبحت رمزا لفكر جديد يتنافى تمما مع ديننا ويسعي لتغيير أشياء لن تجعلنا حداثيين بل رجعيين قد عدنا 1500 سنة إلي الوراء إلي الجاهلية الاولي ، فحداثة في مجتمعي هي أن نزيح الحجاب عن المرأة ونعري جسدها لأن تغطيته تخلف ورجعية وانتهاك لحقوقها ، في مجتمعي الحداثة هي أن نعطي الحق للرجل والمرأة أن يمارسها حياتهما الجنسية كيفما تهوي أنفسهم سواء بزواج أو بدونه لأن ذلك حرية شخصية ونقيض ذلك هو تخلف وهتك لحقوق الفرد ، في مجتمعي الحداثة هي أن نعطي الحق للمثلي الجنس أن يمارسوا قذارتهم دون أن نحاسبهم لأن ذلك انتهاك لحقوقهم وحريتهم الجنسية يقول عدنان نحوي في كتابه " الحداثة من المنظور الاسلامي " ص 13 { لم يعد لفظ الحداثة في واقعنا اليوم يدل علي المعنى اللغوي لها ولم يعد يحمل في حقيقته أصالة التجدد وسلامة الرغبة } فمجتمعنا أخذ المنظور السلبي للحداثة ، فبدلا من أن نقلد الغرب في تقدمهم الاقتصادي والتقني والتكنولوجي الذي سيدفع بنا بخطوة إلي الامام رجعنا مئة خطوة إلي والوراء وأصبحنا نقلدهم فقط في ملابسهم وتقاليدهم وأفكارهم التي تتنافي مع أخلاقنا وديننا الذي يدعونا إلي أخذ ما ينفعنا وترك كل ما يدنس عقيدتنا ، وهذا ما طرحه عدنان نحوي في كتابه حين قال { ...فالحداثة تدل اليوم علي مذهب فكري جديد يحمل جذوره وأصوله من الغرب بعيدا عن حياة المسلمين بعيدا عن حقيقة دينهم } وهذا ما يعكسه الآن واقعنا المرير الذي يحمل في طياته ظواهر لا تمت لمبادئنا وديننا بصلة إن تقدم الشعوب ليس بتعرية المرأة وتحريف العقيدة من أجل الحرية التي فقدت بدورها معناها الحقيقي في مجتمعنا ، فالحرية هي أن يعيش الانسان بكرامة وطهارة ويأدي دوره الايجابي في المجتمع لتقدم بلاده ونصرة دينه وليس أن يأتي بأفكار بعيدة كل البعد عن الثقافتنا والتي تزيد في ظهور أفات لم نألفها في مجتمعنا ، فبتعريتك للمرأة سيظهر الاغتصاب والتحرش والممارسات لا أخلاقية وبسماحك بالجنس دون زواج فستضيع الانساب وبدلا أن نكون انسانا سويا ذا نسب وأسرة سنكون انسانا غابت عنه القيم التربية التي أساسها الاسرة ، فالحداثة هي أن نعمل العقل وننفتح علي كل ما سينفع الامة ويقوي من عزيمتها وليس أن نفتح الباب علي مصراعيه لكل ظاهرة سواء كانت ايجابية أم سلبية ،والحداثة من منظور الاسلامي هي بناء الامة لا هدمها وتخريب عقيدتها وعقولها كما فعل الحداثيون الغربيون في عصر الانوار.