مواطن يدعى "البا عمر" عمر منزلا بتجزأة بادس بالحسيمة لمدة تقارب 30 سنة، بناه من كده لبنة لبنة لكي يعيل أبناءه في ظروف حياة قاسية جدا ، ولج إلى هذا المكان الموجود في ملكية المدعو "الصحراء" نعت بهذا الاسم لكون "إنسان قاحل"، لا يعرف قلبه الرحمة والشفقة، تواطأ مع شركة العمران دون أخذ بعين الاعتبار وجود مواطن وعائلاته في حوزة التراب الذي يملكه، وأن الشخص دخل إلى هذا المكان يوم كان عبارة عن كثبان رملية خالية من بني البشر إلا هذا الشخص الذي فضل أن يلتجأ إلى هذا الخلاء من أن يظل مشردا في الشوارع . بعد كل هذا العمر ، وجد الرجل نفسه وعائلته ، وهو غير عارف بما يخبؤه له الزمن من نكبات عمقت بؤسه الطبقي، حتى تفاجأ مساء هذا اليوم 24 مارس 2015 في حدود الساعة الخامسة مساء ،بتسخير القوة العمومية تطالبه بإخلاء مسكنه وإلا هدم على رأسه ، بعد أن ربحت شركة العمران دعوى قضائية رفعت ضده ، فما كان له إلا أن يحزم بعض أمتعته دون أن يعرف أي مصير ينتظر أفراد عائلاته، أما هو فمصمم على أن يظل بجانب بعض رؤوس ماشيته ودوابه التي كانت أنيسها اليومي لا تفارقه وهو متجها نحو الوادي للتزود بالماء والقيام ببعض الاشغال الفلاحية بجوار أحد العيون ، وتلك عادته يوميا طيلة عشرات السنين . حالة هذا الشخص الذي عايناه كجمعية مغربية لحقوق الانسان وبحضور بعض الصحفيين ومواطنين ،كانوا يراقبون تحركات الرجل المسن وأفراد عائلته وقد أصيبوا بانهيار نفسي، لعل كل من عاين المشهد لا يمكن لقبله إلا أن يهتز، إن كانت فيه شيء من الرحمة طبعا، من شدة الحكرة التي أصابت هذا الشخص في لحظات انهيار لا مثيل لها. أليس حريا بالمسؤولين وخصوصا السيد والي الجهة ، والحالة الإنسانية تتطلب ذلك، التدخل من أجل إيجاد الحلول الممكنة لإنقاذ شخص معرض للتشرد ووضعيته معسرة ، لا يستساغ ، بأي حال من الأحوال ، استخدام المساطر القانونية والقضائية لاجتثاثه من الوجود ومصادرة حقه في سكن لائق، وهو الذي لا يقوى على مجاراة شركة لا شغل لها سوى البحث عن الربح السريع ؟ وما نتطلع إليه ،هو أن ينظر في حالة هذا الرجل الطاعن في السن والغارق في البؤس، حتى لا نكون مضطرين للقول مرة أخرى لا حياة لمن تنادي وهل يحس الميت بزائر قبره !