»النكبة« أن تستمر النكبة، وان تعمر فتشيخ أجيال ولا تشيخ، وان تتفاقم تداعياتها فتتمدد من فلسطين الى ما حولها من»دول« لم تكن دولاً بالفعل في مثل هذه الأيام من أيار 1948، ما خلخل كياناتها الهشة واسقط أنظمتها »الاستقلالية« وان بقيت عاجزة عن إخراجها من ليل الهزيمة. »النكبة« ان شعب فلسطين الذي غادرها بغير وداع والعصابات الصهيونية تطارده، بينما »الجيوش العربية« ومعها المتطوعون في »جيش الإنقاذ« يعجزون عن المواجهة فيرجعون ليغيروا الواقع في قصور السلطة في عواصمهم، في حين ظللت الهدنة قيام دولة إسرائيل محصنة بقرار دولي أعطاه من لا يملك لمن لا يستحق، مرة أخرى متمماً موجبات وعد بلفور. »النكبة« ان شعباً له أرضه هي تاريخه قد حوّلته »الإرادة الدولية« الى مجاميع من اللاجئين الذين كان على »الدول« المجاورة ان تستضيفهم في مخيمات موقتة لإقامة مفتوحة ها هي تختتم عامها الثالث والستين... وبديهي ان هذا »الشعب« غدا بقوة الأمر الواقع »شعوباً« تباعد بينها الجغرافيا وحدود الدول وضرورات أمنها... قبل الحديث عن ذل اللجوء وانعدام فرص العمل ومهانة العيش على تقديمات وكالة غوث اللاجئين التي سرعان ما أخذت تتناقص سنة بعد سنة، وكان على أهل النفط العربي ان يعوضوا النقص في موازناتها »بتبرعات« منهم. وإذا كان اللاجئون الى الأردن قد غدوا مواطنين في قيد الدرس والريبة، والذين حلوا في سوريا قد عوملوا معاملة المواطنين في التوظيف وفرص العمل من دون الحق في الجنسية، فإن اللاجئين الفلسطينيين الى لبنان ما زالت أكثريتهم الساحقة على الحال التي كانت عليها ساعة »قادتهم« قوات الاحتلال الإسرائيلي الى الجنوب ليتوزعوا في مخيمات تحكّم في مواقعها الغرضُ السياسي والاستثمار الطائفي. عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بظروف حياة البؤس في مخيماتهم المحاصرة بالعسكر من الخارج وبالفقر والمنع من العمل والعوز وكثافة الولادات ونقص المساعدات والمدارس في الداخل. عن هؤلاء المعلقين في فضاء استحالة العودة ورفضهم التوطين، وهم المرفوضون بذرائع »لبنانية متعددة« أولها الطائفية وآخرها الشوفينية المموهة بالوطنية الحارقة! هذا العدد من »فلسطين السفير العربي« الذي يبدأ سنته الثانية كجهد متواضع من أجل ان تبقى »القضية« الموضوع، ومن أجل ان تبقى لشعب فلسطين مساحة من الأمل بدلاً من الغرق في دموع النكبة في مخيمات اللجوء.