منذ بدء التحقيقات الإدارية والتقنية التي أمر بها جلالة الملك بخصوص الاختلالات المرصودة بالمشروع السكني «مدينة بادس» بالحسيمة، تعددت محاولات حزب رئيس الحكومة الهادفة إلى التخلص من الفضيحة العقارية التي كشفت عنها شكايات مواطنين مقيمين بالخارج رفعت إلى الملك. ولم تتردد سعاد الشيخي، النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية المتحدرة من إقليمالحسيمة، في إثارة مسؤولية الحكومة السابقة، معتبرة أن المشروع عرف اختلالات منذ بدايته، بالنظر إلى طريقة إعداد الوثائق العقارية وتهيئة الأرض، وكذلك طريقة تشييد المباني وجودتها، وحتى نوعية المستفيدين من هذه الأرض الذين كانت لهم علاقة مباشر ة مع المشرفين على البناء، سواء كانوا مقاولين أو مسؤولين. وذهبت الشيخي حد القول إن الحسيمة تعاني وجود لوبي خطير، مكون من مجموعة من السياسيين، والاقتصاديين الذين تواطؤوا من أجل الاستحواذ على الإقليم، متهمة المسؤولين على المشروع، الذي أعطيت انطلاقته في عهد الحكومة السابقة، بإقصاء المحتاجين للسكن وبتوزيع وحداته السكنية بطريقة غير شفافة ونزيهة. وخلصت عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، على الموقع الإلكتروني للحزب، إلى أن هناك مشاريع أخرى كثيرة كان الهدف منها تمكين الحسيمة من التنمية والإقلاع الاقتصادي والاجتماعي قبل أن تعرف بدورها خروقات في التوزيع وتفويت الصفقات. وبهدف تسييس القضية بدأت كواليس حزب رئيس الحكومة تدفع في اتجاه إلقاء اللوم على حكومة عباس الفاسي الاستقلالية، على اعتبار أن المشروع انطلق في عهدها بداية من نزع ملكية الأراضي وتجزئتها ووصولا إلى إطلاق مشاريع عمرانية ذات صبغة اجتماعية واقتصادية. ولم تستثن دفوعات إخوان بنكيران إثارة مسؤولية وزير الإسكان في الحكومة السابقة، توفيق احجيرة، بحجة أنه أعلن أن مشروع «مدينة بادس» سيضم 4050 وحدة سكنية، بما فيها 150 فيلا اقتصادية، إضافة إلى إحداث 10 مرافق اجتماعية وخدماتية وإدارية، وأنه سيتم تسويق 70 في المائة من المنتوج بثمن يتراوح ما بين 20 مليونا و50، قبل أن يتفاجأ سكان المدينة بتخلي مؤسسة العمران عن تنفيذ عملية البناء مكتفية بأشغال التجزيئ، قبل بيع الأراضي التي انتزعت ملكيتها ب 100 درهم للمتر بما يناهز 2000 درهم للمتر المربع لصالح الشركة العقارية العامة التي عرضت منتوجاتها بأكثر من خمسة أضعاف الثمن المذكور. وكانت شكايات توصل بها جلالة الملك تسببت في حالة استنفار داخل وزارتي الداخلية والمالية للتحقيق في تلاعبات تقنية ومالية وقع ضحيتها عدد من مغاربة الخارج في ارتباط بأحد المشاريع التي تنجزها الشركة العقارية العامة الذراع العقاري لصندوق الإيداع والتدبير بالحسيمة. وكشفت الشكايات المذكورة أن ضحايا مشروع تجزئة «بادس»، تفاجؤوا عند بداية عملية التسليم، بالفرق الشاسع بين الصور والمجسمات، التي قدمت لهم في المعارض العقارية المقامة بأوربا وما هو منجز على أرض الواقع. أكثر من ذلك، فقد وصل أصحاب الشكايات إلى خلاصة مفادها أنهم اشتروا مساكن لا ترقى إلى معايير السكن الاقتصادي بأسعار الإقامات السياحية الفاخرة، على اعتبار أن ثمن المتر الواحد وصل إلى 12 ألف درهم، في حين لم يتجاوز السعر في تجزئات مجاورة عتبة 7 آلاف درهم وبمواصفات أحسن بكثير.