لي صديق افتراضي سويدي الأصل لكنه يعيش بالولايات المتحدةالأمريكية، في أول مرة تحدثنا سألته عما يعرفه عن المغرب؟ فأجابني بالقول: “كل ما أعرفه هو أنه ببلدكم تقع عاصمة الحشيش العالمية كتامة”… صديقي هذا ليس هو الوحيد الذي يختصر المغرب في منطقة كتامة، بل العديد من السياح الأجانب لا يزورون هذا البلد إلا لأنهم سمعوا الكثير عن كتامة التي ذاع صيتها بكل أرجاء البسيطة.. لن نخجل بالقول أن كتامة هي أول منتج بالعالم لنبتة القنب الهندي، ولن نخجل بالقول أن كتامة هي أكثر المناطق فقرا بهذا المغرب الجميل!! كتامة ليست هي كوبا ولا ا لباراغواي ولا باكستان، كتامة عالم منفرد بنفسه وكأنه جزء خارج العالم، كتامة هي تلك المنطقة الجبلية التي تأخذ مكانا ما فوق خريطة هذا المغرب الغريب، لكنها لا تشبه باقي المناطق جغرافيا وسوسيولوجيا وأنتربولوجيا واقتصاديا… طبعا لن أقول وسياسيا لأني حينها سأكون مجرد عابث. كتامة جزء من المغرب الذي لا ينتمي للمغرب، أناسها مغاربة بالوثائق الرسمية فقط، يتكلمون الدارجة المغربية وبعضهم الأمازيغية الريفية.. قليلهم متعلم وجلهم لا يدرك إن كانت العربية تكتب من اليمين إلى اليسار أم من اليسار إلى اليمين! وفي كتامة إعدادية وحيدة وثانوية وحيدة ومجموعة مدارس ابتدائية تصلح لأي شيء إلا للتدريس، لا يحضر إليها الأساتذة إلا مرتين في الأسبوع، ويختفون تماما في أيام تكسو فيها الثلوج كل المنطقة، تغيب الامتحانات وتحدد معدلات التلميذ حسب ما يجلبه من بيض وخبز وخضر لبعض الأساتذة. كتامة هي تلك المنطقة التي تختلف بها المفاهيم، هناك النساء قوامات على الرجال، هن يشتغلن داخل المنزل وخارجه.. وأغلب الرجال إما بالسجن أو في حالة فرار أبدي، الرجال هناك يقتتلون بسبب شجرة أرز أو ساقية ماء… أما حياتهم فمختزلة في سيجارة محشوة بالحشيش أو في غليون (سبسي) محشو بالكيف… هناك لا معامل، لا مصانع، لا دور شباب، لا مستشفيات، لا طرق معبدة، لا مركبات… هناك لا وجود للدولة، هناك فقط راية بالية ترفرف فوق سطح تلك الجماعة المصدعة جدرانها. كتامة هي عالم يفتقد للأحلام، هناك يعيش الناس قسوة الواقع فقط، يتوهمون الحلم مع زيارة المرشح البرلماني الفلاني، يعدهم ويبني لهم الجنان الخضراء بكلام حقوقي تصدقه الصخور.. ينجح، يصل إلى القبة، يتخذ مقعدا مريحا ولا يغادره ثانية.. يدركون مؤخرا أنهم انتخبوا مرشحا لا يقدر على الحركة إلا كل 5 سنوات!! كتامة هي تلك القرية التي كل سكانها عاطلون وتصنفهم الدولة في خانة السكان الناشطين، فحسب منطق الدولة المغربية كل من يملك نعزة أو معزة أو دجاجة أو ديك فهو غير عاطل! لذلك سأعيد قولي أن كتامة جزء من المغرب الذي لا ينتمي للمغرب. عبد السلام المساتي / الاسبوع