دق مهنيو القطاع السياحي بمدينة الحسيمة ناقوس الخطر، ووصفوا المرحلة التي دخلتها السياحة بالمنطقة ب"الموت السريري"، وقالوا إن مؤشرات الوضع السياحي بالمنطقة وكذا جهة تازةالحسيمة، توحي كلها بفشل المساعي والإستراتيجيات الهادفة بالأساس إلى تجاوز الأرقام التقليدية في عدد الوافدين والليالي السياحية. وساهم في تراجع القطاع بالحسيمة، غياب خطوط مباشرة بين المدينة وبعض الأسواق السياحية التقليدية كإيطاليا وبلجيكا وإسبانيا وسويسرا، والدول الإسكندنافية، بعد استحواذ مطاري وجدة أنكاد والعروي بالناظور على جميع الخطوط الجوية، مع إلغاء خطوط أخرى، وافتقاد الحسيمة إلى طرق سيارة وسكة حديدية، ما يكرس تهميشها وعزلتها ويجعلها بعيدا عن رغبات السياح، لتشكل مجتمعة عوامل لتوجيه ضربة موجعة إلى قلب النشاط والرواج السياحي بالمنطقة. ولا يجد السائح المغربي أوالأجنبي أوالقادم من المهجر متنفسا سياحيا بالحسيمة، غير شواطئها التي أضحى جزء منها محتلا من قبل بعض المطاعم السياحية ومؤسسات سياحية تمنع المواطنين من الاقتراب منها أوالمرور فوق رمالها المحتلة. ويرى بعض المهنيين أن الجهات الوصية على القطاع السياحي بالمنطقة، مخطئة حين تختزل انتعاش مؤشر السياحة في امتلاء الوحدات الفندقية، دون التفكير في برمجة أنشطة ترفيهية وفنية طيلة موسم الصيف، إن داخل هذه الوحدات أو بالساحات العمومية، عوض الاكتفاء بتنظيم سهرات وأمسيات فنية بساحة محمد السادس بالحسيمة، مؤكدين على ضرورة تخصيص أثمنة مغرية من قبل وكالات الأسفار، لاستقطاب السياح الأجانب إلى المؤسسات الفندقية وتقدم لهم خدمات متنوعة. وعزا المهنيون أنفسهم عدم انطلاق القطاع السياحي بالمنطقة إلى آفاق أرحب، إلى غياب برامج سياحية محددة تراعي خصوصيات المنطقة وإلى النقص الحاصل في الأنشطة السياحية الترفيهية والثقافية التي تجلب السياح. وتعهد عبد المجيد الفقيري الذي انتخب أخيرا رئيسا للمجلس الجهوي للسياحة، بإحالة الوضع على الجهات المختصة، مؤكدا على ضرورة توحيد الجهود من أجل تعزيز والحفاظ على الأسواق الإستراتيجية للجهة واستكشاف أسواق جديدة وتشجيع السوق الوطنية، مضيفا أن النهوض بالقطاع يمر عبر تحديد دقيق للزبناء المحتملين القادمين من وجهات جديدة. وأكد الفقيري أن مجلسه سيطلق خطة تسويقية، وذلك عبر الوجود في أهم المعارض والملتقيات السياحية الدولية ذات الشهرة العالمية، وخطة تأهيلية للقطاع تتوخى تحديث بعض بنيات الاستقبال وتأهيل العنصر البشري. وقال الفقيري إن المجلس يعمد إلى إنجاز مجموعة من المواد والوثائق الترويجية، منها إعداد فيلم قصير يعرف بالحسيمة وجهة تازة بهدف إظهار ما تزخر به من مؤهلات سياحية وبنيات تحتية بالمعايير الدولية، وإصدار كتيب تسويقي يضم مجموعة من المعلومات عن المنتوج السياحي للمنطقة. ويعلق مهنيو السياحة بالمنطقة آمالهم على التعبئة وروح المبادرة على مستوى الأسواق الرئيسية المزودة، وتأهيل حقيقي للمنتوج على أمل إنعاش قطاع إستراتيجي للتنمية الجهوية وابتكار أساليب جديدة، خاصة السياحة الخدماتية كاستقبال مؤتمرات إقليمية ودولية وإعطاء السياحة القروية والجبلية حقها في الاهتمام جهويا ووطنيا. وطالب هؤلاء بضرورة محاربة السوق السوداء، والمهن السياحية غير المهيكلة، وفتح خطوط جوية تربط الحسيمة بدول أوربية، وتهييئ بعض المحطات السياحية بالجهة وعقد اتفاقيات مع وكالات الأسفار لجلب السياح الخليجيين، كما دعوا إلى تطوير المنتوج السياحي، واعتماد مقاربة واقعية وقابلة للتحقيق في ما يخص تسويقه الذي يحتاج إلى تنويعه وإغنائه، بما يخدم القطاع السياحي الذي أضحى أحد الروافد الهامة في إنعاش النسيج الاقتصادي، مشيرين إلى أن جهة تازةالحسيمة تتوفر على كل الإمكانيات لتحقيق ذلك لتوفرها على معهد مختص في السياحة والفندقة ومطار ومحطة بحرية، ومشروع الطريق المزدوج الرابط بين الحسيمةوتازة. وتتوفر جهة تازةالحسيمة، على مؤهلات طبيعية وتاريخية وثقافية متنوعة ومتكاملة، تجعل منها بحق قطبا سياحيا مهما، إذ تتوفر على 40 مؤسسة فندقية مصنفة بطاقة استيعابية تصل إلى 1520 سريرا، بالإضافة إلى شريط ساحلي، يمتد على أزيد من 70 كيلومترا وسلسلة من الجبال، ومجال غابوي ومنتزهين وطنيين بالحسيمةوتازة ومغارات وواحات، إلى جانب مواقع تاريخية كبادس وقلعة طوريس والمدينة العتيقة والجامع الكبير بتازة وعدد من القصبات بتاونات وكرسيف، ما يتيح للمنطقة تنمية عدد من المنتوجات السياحية، خاصة السياحة الشاطئية والقروية والإيكولوجية. وبلغ عدد المشاريع المنجزة بالجهة إلى غاية نهاية السنة الماضية، سبعة مشاريع بتكلفة مالية تفوق 142 مليون درهم وفرت أزيد من 334 سريرا، في حين وصل عدد المشاريع السياحية في طور الإنجاز 13 مشروعا، بلغت كلفتها الإجمالية 567 مليون درهم ستوفر 1134 سريرا وكلها من فئة 4 نجوم.