أطل ليلة الأمس الخميس 25 أبريل الجاري، السيد عبد السلام بوطيب، رئيس مركز ذاكرة أرّيف، و مدير مهرجان الناظور للسينما، المقام في دورته الثانية، ضيفا على برنامج "قضية الأسبوع"، الذي يبث أسبوعيا على أثير برشلونة راديو، و الذي يقدمه كل من محمد أشهبار، و بطليموس مازيغ، كل خميس على الساعة الثامنة بالتوقيت الموحد. حيث خصص للعدد كعنوان: المهرجانات السينمائية و الموسيقية: تبذير للمال العام أم حوار للثقافات، و قد اتخذ كنموذج مهرجان السينما بالناظور الذي كان تحت شعار الهجرة، حقوق الانسان و التنوع الثقافي في حوض المتوسط. عرف العدد المذكور، أيضا إلى جانب التسجيل الصوتي للسيد عبد السلام بوطيب، استضافة الصحافي الريفي اللامع المجتهد، ابن مدينة الناظور: رمسيس بولعيون الذي أدلى بدوره بآراء جد مهمة و قيمة بخصوص الموضوع، و أيضا تدخلات بعض مستمعي المحطة الإذاعية "برشلونة راديو"
بدأ الحوار أولا بسؤال السيد رشيد امحاولن المسؤول التقني في المحطة الإذاعية قبل أن يستلم مقدمي البرنامج مقود الحوار الذي كان مشحونا منذ بداياته على حد تعبير السيد بوطيب: 1- قبل أن ندخل في الانتقادات و ما أكثرها، نريد أن تقرّب مستمعينا من هذا المهرجان للسينما بالناظور. - شكرا على الاستضافة و شكرا للمستمعين على التتبع، اتركني في البداية كي أخبر المستمعين الكرام عن مميزات هذه الدورة عن الدورة السابقة، مهرجان هذه الدورة جديد من حيث الموضوع، طريقة الاشتغال، فريق العمل، طبيعة المدعوين، تفاعل المجتمع و ساكنة الناظور معه. كما قلتم لا ينجو عمل من انتقادات ، و الانتقادات بالنسبة لي ضرورة استمرار المهرجانات لذلك نحن و فريق المهرجان نقبل كل الانتقادات ولدينا ما يكفي لنعرف الانتقادات الهدامة من البناءة، حيث نتعامل مع الانتقادات البناءة كما يتعامل الناس جميعهم مع الانتقادات البناءة و نتعامل مع الهدامة أيضا كما يتعامل معها جميع الناس. بدأنا نربح في أرّيف رهانا ثقافيا جديدا ذلك أن مهرجان بقيمة المهرجان المتوسطي بكل تواضع استقطب أكثر من 200 مدعو، فنانين كبار مغربيا و عربيا و متوسطيا، سياسيون، أكاديميون و حقوقيون، لا يمكن إلا أن نقول أنه إضافة جديدة. نحن قلبنا يتسع لجميع الانتقادات البناءة التي ستساهم معنا في بناء الدورة الثالثة بحول الله. 2- أكيد سطرتم أهدافا تتوخون من خلال هذا المهرجان بلوغها و تحقيقها، فماهي هذه الغايات علما أن أبناء المنطقة الذين لديهم أولويات أخرى في الشأن الاجتماعي، لا يستفيدون قط من مثل هذه المهرجانات التي يتم تمويلها من المال العام؟ - هذا الكلام موجود نسمعه في مناسبات عدة كهذه و غيرها، يجب أن نميز بين ممارسات الناس اليومية و ما يبتغيه الناس من كافة مجالات اشتغالهم ، نحن نشتغل في هذا الموضوع على الجبهة الفنية خدمة لاستراتيجية سياسية حقوقية، التي هي استراتيجية مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديموقراطية و السلم، لسنا مؤسسة اجتماعية نشتغل على تحقيق مبتغيات الناس الاجتماعية، و لا تنموية لتحقيق المبتغيات التنموية، نحن مؤسسة سياسية حقوقية. 3- الا يعتبر إقحام مؤسسة سياسية في تنظيم مهرجان سينمائي فني، هو إقحام غير معقول و ربما يُتوخى منه أهداف سياسية غير معقولة؟ - نظرا لطبيعة و تعقيد الموضوع الذي نشتغل عليه، وهو الماضي الذي لا يريد أن يمضي، و الذي يؤثر بشكل سلبي جدا على الحاضر و على المستقبل، بحثنا عن سبل أخرى للاشتغال على هذه الاشكالات، فوجدنا بعد استشارة واسعة مع أصحاب الحرفة، أن السينما يمكن لها أن تساهم مثلها مثل مجموعة من الأنشطة في إبراز القضايا التي نريد أن نشتغل عليها. إذا تتبعتم في الدورة الأولى اشتغلنا على أعقد ملف، العلاقات المغربية-الإسبانية، السينما ساهمت في استقطاب النخب السياسية، الثقافية و الأكاديمية، للمجيء إلى الناظور لمناقشة مواضيع جد معقدة في العلاقات المغربية الإسبانية، وموضوع الغازات السامة التي قصفنا بها، الحرب الأهلية التي أقحمنا فيها، انتهينا، و هذه السنة نشتغل على موضوع أكثر خطورة، و ذو أهمية بالغة وهو موضوع التعدد الثقافي، لن تقول لي أن حوض المتوسط لا يعيش هذه اللحظات، على إيقاع عدم احترام الاختلاف الثقافي، لا تقل لي أن التاريخ حاضر بقوة في هذه البحيرة التي كانت دائما بحيرة السلام و السلم، لذا ارتأينا أن نشتغل على هذا الموضوع، خدمة لأهداف مركزنا، وهذا حق مشروع و يعرفه الجميع والذين يمولون هذا النشاط الفني الثقافي الحقوقي، يعرفون جيدا من ينظم هذا النشاط، القانون المنظم للمهرجانات ببلادنا، يؤكد على وجوب أن يكون المنظمون لمثل هذه التظاهرات، مؤسسات مدنية. 4- نعلم جيدا بأن الفن بصفة عامة و السينما بشكل خاص، رسالة فنية، ألا تعتبرون تحويله إلى رسالة سياسية لمؤسسة معينة، تقزيم للمشروع الفني و السينمائي؟ - نحن لا نخفي أي شيء، قلت في البداية أنه مشروع سياسي حقوقي، يهدف إلى معالجة إشكاليات معقدة، الممولون للمهرجان على دراية بالأمر، المركز السينمائي المغربي كذلك، وقد استحب الأمر أن نشتغل على سينما جديدة ليست موجودة في السينمات المغربية، لنقول لأصدقائنا المتواجدون في المنطقة ككل، أن المهرجان استطاع أن يحتل الرتبة الخامسة بفضل قيمته الجديدة، و طريقة الاشتغال على السينما، نحن لا نشتغل كجسم غريب أو نريد أن نستغل الفن السينمائي استغلالا سلبيا، السينما و الفن رسالة إنسانية، نحن في المركز كذلك لدينا رسائل إنسانية، و نشتغل على قضايا عالقة، نعرف جيدا أن هذه المواضيع التي نشتغل عليها جد معقدة، عندما كنت أستدعي رجالات السياسة، الفن و الأكاديميين، للقاءات المركز، كانت الأجواء جد مشحونة في النقاشات، لكن حينما التجأنا إلى صيغة أخرى، السينما مثلا، الآن نستقطب أناس كثر من إسبانيا الذين كانوا في مواقع جد متشددة تجاه المركز، بدأوا يتفهمون أن المركز يريد فقط أن يساهم في أن يمحو هذا الماضي الذي لا يريد أن يمضي من الذاكرة، لدينا اعتقاد دفين بأن المشكل في عدم تطوير علاقاتنا مع جيران المحيط، سواء اسبانيا، الجزائر أو حتى قضية الصحراء، هو مشكل الذاكرة، اليوم استمعنا للنقاد في الصباح و لا مشكل. 5- هل تكريم السيد أندري أزولاي يدخل في إطار هذا المشروع السياسي و الحقوقي الذي أعلنتم عنه؟ - مستشار جلالة الملك هو رجل الاختلاف الثقافي، يساهم في بناء دولة الحق و القانون، يؤسس للاعتراف بالآخر، له دور كبير في مؤسسات كبرى في العالم تشتغل على الاختلاف، رجل حقوقي حتى النخاع. 6- أليس في أرّيف رجالات أخرى قدمت للمنطقة و لأرّيف أكثر من "أزولاي" أم أن له أسبقية على رجال أرّيف؟ - لا أسبقية لأي كان إلا بالأعمال التي نقدمها جميعا، هذه السنة اخترنا أن نكرم امرأة، أن نقف ب انب السوريين في محنتهم، أن نكرم رجل ساهم في الاختلاف، و آخر ساهم في مصالحة المغاربة بينهم. الريفيون و الريفيات في صلب هذا الموضوع، تتحدث الآن مع أريفي حتى النخاع، لذا لي الفخر أن يكون أريفي يفكر أن يقف إلى جانب السوريين في هذه اللحظة، أنا مغربي قبل أن أكون أريفي، دعني أقول لتبديد بعض ال ... ال ... – اسمح لي لأختار الكلمة لكي لا أشحن هذا النقاش الذي شحن منذ البداية، والذي عادة لا أحب أن أشارك في نقاشات مشحونة أكثر من اللزوم – السيد آندري أزولاي رجل دولة مغربية، مثقف دولي. 7- هل تبقى ميزانية هذا المهرجان مبهمة كمهرجانات أخرى، أم يمكن أن تبرزوا للرأي العام من أين أتت؟ - سنعلن يوم الأحد صباحا في ندوة صحفية، عن كل سنتيم الوجهة التي أخذها، أرجوا ألا تنخرط في محاولة إقناع بعض المؤسسات لتمويل نشاط ما، الأمر ليس سهلا، في محاولة مني لإقناع إحدى المؤسسات قلت لقد أحرجتموني كما لو أني أطلب صدقة، يسكنني أرّيف يسكنني الدفاع عن الاختلاف، دولة الحق و القانون، سأبذل أقصى جهودي في هذا الأمر، و مجال الناظور له رجال و نساء يشتغلون بدون أي مقابل. 8- هل ميزانيتكم من المال العام أم لا؟ - نعم، نعم، القانون الأخير لدعم المهرجانات، قانون ينص على أن الأموال التي تدعم منها مهرجانات السينما هي أموال من المال العام، شيكات تصرف يوقع عليها السيد وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة، لأنه وصي على هذه المؤسسة التي تقدم التمويل للسينما، هذا ليس سرا، بل معلنا و لا أحد يخفيه. تعلمون أن هناك 58 مهرجانا في البلد، هل تعرفون أن كل هذه المهرجانات أخذت حقها؟ هل تعرفون أننا اشتغلنا سنة فقط وحصلنا على المرتبة الخامسة؟ هل تعرفون أننا نتتوق لكي نكون المرتبة ال3 للمهرجانات؟ هذا حقنا. 9- أتى على لسانكم أنكم تستفيدون من المال العام لتمويل هذا المهرجان، في الوقت الذي ترفض فيه المؤسسات دعم الجمعيات الأخرى تحت ذريعة شح الميزانية. ألا يعني هذا أنكم تتمتعون بوضع امتيازي لدى مؤسسات وأجهزة الدولة؟ وما السر في ذلك؟ - هذه السنة، دخل المغرب منعرجا مهما في دعم المهرجانات، أقول أنه منعرج ديموقراطي حقيقي، لأن المركز السينمائي المغربي أطلق إعلانا لجميع من يريد أن ينظم مهرجانات أن يقدم ملفا و تصورا متكاملا عن ماذا تريد أن تقوم به من حيث موضوع الاشتغال، فريق الاشتغال، البرنامج، هذا تطلب منا على الأقل فريق فيه مدير عام، كتابة خاصة، إضافة إلى مجموعة من الأطر التي تشتغل على الموضوع، تطلب منا الأمر 3 أشهر لإيجاد هذا الملف، الذي دافعنا عليه أمام لجنة فيها جميع التيارات، جميع الوزراء، التنظيمات الثقافية و غيرها كمؤسسات تابعة للدولة، طرحت علينا أسئلة جد مهمة، و أقنعنا اللجنة أن يكون في رحاب الناظور، مهرجان من جيل أكبر المهرجانات المغربية. رمسيس بولعيون: ماذا تستفيد السينما الأمازيغية من مهرجان الناظور تلا هذا الحوار المسجل، حوار مباشر آخر مع الصحفي رمسيس بولعيون، حيث عبر بأسلوبه عن استيائه من استغلال الفن و المال العام لمآرب سياسية لا تخدم الطاقات الإبداعية الشابة المحلية فبخصوص هذا قال السيد رمسيس بولعيون أن بعض المهرجانات تولد قوية منذ البداية عكس المهرجانات التي يدوم نضالها طويلا لتحظى باهتمام الدولة المالي، وتساءل عن ما قد تستفيد منه السينما الريفية أو الأمازيغية عامة من هكذا مهرجانات خصوصا بعد تغييب الطاقات الشابة المحلية و إقصائها، وأيضا عن سبب تخصيص مهرجان الناظور بهذا الكم الإعلامي و المالي رغم رداءة مستواه ورغم حداثة عهده إذ أنه بصدد دورته الثانية. و دعا القائمين على المهرجان إلى الوضوح أمام الرأي العام بخصوص وقوف حزب الجرار وراء قيام هذا المهرجان، كما دعا أيضا حسب تعبيره المؤسسة الحقوقية بإعطاء الأولوية للقضايا الحقوقية المحلية عوض الانصراف إلى قضايا أجنبية، في إشارة منه لملف الغازات السامة بأريف و قضية العين المغمضة عن الأطلس و إميضر، و عاد ليدعو القائمين على المهرجان الذين اعتبرهم بعيدين عن السينما، إلى دعم السينما المحلية و إبداع الشباب من أبناء المنطقة في الميدان، عبر خلق معاهد ودورات تكوينية، خصوصا و أن مدينة الناظور لا تتوفر على دور سينما، وطالبهم بتخصيص هذه الأموال في الخدمة الحقيقية لهذا الفن إن كانوا يريدون فعلا خدمة السينما، وأكد بدوره على ضرورة حوار الثقافات و الانفتاح على الآخر. بخصوص الإقصاء الذي طال بعض الهيئات الجمعوية و الإعلامية يرى السيد رمسيس أن القائمين على المهرجان من حقهم انتقاء الضيوف الذين يحب المنظمون حضورهم لنشاطهم إلا أنه يقول على حد تعبيره أن المشكل الكائن هو في كون هذه الهيئات الجمعوية في منطقة الناظور، حين تعتزم تنظيم تظاهرة ثقافية فنية، لا تجد دعما و لا آذانا صاغية حتى، في الوقت الذي مهرجانات من شاكلة مهرجان الناظور يوفر لها الدعم، وتغييب الدور الإعلامي فقد قال ذات الصحفي و الناشط الجمعوي أنه له الحق في نقل الصورة بالطريقة التي يراها مناسبة ويعبر عن انتقاداته، وهذا منطق تعامل المهرجانات الدولية الكبرى، و في حالة ما وقع هذا الاقصاء في حق بعض المنابر الاعلامية كيفما كانت فهذا يعتبر مشكل و خطأ من المنظمين، و يتحملون فيه المسؤولية، في سياق آخر رفض السيد رمسيس استعمال السينما كذريعة فنية لمناقشة قضايا سياسية و حقوقية عالقة ، وأصر على أن يستعمل الفن لغرض خدمة الفن، و دعا الدولة إلى عدم التعامل بانتقائية وتهميش بخصوص منح التمويل، مذكرا بمهرجان البوليفار للموسيقيين الشباب الذي حفر اسمه بنضالات المنظمين الشباب من أبناء الميدان، دون أن يلقى أي التفاتة من الدولة إلا بعد أن لمع بريقه، في حين أنها تمنح مبالغ خيالية لمهرجانات لا تخدم الفن ولا تبني لا دورا للثقافة و لا للعرض. و في آخر مداخلته ألح السيد رمسيس على ضرورة تدبر ملف المهرجانات كي تعطى الفرص للفنان المحلي أولا و إعطائه كل الأولوية، حينها يمكن جلب الأجانب، و هذا لا يعني وضع نهاية لاستضافة فنانين آخرين، و أوضح أن المعارضة الكائنة بخصوص هذه الشاكلة من المهرجانات ليست على الإطلاق معارضة للفن، بل كلها مع الفن و للفن، حيث لا يمكن لمنصة شيدت بغلاف مالي تجاوز 150 مليون سنتيم، سيقف عليها مغني مقابل مليار و نصف، وغير بعيد عنهما يوجد دور صفيح من القصدير و المواطن المنسي، هنا المعارضة و الرفض و ليس للفن في حد ذاته، و أيضا لإقحام السياسة في الفن، فعن تكريم السيد آندري أزولاي الذي كرم أيضا في مهرجان "غناوة" كونه منظم المهرجان، أعتبره السيد رمسيس عادي جدا، ولكن أن يكرم في مهرجان للسينما ذو دورتين في الناظور، فالأمر غريب على حد تعبييره، و يختم برسالة واضحة وهي أنه على الراغبين التقرب من أي جهة عدم التقرب بذريعة خدمة المنطقة، بل اختيار سبل و وسائل أخرى.