يسعدني المشاركة في هذا اليوم الدراسي الذي تنظمه فعاليات الأندية السينمائية من قلب الجامعة الوطنية للأندية السينمائية (جواسم) وتبقى هذه الورقة عبارة عن أفكار متناثرة قصد انطلاق الحوار في هذا البيت الثقافي الواعي بأهمية السينما في الحياة و الدور الذي تلعبه في تكوين شخصية الإنسان عموما من شباب وأطفال .... إن القراءة المتأنية لواقع جواسم ودورها الثقافي الجديد في سبيل تصور يتناسب و الوضع الذي يعيشه العالم اليوم حيث الهيمنة الكبيرة للصورة وبالتالي لمن يتحكم في هذه الصورة . والوضع الثقافي ببلادنا و الذي يتأثر بما هو عالمي بشكل كبير . لكن لا يمكننا أن نتناول هذا الموضوع بمعزل عما يحيط بجواسم من تراجع للحركة الثقافية عموما ومؤسسات الفعل الثقافي بدءا من اتحاد كتاب المغرب و الجمعية المغربية لنقاد السينما بل وحتى المؤسسات الرسمية المهتمة بالشأن الثقافي . نعم في هذا الإطار نفهم التراجع الكبير لمؤسستنا و التي يتحمل فيها المكتب الجامعي مسؤولية كبيرة و كذا الأندية السينمائية واطر جواسم و اللائحة طويلة وقد تشمل مؤسسات وأطراف لا تريد لهذا الفعل الثقافي الاستمرار. لولا هذه المبادرة التي تقوم بها اليوم فعاليات الأندية السينمائية . نحن لسنا هنا للمواجهة مع المكتب الجامعي وإلصاقه التهم بل الهدف هو تدارس الإمكانيات للنهوض بجواسم كذات جمعوية لا زالت مدعوة للفعل الثقافي السينمائي و بكل إلحاح بدءا من سؤال ذات والموضوع إلى صياغة المشروع الثقافي الذي ينسجم والمرحلة التي نعيشها والذي يريد من خلالها إنسانا نبيها يتواصل بذكاء مع الصورة وتجعله القراءة السينمائية صعب الاختراق كما سنرى. لان الزمن الإعلامي يهددنا كما يهدد مشهدنا السمعي البصري ونحن نحتاج إلى حركة وطنية جديدة على مستوى الثقافة عموما والسينما خصوصا و الثقافة السينمائي بالأخص . هذه الحركة تشتغل على جميع الجبهات مما يجعل مهمتنا في جواسم كبيرة وأكثر مما سبق إذ علينا أن نواجه واقعنا السمعي البصري الفاسد و الهجوم الإعلامي الخطير الذي شل و لا يزال يشل الفكر الإنساني ليبث رسائله الإعلامية بكل طمأنينة فأين جواسم ؟؟ لا اتحذث عن الإجراءات الواجب اتخادها من اجل تطوير القطاع الثقافي فقط ومنه السينمائي بل اتحدت عن كيفية صنع إنسان واع بذاته ثقافيا عن طريق الصورة . لقد تمكن الإعلام من شل قدرات الإنسان النقدية ويتمكن اليوم من التلاعب بأفكاره ليبث ما يريد من أفكار وطرق في التفكير . إننا نحتاج إلى سياسة ثقافية حقيقية تصنع إنسان واع بذاته أولا وبمحيطه ثانيا يتمكن من الوعي بالصورة وفك رموزها حتى لا يتلاعب إي منتج للخطاب السمعي البصري بوعيه كما يحدت اليوم في الحراك الاجتماعي السياسي العربي حيث من السهل على المواطن استيعاب الخطاب الإعلامي دون مساءلة ووعي . نحن نريد إنسان نبيها يتواصل بذكاء مع الصورة و الصوت تجعله القراءة عنصرا متواصلا وليس مستهلكا فقط . إننا كمؤسسة ثقافية نلاحظ ما يجري من تخريب للعقل الجماعي حيث أتيحت الفرصة للخطاب السمعي البصري لكي يتلاعب بفكر الإنسان ويبت ما يسعى إليه من برنامج ثقافي وسياسي واقتصادي . إن الانخراط الفعلي في الدينامية الإصلاحية يدفعنا إلى التفكير الشمولي لكن مع الانتباه إلى الحياة الثقافية التي تعرضت للإهمال الشديد و الشلل الذي أصاب عدد كبير من المؤسسات الثقافية رسمية أو مدنية .بل لاحظنا أن جواسم غير منخرطة في الائتلاف المغربي للثقافة والفنون بالرغم من انضمام عديد من الفعاليات كالجمعية المغربية لنقاد السينما والذي رفع مذكرة بشأن المراجعة الدستورية في مجال الثقافة والفنون الذي يضم 17 جمعية ونقابة .. إذا كنا نطالب بتحسين الوضعية الاجتماعية للمواطن فإننا كذلك وبإلحاح نطالب الدولة بالانتباه إلى الوضع الثقافي الذي أهملته وعلى مستويات عدة إذ تركت الأبواب مفتوحة لكل الممكنات ومنها الإرهاب الذي يمس تراثنا الثقافي . لقد دافعنا كفاعلين أبناء الأندية السينمائية ولا زلنا ندافع من اجل دخول الصورة إلى المؤسسة التعليمية كأعضاء في جواسم وتجربة مراكش في هذا المجال لا زالت مستمرة كما هو الحال في عديد من المؤسسات بمدن مختلفة .ومن المستحسن أن نفكر بجدية في هذا الموضوع أي الربط بين المدرسة و السينما بشكل رسمي استثمارا لكل التجارب الغنية سواء لذى الوزارة أو الفاعلين السينمائيين. وناضل عدد كبير من اطر جواسم في سبيل استمرار حياة الصورة السينمائية في بعدها الثقافي و التكويني سواء ضمن أنشطة عدد من الأندية التي لا زالت مستمرة .وتجربة سطات جعلت من سينما الهواة مدخلا لهذا الاستمرار . وفي نفس السياق تعممت هذه التجربة . وكم كان جميلا أن ينتقل مخرجو أفلام الهواة ويتواصلون مع رؤى نقدية هنا وهناك بين مهرجان وآخر . إنها المدرسة الميدانية التي يتكون فيها جيل جديد من السينمائيين في ظل الشروط الصعبة للتكوين السينمائي . الم يحن الوقت لنعترف لجواسم بدورها الثقافي رسميا ضمن المشروع الثقافي العام للبلاد مشروع يتحمل في الجميع مسؤوليته بدءا من وزارة الاتصال ووزارة الثقافة و الإعلام السمعي البصري و القطاع الخاص و المهنيين والمجتمع المدني لمصلحة هذا الوطن من اجل ذلك على جواسم بدورها أن تنتقل إلى صياغة المشروع الذي ينقذ هذا البلد من التخريب الذي يتعرض له الإنسان باعتباره اكبر تراث واهم فاعل في الحياة وفق ما نسميه اليوم بالتنمية البشرية ليعلم الجميع أن "توقف" جواسم لم يمنع أطرها من التحرك . إن اغلب الأطر كانت ولا زالت تساهم في الدفاع عن استمرار الصورة بتلك النظرة الواعية والبناءة سواء في ميدان التعليم داخل القسم أو بالأندية السينمائية المدرسية أو في البرامج الإعلامية المكتوبة والالكترونية أو التأطير بمؤسسات مختلفة من الجامعة إلى المدارس السينمائية الخاصة أو بالإخراج السينمائي وأحسن نموذج هو الشريف طريق الذي انطل من النادي السينمائي إلى مجموعة البحث وهكذا إلى "زمن الرفاق". إنها مبادرات الشتات في غياب المؤسسة الناظمة لفعلها . لماذا لا تجتمع هذه الفعاليات في إطار المؤسسة العتيدة ليس بمنطق الماضي لكن بتفكير جديد و مشروع جديد يتحمل في الجميع المسؤولية . بل ونحرج كل المؤسسات للمشاركة فيه بالوجه المطلوب . وضرورة إدخال السينما في البرامج التي تضعها المؤسسات كيفما كانت سياسية اقتصادية مدنية حزبية نقابية مهنية بالمدينة أو القرية بالمستشفى بالمعارض و المنتديات . كيف يعقل أن تتم محاربة الأمية مثلا دون الاستعانة بأفلام تساعد على ذلك . ثم بالإضافة إلى ذلك لا يجب أن نبقى في حدود الأمية الأبجدية بل الأمر يستدعي محاربة الأمية الايقونية وما أكثر هذا النوع مما يساعد على تسهيل مهمة الإعلام في القيام بدوره بارتياح كبير . وما أصعب هذا الضياع . علينا أن نجعل من الصورة الحياة اليومية لكن بروح ثقافية ووعيا بالخطاب ووسائله. لقد أصبحت الصورة اليوم أكثر استهلاكا مما سبق فكيف نجعل استهلاكها ذي معنى ثقافي وتربوي ؟ نحن نحتاج فعلا إلى بنيات وتجهيزات كما تطالب عديد من المؤسسات الثقافية والفنية لكن التجهيز الحقيقي هو تجهيز الفكر والعقل بالآليات التي ستساعده على استيعاب الإرساليات الايقونية والتي تستقر في الدماغ حتى تتمكن من تفكيك الأسرة كوحدة اجتماعية وتجعل من المؤسسة التربوية متخلفة عن الركب الإعلامي و السمعي البصري المتداول بشكل عشوائي دون حماية للمستهلك . على جواسم والى جانب كل الفاعلين أن تكون وسيلة لتسهيل قراءة الخطاب السمعي البصري والدفع في اتجاه أن تصبح الصورة والسمعي البصري عموما في متناول لجميع وفي جميع المؤسسات الثقافية والتربوية والجامعية وغيرها . بعض المقترحات من هنا يمكننا أن نقترح مجموعة من الآليات لتطوير الفعل الثقافي لجواسم و التي من المستحسن أن تشتغل بالمشروع بدءا من الترشيح للمكتب الجامعي و الذي بناء على المشروع الذي يقدمه كل مرشح كما يمكن أن يعده المكتب المحتمل إذا ثم الاتفاق على التصويت باللائحة . 1. ربط الاتصال و الشراكة مع المؤسسات العامة والخاصة كالمركز السينمائي المغربي ( التمويل . لجنة الدعم ...) الجمعية المغربية لنقاد السينما (حيث التقارب في الاشتغال على الفن السابع )و الخزانة السينمائية وأرباب القاعات المدارس السينمائية المشتغلة على التكوين السمعي البصري وغيرها من المؤسسات و يمكن عقد شراكات حتى مع الأشخاص حسب تخصصاتهم ودورهم الثقافي و الفني أي ربط خيوط التواصل مع كل الفاعلين في الحقل الثقافي و الفني 1. المساهمة في تطوير الفعل الثقافي من خلال اقتراح قوانين تخص المجال السينمائي و الثقافي عموما 2. تنظيم لقاءات وطنية حول مواضيع تهم السياسة السينمائية و الثقافية لاستثمار الرصيد الثقافي المعرفي و التقني الذي وصلت إليه كل المؤسسات المشتغلة في الميدان السينمائي 3. ثمتيل جواسم أو مؤسسات جمعوية قريبة ذات الاهتمام الثقافي و الفني في البرلمان 4. علينا احتلال مكانتنا كجامعة حتى لا نبقى كملاحظين أو مهمشين داخل الحقل السينمائي المغربي كمؤسسة وليس كأفراد . 5. ربط السينما بالتنمية : القاعة السينمائية خصوصا بالمناطق التي تنعدم فيها القاعة السينمائية سواء أكانت مدينة صغيرة أو حي إذ يتم بناء قاعة سينما ثقافية حيث تشغيل فئات اجتماعية ونشر الثقافة السينمائية عبر العروض العادية أو مهرجان سينمائي أو غيره . 6. البحث عن موقع داخل المشهد الإعلامي المكتوب و الالكتروني والسمعي البصري ( الرابعة و القناة الأولى و الثانية .....) 7. اقتراح سبل تطوير تجربة السينما المغربية من خلال التواصل الفعال لحماية حق الإبداع 8. فتح موقع الكتروني خاص بجواسم تتم من خلاله عملية التواصل الفعال بين جواسم وباقي الأندية السينمائي وكذلك مع كل المؤسسات لتوزيع الأفلام و الذهاب إلى المهرجانات والتواصل بالإضافة إلى ذلك مع المؤسسات العالمية كالجامعة الوطنية للأندية السينمائية والمهرجانات الدولية و المجلات والمواقع الالكترونية . ويمكن إن يلعب هذا الموقد دورا توثيقيا حفاظا على ذاكرة جواسم المندثرة هنا وهناك . 10.اعداد بنك للمعلومات و الخاص بالأندية و الأطر الفاعلة في جواسم تهم المؤهلات التي يتوفر عليها كل نادي سينمائي أو إطار أو غيره لتكون رهن الإشارة عندما يتعلق الأمر بالتكوين السينمائي أو تمثيل جواسم و غيرها. 11.المساهمة في محاربة الأمية الايقونية . 12.التكوين والتكوين المستمر لأطر الأندية السينمائية و جواسم بعد الدراسة للخصاص في هذا التكوين كالتدبير بالمشروع و التكوين السينمائي حول البرمجة والتنشيط خاصة بالنسبة للأندية الجديدة ويكون هنا لبنك المعطيات دور كبير في تغذية هذا التكوين . 13.عرض الأفلام من النوع التالي : أفلام كتبت تاريخ السينما العالمية . أفلام مدارس سينمائية . تجارب دول . أفلام حصلت على جوائز عالمية وأفلام مهمشة رغم جودتها لفنية أو لطرحها لقضايا تستحق النقاش . 14.تنسيق المهرجانات التي تنظمها الأندية السينمائي دون أن تتدخل شؤونها الداخلية لأنها تجربة مستمرة و من خلالها تستمر جواسم. 15.المشاركة في المهرجانات الوطنية خصوصا وأننا نعلم أن أسس العرض السينمائي تتشابه بين الأندية والمهرجان حيث التنافس الفني و الإبداعي والجمالي . وهذا من صميم اهتمام الأندية السينمائية . كما أن المهرجان يفتح المجال للتداول حول الفيلم مع الفريق السينمائي الذي أنتجه وأخرجه . وهو الأمر الذي تنشغل به الأندية السينمائية . 16.تكوين لجنة من اطر جواسم كمؤسسة البحث داخل جواسم مهمتها الدراسة و السؤال والتشخيص لواقع السينما وكل الأنشطة ذات العلاقة بالسينما وغير ذلك . مداخلة حسن وهبي في اليوم الدراسي الذي نظمته فعاليات الاندية السينمائية حول دور الاندية السينمائية وجواسم اليوم في اطار مهرجان سبو للسينما بمدينة القنيطرة يوم 14 ماي 2011