توصلت من الصديق عزيز الأربعي بدعوة عبر الأنترنيت ليوم دراسي خاص بالجامعة الوطنية للأندية السينمائية الغاية منه حسب الورقة التقديمية إستنباث تصور جديد للنادي السينمائي يساير التحولات التي يعرفها الوطن. إعتذرت لعزيز عن المشاركة بسبب البعد الجغرافي غير أن تعليقا للناقد السينمائي حسن وهبي و أحد رواد و قيدومي الاندية السينمائية دعاني فيه للإدلاء برأيي في الموضوع و لو من بعيد دفعني إلى كتابة هذه الورقة المتواضعة خصوصا و أنها المرة الأولى التي أتشرف فيها بدعوة للمشاركة في نشاط سينمائي منذ ست سنوات, و هذا إشكال في حد ذاته ينسحب على أسماء عديدة. فرغم البعد الجغرافي لا زلت أفتخر بهويتي كتلميذ من تلامذة مدرسة جواسم, و أعمل جاهدا لنشر قيمها بين أبناء المهجر الذين هم في حاجة كبيرة إلى سينما و طنهم الأم. جواسم أنجبت صحافيين سينمائيين, نقاد, ممثلين, و مخرجين والأهم من كل ذلك جمهور ناقد وواع. جواسم كانت لسنوات صوت الشارع المغربي و شريكا للقوى الديموقراطية في النقاش السياسي و الثقافي من مدخل السينما. في السنين الماضية تركزت أنشطة جواسم على تأسيس المهرجانات السينمائية و الملتقيات, قليلون فقط نجحوا في فرض توجه ثقافي للملتقيات بينما الأغلبية جعلتها مطية لأهداف ربحية. بعض ابناء جواسم . إختاروا دخول عالم الإخراج, بعضهم نجح لكن الكثيرين منهم أخذ مسارا مخالفا لما تلقنه من أصول جمالية في جواسم, و لا أحد صرخ في وجههم. جواسم لم يعد لها موقع فعال في الخطاب السينمائي و الثقافي الوطني و هذا يتجلى في تهميشها من طرف المؤسسات الرسمية و من طرف مدراء المهرجانات السينمائية الجشعين, حتى اصبحت فكرة حضور بعض المهرجانات و الملتقيات من باب المستحيلات حتى أمام قيدومي جواسم أنفسهم. إذ يلاحظ شبه سيطرة غير مفهومة لبعض الأوجه التي تتكرر هنا و هناك. جواسم لم يعد لها وزن في العملية النقدية و لا يضرب لها أي حساب من طرف الفاعلين السينمائيين لأسباب منها: • بعض أعضاء جواسم يزاوجون بين عضوية جمعية النقاد و بين جواسم, مما يدفعهم لتركيز العمل على الجمعية المسيطرة على النشاط السينمائي, و يتم إخراج بطاقة هوية الجامعة فقط عند الحاجة. • جواسم مغيبة في أنشطة جمعية النقاد و الدليل سيطرة نفس الأسماء على المنشورات الجماعية حول تجارب سينمائية معينة • تركيز جواسم على دور المنشط للأنشطة السينمائية و تقديم الممثلين, مما جعل العديد من الممثلين و المخرجين ينظرون إلى جواسم كقنطرة للوصول إلى الجمهور, في المقابل هناك إستخفاف للخطاب النقدي لجواسم من طرف المخرجين و الممثلين. من بين أعطاب جواسم غياب ثقافة الإعتراف بين مناضليها إذ يتم تكريم مئات الممثلين و المخرجين سنويا, دون إستحضار أسماء من جواسم لولاها لما كان هناك خطاب جمالي ثقافي نقدي مواز للعملية الإبداعية السينمائية. نتيجة لذلك توارت مجموعة من الأسماء و أختارت تكريس و قتها للحياة الخاصة أو تنشيط الجانب السينمائي في الجمعيات المحلية و المؤسسات التعليمية. لأن جواسم مدرسة و طنية فمن غير المبرر إبتعادها عن نبض الشارع ووقوفها موقف المتفرج السلبي. جواسم يمكن أن تلعب دورا طلائعيا في مغرب اليوم, مغرب تقدمي, حداثي و ديمقراطي. و لأن العملية السينمائية نتاج للمجتمع فإن جواسم يمكنها أن تساهم في التغيير من مدخل السينما, تراقب سياسة الدولة في المجال, تسلط الضوء على سياسة المهراجانات و أعطابها, صندوق الدعم و سلبياته, خطابات الأفلام و نقائصها, بغية "تأزيم كل الأعطاب" بلغة الناقد حميد اتباتو. يجب على جواسم الإنفتاح على مغرب الهامش و عدم التركيز على المدن الكبرى. جواسم لن يكون لها حضور قوي في غياب منشورات منتظمة و موقع إليكتروني و فرومات للنقاش, يجب أيضا تشجيع البحث الجامعي في المجال. للمرور للجانب العملي أقترح إشراك كل من له علاقة أو كانت له علاقة بجواسم في صياغة أجندة جديدة لجواسم و تشكيل لجن جهوية للمزاوجة بين التنظيم العمودي , أي الوطني, و الأفقي, أي الجهوي و بلورة مشاريع مستقبلية. عاشت جواسم مدرسة للتربية على قيم الجمال و الحداثة, و تحية تقدير و إحترام لكل روادها . ألمانيا: عبد الرحمان عمار خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' -------------------------------- عبد الرحمان عمار, من موليد سنة 1982. درس السوسيولوجيا بجامعة مراكش و إلتحق سنة 2006 بألمانيا لمتابعة الدراسات المعمقة. يكتب الأن رسالة الدكتوراه في سوسيولوجيا الشباب. شارك في مجموعة من الندوات الفكرية و المهرجانات السينمائية في المغرب و خارجه. نشر دراسات و مقالات حول الثقافة و السينما بالجرائد المغربية و العربية. ينشر مقالات حول الثقافة المغربية الأمازيغية و العربية في الجرائد الألمانية. ينظم لقاءات و أمسيات ثقافية بمدينة بمبرغ/ولاية بفاريا. خاص ب: ''الفوانيس السينمائية''