في حادثة خطيرة لم تشهد لها بلجيكا مثيلا منذ عام 1954، عندما توفي 20 مشجعا ألمانيا لكرة القدم و جرح 40 منهم، اصطدم يوم الاثنين 15 فبراير الجاري قطارين كانا يسيران بسرعة فائقة. و ترجع أسباب الحادث إلى "كون احد القطارين لم يحترم الضوء الأحمر" على حد تعبير عمدة برابو فلامان، في الوقت التي امتنعت فيه الشركة الوطنية للسكك الحديدية البلجيكية (س.ن.س.ب) الإدلاء بأي تصريح حول أسباب الحادث، في انتظار نتائج التحقيق. و بمجرد إخبار المصالح الأمنية بوقوع الحدث هرعت عشرات سيارات الإسعاف و رجال المطافئ و الأمن إلى عين المكان، استعملت فيها المروحيات لنقل الجرحى بسرعة كما أقيم مستشفى ميداني بعين المكان لإعطاء العلاجات الأولية للمصابين قبل أن يتم توزيعهم على مختلف مستشفيات البلجيكية. و أمام هول الصدمة، على اثر إعلان نبا حدوث وفيات بالجملة وصل عددها رسميا إلى 18 قتيلا، قطع العاهل البلجيكي البير الثاني عطلته التي كان يقضيها بفرنسا ليقوم بزيارة تفقدية إلى عين المكان. الوزير الأول البلجيكي ايف لوتيرم، الذي كان يقوم بزيارة رسمية إلى دول البلقان لمدة ثلاثة أيام، قطع هو الآخر زيارته و عاد على وجه السرعة إلى بلجيكا ليصاحب الملك و عدة و وزراء فدراليين و جهويين في زيارته إلى عين المكان للوقوف على هول المأساة و لمؤازرة الضحايا و رجال الوقاية المدنية. هذه الحادثة شلت حركة القطارات في بلجيكا يومي الاثنين و الثلاثاء، كما توقفت رحلات القطار السريع الأوروبي "اورو ستار" و" طاليس". ويعتقد بان هذه المدة ستمتد إلى يوم آخر أو أكثر حتى أن يتم استكمال عملية التحقيق في أسباب هذا الحدث المأساوي، وتوقيف الإضراب الذي دشنه عمال السكك الحديدية مباشرة بعد وقوه الحادث. الحادث عرف ردود فعل أولية متباينة محليا و أوروبيا، ففي الوقت الذي أمرت فيه النيابة العامة بفتح تحقيق حول أسباب الحادث، سارع الصليب الأحمر إلى توجيه نداء للتبرع بالدم. الوزير الأول ايف لوتيرم وعد " بتسليط الضوء حول حيثيات هذه الحادثة". رئيس جهة والونيا عبر عن ألمه الشديد تجاه ما حدث إذ قال بان "هذه الحادثة مست الفلامانيين و الوالونيين و كل البد" واصفا يوم الحادثة ب "اليوم الاسود". أما الملك ومعه الحكومة الفدرالية البلجيكية فتلقوا عدة رسائل التعزية و التضامن من كل من رئيس المفوضية الأوروبية جوزي مانوويل باروزو و رئيس الجمهورية الفرنسية نيكولا ساركوزي و هيرمان بان رومبي، رئيس المجلس الأوروبي. ارنو لاهو، خبير في شئون النقل و ومستشار في جمعية مستعملي النقل العمومي، انتقد السياسة المتبعة في ميدان النقل العمومي، إذ قال بان بلجيكا لم تستخلص الدروس بعد تسعة سنوات من وقوع حادث مماثل. كما طالب باستثمار الأموال في ميدان السلامة بدل تأسيس محطات فاخرة. ويذكر بان بلجيكا عرفت منذ 1976 ستة حوادث سير للقطارات، لكنها لم تتسم بنفس الحدة و الخطورة كالحادثة الأخيرة.