وفق كل التوقعات شهد مقر جهة تازةالحسيمة تاونات صبيحة يوم 2/2/2013 لقاءا حول المنتزه الوطني للحسيمة ولعل ما أثارني وأعجبني في هذا اللقاء الصباحي بامتياز حسن التنظيم والبشاشة والانشراح اللذان كان يبدو على وجه المشاركين من الأسماء الوازنة في مجال البيئة ،الصيد البحري ،القانون ،الطيور ،السياحة... إلا أن أول ملاحظة طرحتها هو غياب السكان المعنيين بهذه المبادرة حيث أن أغلبية المتدخلين والحاضرين يعيشون خارج الإطار الجغرافي للمنتزه مما يطرح علامات وتساؤلات عديدة حول المستهدفين الحقيقيين من مثل هذا النوع من الأنشطة إذا كان هم المنظمين فعلا تنمية المجال والإنسان بالمنطقة. ما أثارني كذلك ذلك التهويل والترويج الذي حاول الأساتذة المتدخلون أن يضعوا الحضور أمامه من أن الأنشطة المعيشية التي توارثتها الأجيال داخل مداشر وقرى المنتزه أصبحت تشكل بمنظورهم خطرا على التوازن البيئي و....فمنذ متى كان الصيد التقليدي مثلا يشكل خطرا على التوازن البيئي، وهنا يتضح السبب الأساسي من جراء هذه الإدعاءات التي تبقى فارغة المحتوى والتي تهدف فقط إلى ابتزاز واستجداء ممولين جدد بعد أن نفذت جمعيات الوساطة الاسبانية مموليها ، وبدأت تزحف على المجالات الخضراء العذراء التي تتميز بها قرى المنتزه لتحولها في فترة مقبلة إلى فضاءات للاستجمام والمتعة موجهة لذوي الأريحية من البورجوازية المتوسطة التي يمثلها أطر هذه الجمعيات ، التي بدأ لعابها يسيل للاستفراد بالمنطقة تحت يافطات مختلفة كخلق محميات والتوازن الإيكولوجي والحفاظ على بعض الحيوانات النادرة وهلم جرا من اللغو اللفظي . إن الحقيقة بدأت واضحة للعيان إن إستراتيجية شبكة الجمعيات التنموية العاملة بالمنتزه الوطني للحسيمة كما هو وضعها حاليا يستهدف الريع والربح المادي والاستيلاء على أراضي الفلاحين البسطاء وتقويض مداخيل عيشهم في أفق الاستحواذ على هذه الأراضي وتمريرها إلى المستثمرين لإقامة مشاريع السياحة البيئية و...مع تبادل للأدوار مع مافيات نهب الأراضي والخيرات والتجارة في الحيوانات النادرة التي أصبح بعض دعاة البيئة من كبار أباطرتها ، وهي التجارة التي قادت بعض رموز البيئة بالمنتزه إلى التحقيق ما من مرة في حقيقة ممارستهم . إن المنتزه الوطني للحسيمة أصبح في نظر العارفين وفي غياب أي رادع قانوني مرتعا لمافيا العمل الجمعوي للاستغلال البشع وأن منظور البيئة الذي يحتمون ورائه كبعد للتنمية ما هو إلا تمويه وتمهيد لسيناريو مقبل سينعكس بشكل خطير على المجال والساكنة بالمنطقة إن لم تتدخل الجهات المسؤولة لوضع حد لهذه الأساليب المافيوزية.