الساعة تجاوزت الحادية عشرة و15 دقيقة من صباح اليوم بمجمع ابن زهر بأكادير، حين تعالت صرخات قاطني إحدى عماراته مستغيثين بعدما سيطرت ألسنة اللهب على الطابق الأول، وأدت إلى تصاعد أدخنة خانقة عبر أدرج طبقاته الأربع، فجأة تخرج امرأة من بين ألسنة اللهب نحو باب الخلاص بعدما احترقت أطراف ملابسها وتحول وجهها الأبيض إلى سواد. حملها أحد الجيران على عجل لأحد المصحات الخاصة. وبعد دقائق تحل سيارات وقاية الإسعاف على عجل بعين المكان، نط بعض أفرادها من سيارتهم ليخترقوا الأدخنة وبقايا النار، صعدوا الطابق الأول، وماهي إلا لحظات حتى أخرجوا رجلا في عقده الرابع بين الحياة والموت، بعدما نالت منه النار، لم يبق اللهب على جسمه من الملابس سوى سروالا قصيرا التصقت أجزاؤه مع لحمه، أتبعوه على الفور امرأتين مغمى عليهما نقلتهما سيارة الإسعاف نحو مستشفى الحسن الثاني. وبعد حوالي نصف ساعة بينما مازال المسؤولون ورجال الإطفاء بعين المكان جاء خبر نعي الضحية عبر الهاتف إلى مكان الحريق، توفي الرجل بقسم العناية المركزة بالمستشفى. بينما مازل ثلاثة آخرون يتلقون العلاج إثر إصابتهم بحروق واختناقات ناتجة أدخنة النار. على مدى ساعة تواصلت مهام الوقاية المدنية عبر طبقات العمارة يعملون على كسر الأقفال، والتسلل بين غرف الشقق بحثا عن مختنقين، فرغم أن النار لم تتجاوز الطابق الثاني غير أن كل الشقق تحولت إلى ركام من الأدخنة والمتطايرة والرماد الأسود الخانق بعدما توزع غباره في كل الأركان. ماهي أسباب الكارثة أول سؤال يطرحه كل من عاين عمارة من أربعة طوابق تحولت جذرانها إلى سواد بعد احتراق الطابق الأول، بدا جمال المكينسي سانديك المجمع السكني متدمرا من المآل الذي يتربص بالمجمع ككل، وهو يكشف عن السبب المباشر، فقد احترق مجموع عدادات الكهرباء المتواجد أسفل العمارة إثر تماس كهربائي، لتنقل النار إلى الطابق الثاني عبر شبكة الأسلاك الكهربائية بسبب غياب وسائل الوقاية عند هندسة الكهرباء بالمجمع وغياب تجهيزات تتوفر وسائل السلامة. الحريق يقول المكينسي يكشف عن المشاكل التي رفضوا بسببها توقيع العقد مع المستثمر من جانبهم، فالحادث أثبث غياب نوافذ الإغاثة، وغياب فوهات الماء بجوار العمارات، وغياب مصعد السلامة الجانبي إلى جانب غياب ربط العمارات بأنابيب الإغاثة، ما صعب من مهام الوقاية المدنية التي اضطرت لأن تجر خراطيمها صعودا عبر أدرج العمارة. ويذكر جمال المكينسي أن القاطنين تسلموا شققهم خلال سنة 2007 فقط ليكتشفوا مجموعة من الخروقات على مستوى البناء الهدسي للمجمع ككل، كما على مستوى وسائل الوقاية، ويعتبرون هذا الحريق الذي مس شبكة الكهرباء بإحدى العمارات نموذجا على خروقات ملف ثقيل وضعوه فوق طاولة المستمر وعلى أنظار المسؤولين بولاية أكادير وبلديتها. من بينها الترامي على محلات الملكية المشتركة وحارس المجمع، وعد إدراج المسجد بالحي، وزيادة طابق رابع غير قانوني، داخل المجمع بينما حافظت الواجهة على عدد الطوابق المنصوص عليها. الحادث يقول المكينسي سيكون محركا لهذا الملف الثقيل الذي يهم ست مجمعات سكنية متتابعة تظل قنبلة موقوتة ما لم يتدارك المستثمر ومعها المسؤولون الوقت.