وقفت المفتشية العامة لوزارة المالية عند افتحاصها لمالية شركة الخطوط الملكية المغربية «لارام»، على خصاص مالي يقدر بحوالي 300 مليار سنتيم. وللتقليص من الخصاص المالي بالمؤسسة، سارع ادريس بنهيمة، المدير العام للشركة، إلى التعاقد مع وكالة استشارية لصاحبتها هند الطعارجي بقيمة 50 ألف درهم للاستشارة، من أجل إعادة تقويم التعويضات للوصول إلى حذف المنح السنوية، والاقتصار على تعويضات على رأس كل ثلاثة أشهر، فيما أشارت مصادر من الشركة، إلى أن بنهيمة يرمي من وراء استقدام الوكالة إلى التغطية على الخصاص بالخزينة بالتقليص من نفقات الموارد البشرية. مصاريف بدون جدوى، تلك هي النتيجة التي وصل إليها مفتشو المالية، بعد شهر من افتحاصهم لمالية المؤسسة، منها الرواتب الخيالية التي تلقاها مستشارو بنهيمة، والتي وصلت إلى 12 مليون سنتيم، نظير مهام غير محددة داخل المؤسسة. واستغربت المفتشية العامة للمالية، التعويضات التي تلقتها مستشارة إعلامية، التحقت بشركة «لارام» منذ سنتين، كمستشارة إعلامية براتب شهري يصل إلى 50 ألف درهم شهريا علاوة على تعويضات موازية، حيث قرر ادريس بنهيمة، التخلي عن خدماتها، لتحصل على تعويض خيالي (البعض يتحدث عن مبلغ 130 مليون سنتيم) مقابل مغادرتها للشركة. ومن الاختلالات التي رصدها مفتشو المالية، لجوء الشركة إلى «سندات الطلب» لإنجاز الصفقات المتعلقة بالمشتريات، وذلك بعد استقدام مدير مركزي جديد سنة 2009، أنيطت به مهمة إدارة الموارد البشرية وقسم المشتريات، وفي المقابل تم الاستغناء عن المسؤولة السابقة عن قسم المشتريات المعروفة بصرامتها مع كل مموني الشركة. كما وقف مفتشو المالية على اختلالات كثيرة تتعلق بطريقة صرف «أذونات النقل» التي تمنح عادة إلى أشخاص بالشركة بعينهم مقابل تقديمهم لخدمات، في حين أن «العشوائية» كانت هي السمة الغالبة في توزيع هذه الأذونات. وكان إدريس بنهيمة خلال سنة 2010 قد تقدم بطلب من أجل المراجعة المالية للشركة، والعمل على تخصيص مبلغ جزافي يتم تخصيصه لملء الخصاص ودفع الضرائب المستحقة على الشركة. وكشف مصدر من داخل الشركة أن بنهيمة اقترح 100 مليار سنتيم من أجل إيجاد تسوية ودية مع وزارة المالية وإدارة الضرائب، على وجه الخصوص. وعزت إدارة شركة الخطوط الملكية المغربية، ما جاء في تقرير المفتشية العامة للمالية، إلى المنافسة الشرسة التي يعرفها النقل الجوي عبر العالم، والمسماة ب«السماء المفتوحة» وكذا الإضرابات التي عرفتها الشركة خلال السنة الماضية وبداية هذه السنة. وبالرجوع إلى التعليل المقدم من طرف مدير لارام، يقول مصدر من داخل الشركة، إن الاختلالات المالية التي تعرفها الشركة مردها إلى سوء التسيير والتدبير غير المعقلن لموارد الشركة، ولو بتأثير السماء المفتوحة على النقل الجوي العالمي، لأن شركة «لارام» استفادت من تخلي شركات النقل الجوي الأوروبي عن عدة مطارات داخل بلدانها، والتي أصبحت من اختصاص لارام، حيث إن شركة الخطوط الجوية الفرنسية، مثلا، لم تعد لها أي رحلات بين البيضاء ومدن فرنسية أخرى كما كان في السابق، حيث أصبحت للارام فرصة استغلال هذه الخطوط وهذا ينطبق كذلك على الخطوط الإيطالية والألمانية والهولندية. علاوة على كذلك، يضيف المصدر، استفادت «لارام» من خلق خطوط جديدة نحو إفريقيا وتقوية الخطوط القديمة، إذ أصبحت لإفريقيا مكانة متميزة لدى مالية الشركة، «وأمام هذه المعطيات فإن الاختباء وراء السماء المفتوحة وإضراب الربابنة ما هوة إلا ذريعة ليس إلا».