بعداستمرار تجارتهم لأزيد من عقد من الزمن غنموا من خلالها اموالا وعقارات * منهم من صدر في حقه أزيد من خمسين مذكرة بحث وطنية ولا زال يزاول نشاطه ظلت تجارة المخدرات بمنطقة أولاد تايمة من بين المواضيع التي أثارت اهتمام الرأي العام المحلي منذ عقود من الزمن، كما أضحت من بين الملفات الشائكة التي قضت مضجع المسؤولين الذين لم يجدوا جوابا على عدد من التساؤلات التي لا زالت عالقة إلى حد الآن. جريدة اشتوكة بريس ألإلكترونية تنفرد بفتح هذا الملف للوقوف على جملة من الحقائق المرتبطة بهذه التجارة المحضورة، كما تكشف عن عدد من الحوادث التي تدور في فلك تجارة الحشيش. - سوق المخدرات بأولاد تايمة: لم تكن تجارة المخدرات بمنطقة أولاد تايمة نشاطا جديدا أو وليد مرحلة معينة، بل ارتبط ظهورها بفترة الخمسينات من القرن الماضي، وهي فترة تزامنت مع مرحلة الاستعمار الفرنسي، غير أنه وبالرغم من قلة الدراسات والأبحاث التي تناولت هذا الموضوع، فإن عدد من المصادر أكدت أن تجارة القنب الهندي كانت شائعة في ضواحي المدينة، بعدما انتقل عدد من الفلاحين لزراعة “الكيف” والتبغ «طابا». غير أن مصادر أخرى أكدت أن رواج سوق المخدرات كان أسلوبا من أساليب التمرد على المنتوجات الفرنسية خصوصا السجائر التي كانت توزع على المواطنين بالمجان، ولعل ذلك ما جعل بعض المواطنين يرفعون شعارا:”يحيا الكيف يسقط التبغ”. وهي المرحلة التي استفادت من تساهل المصالح الأمنية في تلك الفترة كما استفادت كذلك من تعاطف المواطنين الذين أصبحوا يفضلون المنتوجات المحلية كبديل عن المنتوجات الدخيلة. غير أن فترة السبعينات والثمانينات عرفت منعطفا خطيرا عندما ظهر مخدر “الشيرا” أو ما يعرف ”بالحشيش” وهي المرحلة التي ارتبطت بظهور موجة “الهيبي” في أوساط الشباب المغربي، كما ارتبطت بتزايد الهجرة، وجدير بالذكر فإن تجارة المخدرات بضواحي أولاد تايمة كانت من بين الملفات العالقة التي استعصى على المسؤولين كشف خيوطها سواء تعلق الأمر بالمصالح الأمنية أو القضاء. - أسطورة “أعراب”: لا زالت أسطورة المدعو “أعراب” الذي ارتبط اسمه بتجارة المخدرات بمنطقة أولاد تايمة موضوع تساؤلات عميقة لدى الرأي العام المحلي الذي لم يجد تفسيرا منطقيا عن ظروف وفاته وكذا الأسباب التي كانت وراء استمراره في تجارة الحشيش مدة طويلة دون أن تتحرك المصالح الأمنية لوضع حد لنشاطه. حيث استفاد من العفو الملكي كي يعود إلى الإجرام قبل أن يتم العثور عليه ميتا في إحدى الأكواخ لصناعة ماء الحياة بضواحي جماعة إسن. والجدير بالذكر فإن المدعو “أعراب”(ح.ع) ولد بدوار الأشياخ في 5 يناير 1961 من أب يحترف مهنة الجزارة، غير أنه وبعد وفاة والده على إثر حادث، احترف ابنه مهنته إذ لم يمض سوى فترة وجيزة لينتقل إلى تجارة المخدرات بعدما أضحت مدينة أولاد تايمة من بين المناطق التي كانت تستقبل أفواجا من المهاجرين من مختلف مناطق المغرب، غير أن ضعف التغطية الأمنية في تلك الفترة جعلت “أعراب” يتربع على عمليات التوزيع على صعيد الإقليم رفقة المدعو “الجبلي” وفي مطلع سنة 2003 لم يعد من الممكن السكوت عن جرائمه الشيء الذي دفع عامل الإقليم آنذاك إلى تحرير إرساليات في شأنه والتي كانت سببا في إلقاء القبض عليه وتقديمه إلى القضاء بتهم تكوين عصابة إجرامية والإتجار في المخدرات والفساد والسرقة بالعنف. غير أنه وبعد مغادرته للسجن عاد إلى تجارة المخدرات من جديد بعدما حول نشاطه إلى منطقة الفيضة بوادي إيسن حيث شيد وكرا بضواحي هذه الجماعة لاستقبال شحنات من الحشيش وصناعه ماء الحياة. قبل أن يتم العثور عليه ميتا وسط هذا الوكر. وقد ظلت ظروف وفاته إلى حد الآن لغزا محيرا بين من يعتبر الأمر وفاة طبيعية ومن يؤكد فرضية قتل”أعراب” تدخل في إطار تصفية حسابات مع شركائه«شمال المغرب». خصوصا وأنه قد تم اكتشاف جتثه وهو مجرد من ملابسه وفي فمه مادة بيضاء يعتقد أنها بدرة الكوكايين وقد ألقي به عاريا وسط أنابيب بلاستيكية غير بعيد عن غرفة مبنية بالطين كان يستعملها كمعمل لتقطير الماحيا. بعد تأسيس مفوضية الأمن بمدينة أولاد تايمة في بداية سنة 2003 انتقلت تجارة المخدرات إلى الجماعات المحادية للمدينة. حيث عاشت جماعة الكفيفات على إيقاع أحداث هوليودية كان بطلها أحد تجار المخدرات الذي يزاول نشاطه بضواحي الجماعة. حيث لا زال المواطنون يتداولون ما وقع لهذا الأخير عندما أقدم على إضرام النار في سيارتين إحداهما في ملكيته كانت محملة بشحنات مهمة من المخدرات خوفا من افتضاح أمره بعدما وقعت له حادثة سير بالطريق السيار الرابطة بين مطار المسيرة وجماعة الكفيفات، كما يتداول المواطنون ضلوعه في حادثة سير أخرى بنفس الطريق والتي راح ضحيتها شابان من ابناء المنطقة. وهي حوادث أثارت استنفار مختلف المصالح الأمنية«القيادة الجهوية للدرك الملكي»، خصوصا وأن السيارة التي كان يقودها التاجر المذكور تعود لأحد البرلمانيين بجهة سوس ماسة درعة. غير أن التساؤل الذي لم تنكشف خيوطه إلى حد الآن هو كيفية تعامل مصالح الدرك الملكي بسرية التمسية انزكان ايت ملول مع هذه القضية، خصوصا وأن التاجر قد تم إخلاء سبيله في الوقت الذي تم إلقاء القبض عليه بعد الحادث. وذلك بالرغم من احتجاج بعض السكان في الوقت الذي يشك فيه الكثيرون على وجود أياد خفية وراء طمس الحقائق المتعلقة بهذا الموضوع. وفي نفس السياق ذكرت عدد من المصادر المطلعة أن التاجر المذكور يعتبر من بين العناصر المبحوت عنها، خصوصا وأنه كان موضوع أزيد من 50 مذكرة بحث على الصعيد الوطني والإقليمي والجهوي. ولم تستطع كل المصالح الأمنية بالجهة وضع حد لنشاطه الذي لا زال مستمرا إلى حد الساعة في الوقت الذي ظلت فيه التحركات الأمنية تسفر على إلقاء القبض على التجار الصغار والمستهلكين. وفي نفس السياق أكدت ذات المصادر على أن التاجر المذكور والذي تربع على عرش المخدرات بجماعة الكفيفات *ضواحي أولاد تايمة- على ما يزيد من عقد من الزمن استفاد من تجربة شقيقه في هذا الميدان؛ والذي يعتبر من أكبر تجار المخدرات بجهة سوس. ولعل الأمر ما جعله مصدر خوف بالنسبة للساكنة. خصوصا عندما أصبح موضوع جرائم بشعة لم تفلح معها أجهزة الأمن التي غالبا ما تخرج خاوية الوفاض دون إلقاء القبض عليه، ولعل الأمر ما أثار غريزة الفضول لدى عدد من السكان لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك، خصوصا عندما شاع خبر وجود أشرطة مصورة في حوزة التاجر المذكور والتي يستعملها لتهديد مصالح الأمن قصد إخلاء سبيله –كواقع بارونات الشمال-. حرب المخدرات بأولاد تايمة. لم تكن مسألة الصراع وتصفية الحسابات أمرا مرتبطا بالمدعو أعراب الذي راح ضحية عصابة من المتعاملين معه، بل انتقل هذا الموضوع من حالات معزولة إلى ظاهرة انتشرت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة. حيث انكشف الأمر على جملة من الوقائع التي شكلت منعطفا خطيرا في ميدان تجارة المخدرات بالمنطقة وتصفية الحسابات، خصوصا عندما تم اختطاف أحد تجار المخدرات الذي يزاول نشاطه بواد سوس جماعة سيدي حماد أوعمر التابعة لدائرة اولاد تايمة، في أواخر السنة المنصرمة من طرف عصابة إجرامية التي استولت على كمية من المخدرات ومبلغ مالي يقدر ب 10 مليون سنتم ... وقد ذكرت المصادر أن المختطفين قاموا باستدراج المروج المذكور بعدما طلبوا منه احضار مقدار مهم من المخدرات قصد اقتنائها، وبعد جلبه للكمية المطلوبة قام المختطفون بحمله على متن سيارة وإجباره على ضرورة مدهم بالمزيد حيث قاموا باحتجازه داخل سيارتهم والتوجه به إلى مكان بعيد والاعتداء عليه بالضرب والجرح، كما قاموا بابتزازه عندما طلبوا منه مبلغا ماليا يقدر ب 30 مليون سنتم تحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض لم يحصلوا من وراء هذه العملية سوى على 10 مليون سنتم ليتم إخلاء سبيله. وقد أثار هذا الحادث استنفار مختلف المصالح الأمنية التي قامت بفتح تحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا الحادث. فيما أكدت مصادر متطابقة أن الأمر لم يكن سوى صراعات بين تجار المخدرات بالمنطقة تدور غالبا في فلك تصفية الحسابات الشخصية والمنافسة على نقط بيع المخدرات بهوارة؛ صراعات تنتهي في غالب الأحيان بجرائم بشعة، كما وقع بضواحي منطقة أولاد براهيم مؤخرا، والتي راح ضحيتها شاب يتحدر من أحد الأحياء بالمدينة، وهذا الأخير حسب مصادر حاول بمعية ثلاث رفاقه الاستلاء والسطو على كمية المخدرات كانت بحوزة أحد المروجين المتواجدين بمنطقة أولاد براهيم، بضواحي تارودانت، الضحية لفض أنفاسه الأخيرة وهو في طريقه إلى المستشفى متأثرا بثلاث طعنات تلقاها على مستوى البطن من طرف أحد مساعدي المروج المذكور. وفي يساق متصل، أكدت دات المصادر أن نفس الحادث قد تكرر في وقت سابق عندما قامت عصابة مدبجة بالعصي والأسلحة البيضاء بالهجوم على أحد تجار المخدرات المدعو ولد باقدور وذلك بهدف السطو على مخدرات كانت بحوزته وفي نفس الإطار يتساءل عدد من المواطنين الهواريين عن الأسباب الكامنة وراء صمت المصالح الأمنية على مثل هذه الأحداث والتي عادة ما تمر دون أن تقوم الجهات المسؤولة عن أمن المواطنين بأي مبادرة لكبح جماح مروجي المخدرات بجميع أنواعها بهذه المناطق. طريق المخدرات. يبدو جليا من خلال تنامي سوق الحشيش بأولاد تايمة أن عائداتها ستكون بالمقابل بالملايين من الدراهم، خصوصا وأن بعض التوقعات تشير إلى أن ما يناهز طن واحد من القنب الهندي وحوالي نصف طن من مخدر طابا وما يفوق 10 كيلوكرام من مخدر الشيرا تستهلك يوميا بالإضافة إلى كميات مهمة من الحبوب المهلوسة التي أضحت بدورها منافسا قويا للمخدرات الكلاسيكية. كل هذه الكميات توزع بشكل يومي، وبعملية حسابية بسيطة، سنحصل على مدى سنة واحدة ما يناهز 360 طن من القنب الهندي (الكيف) وحوالي 180 طن من مخدر طابا وحوالي خمسة أطنان ونصف من مخدر الشيرا، ولعل المتتبع لتجارة المخدرات بهوارة، والحالة التي يعيش على إيقاعها بعض تجار المخدرات قد تطرح عدة علامات استفهام لكون بعض التجار لم تنعم عليهم تجارتهم سوى بمذكرات للبحث وبعدها بعقوبات حبسية، أما مراكمة الأموال فهؤلاء عادة ما يعيشون على نفقات أهاليهم حين قضائهم لعقوبتهم الحبسية، مقابل هذا هناك بعض التجار الذين راكموا أموالا مهمة؛ وهي عبارة عن عقارات فارغة، وأراضي زراعية، إضافة إلى دور سكنية وأموال أخرى، هؤلاء رغم توالي الأيام والسنين لم تستطع الأجهزة الأمنية اعتقالهم، ليس لأن هؤلاء يتوفرون على قبعة للاستخفاء، لكن بسبب شلل أصاب أجهزة ترصد المصالح الأمنية. كميات هي إذن توزع بمنطقة هوارة، وجعلت المنطقة تتبوأ مكانة مهمة في سوق الحشيش وإعادة تصديره إلى القارة الأوربية. بداية شهر يناير من السنة الجارية ضبطت مصالح الأمن بولاية طنجة ما يفوق ثلاثة أطنان من مخدر الشيرا على متن شاحنة محملة بالبطاطس بميناء طنجة، يعتقد أنها قادمة من أحد معامل التلفيف المتواجدة بمنطقة هوارة، كانت متوجهة إلى الديار الإسبانية، وفي شهر فبراير من السنة الجارية ضبطت سرية الدرك الملكي ببرشيد شاحنة محملة بحوالي طنين من القنب الهندي و500 كيلو غرام من التبغ قادمة من نواحي وزان في اتجاه منطقة أولاد الستاتي على الطريق السيار الرابط بين الدارالبيضاء ومراكش عبر برشيد؛ حيث تم إيقاف سائق الشاحنة الذي ينحدر من نواحي أولاد تايمة وتحرير مذكرة بحث على الصعيد الوطني في حق عنصرين اثنين لهما علاقة مباشرة بهذه القضية. علاوة على هذه الأحداث، شهدت منطقة هوارة العديد من عمليات شحن المخدرات حسب اعترافات سائقي الشاحنات الذين يتم ضبطهم في ميناء طنجة، لكن الغريب في الأمر هو أنه أثناء حملات التفتيش «المباغته للأمن الولائي باكادير» لبعض المعامل المشكوك في تعاملاتها لا يتم وجود أي أثار للمخدرات، هل أن الأمر متعلق هنا بشبكة رفيعة المستوى تتاجر في المخدرات ومحصنة...، أم أن الأمر متعلق بعناصر مدسوسة وسط المصالح الأمنية تعمل لصالح تجار المخدرات تنقل معلومات تحركات هذه الأخيرة. كلها أمثلة تبقى محيرة في انتظار تحرك الأجهزة المركزية لفتح تحقيق موسع في موضوع تنامي تجارة المخدرات بمنطقة هوارة وما علاقة استمرار بعض تجار المخدرات في تجارتهم رغم العشرات من مذكرات البحث ورغم سقوط العديد من ضحاياهم.