شكل خبر تفكيك خلية داعشية بمركز بلفاع خبرا دسما للمواقع الاخبارية ومثيرا لردود فعل متباينة ما بين الساخرة والمحذرة وأخرى مستهجنة ...وبقدر ما يعتبر هذا الخبر مضحكا فهو مبكي في نفس الان ..مضحك الى حد الثمالة ومبكي الى حد الموت للأسف :خبر خلية ارهابية تهيئ لهجوم بطنجرة الضغط !!!! هل نقف وقفة تأمل لمعرفة جذور وامتدادات مثل هذه الاحداث ؟؟ هل نستيقظ من السبات الفكري العميق لنميز النور من الظلام ؟؟ كيف لمنطقة بلفاع والنواحي المعروفة بسكانها المسالمين الطيبين الرائدة في العمل الجمعوي التنموي العريق على مستوى المغرب كله .كيف تسللت اليهم فئران داعش ؟؟اية بنية نتنة وأي مستنقع ذلك الدي يهيئ قنابل بشرية موقوتة ؟؟كيف استطاع اخطبوط داعش ان يمد دراعه في منطقة معروفة بنضالها النقابي وتأطيرها السياسي التقدمي ؟؟لا اجد تفسيرا لذلك سوى ان الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية تنازلت عن مهمة تأطيرالشباب سياسيا وتحصينهم فكريا واستبدلت ذلك بالصراع على الكراسي وتعبئة الخزان الانتخابي . للآسف رأينا كيف يتحول اليساري والمناضل الحقوقي من اداة للتأطير والتأتير الى بوق يسبح بحمد شيخ الزاوية الحزبية ..انها طريق معبدة امام الزحف الداعشي الدي لن توقفه المقاربة الآمنية رغم قوتها الاستباقية . وللاسف حتى المؤسسات المنتخبة محليا تكاد تختصر علاقتها بالمواطن في علاقة ادارية جافة محصورة في استخراج عقود الازدياد ورخص البناء وتصحيح الامضاء وغيرها , اما الاحتضان التربوي والتثقيف ونشر فكر المواطنة فهو متروك لأصحاب الدهاليز المظلمة واللقاءات السرية للتنظيمات الداعشية !!! لن يفيدنا في شيء ان نقول ان داعش صنيعة للمخابرات الامريكية اوالاسرائيلية ونكرر الخطاب القديم الجديد ان الامة يتآمر عليها الشرق والغرب لتخربيها من الداخل والخارج فهده سياسة العاجز الهارب ..المطلوب منا ومن كل الباحثين والدارسين اقتحام مصادر الفكر الداعشي والطالباني لهدمه من الاساس ..فهي نفس المصادر المعتمدة عند تنظيمات الاسلام السياسي التي اعتبرها اخوات الرضاعة لداعش. وهذه التنظيمات المنغلقة على نفسها تشبه فعلا طنجرة ضاغطة قابلة للانفجار في اية لحظة لانها لا تملك الجرأة لمناقشة تلك المصادر والاعتراف بنسبيتها وقصورها على استيعاب متغيرات الحضارة والزمن ..وهي بذلك تشكل اكبر احتياطي لدواعش المستقبل . الفكر الداعشي متأصل في كتب الثرات التي تحيط بها هالة القدسية والتبجيل وتحميها المؤسسات الدينية الرسمية والغير الرسمية وتشكل بذلك دوامة طاقية يصعب تفكيكها تغدي هذا الوحش الذي يهدد مستقبل الانسانية والحضارة البشرية,و لا نستغرب ان صدرت فتاوى بقتل من عبر عن رأي مخالف داخل مجتمع يدعي التسامح والتعايش فالترسانة الفقهية التي تتحدث عن سجود السهو واحكام الحج والزكاة هي نفسها التي تصدر فتاوي اهدار دم الراي المخالف . الفكر السقيم يعالج بالفكر السليم لذاك لابد من عمل برامج توعوية وانشطة تنويرية للحد من هذا الانحراف الفكري وإيقاف المد الداعشي بتجفيف منابعه ومنابته, وهذه استراتيجية مؤسساتية وليست فردية ينبغي للدولة دعمها من خلال مراكز متخصصة لدراسة الثرات وتنقيحه وغربلته ورفع العصمة عن المؤسسات الدينية والاعتراف بنسبيتها ...ايضا مهمة كبيرة على عاتق مؤسسات المجتمع المدني من مجالس منتخبة و احزاب وجمعيات ومراكز بحث لنشر الفكر التنويري الحداثي المنفتح والعمل بكل الوسائل القانونية لإحداث ثورة حقيقية في مناهج التعليم وتوجيهه ليكون منتجا للفكر المستنير والاشتغال على تنمية وعي الانسان وعقل الانسان وقلب الانسان . فالوعي الذي يقبل الرأي المخالف لن يكون إلا محبة يمشي بين الناس ,والعقل الذي يميز الصواب من الخطأ يصبح قوة منتجة نافعة للمجتمع ,والقلب الذي يحب كل الناس بدون شروط هو اكيد قلب انسان ..والإنسانية تتجاوز ضيق المذاهب والطوائف والأديان الى سعة الكون ورحابته . هذا راي خاص لا يلزم احد ولا اريد به التطبيل او التهويل , بل هو مساهمة في درب التنوير ,وهمسة في ادن كل لبيب حبيب لهذا الوطن .