أخي المستهلك ، مهما أسهبتُ في توصيف العلاقة المصيرية التي تجمعنا ، فلن يتأتّى لي بلوغ أدق تفاصيلها ، فما مزج بين العواطف ، زادُ سفر في دنيا التعارف ، غاية الله منه كل الخير ، وما كتب الله لنا برحمة منه إلا الخير كل الخير . أخي المستهلك ، تطوف بذهني مرغما الكثير من الهواجس ، وأنت أقرب إلى ملامستها من أغلب المدّعين . وإن كان من سماتنا الصبر وأنت من المُدرِكين ، عارٌ علينا وأد الألم والثغر قهرا باسم . أخي المستهلك ، جارَ الدهر علينا ولم ننبس بقدر أنملة ، بل قابَلْنا المسيءَ بعكس ما يضمر ، وإن حط الجهلاء من قدرنا ، يرفع الله بفضله من يشاء . وأنت تراني إليك اليوم مخاطبا ، فأنت الأقرب مني إلى نفسي أذبا ، أرمي بالشباك في خمّ بالدجاج مكتض ، يجود الوكر بالوفر ولو شح الحظ ، فلا تفزعنّ ما سواك نِعمَ الرفيق ، يسوقنا القدر ضراءً وسراءً على نفس الطريق . تجيءُ النوائب بالصعاب فأكون لها درعك الواقي ، نلقاها سويّا كالفارس في سُلّم الشهادة راق . أثقلُ الشدائد عليك بالشهامة تخِفّ ، ها قد حل عليك الدور تمهل رويدا لا تعترف ، فليس ما أحتاج مواساة باللسان ، إنما المراد ظلٌ يأوي من قيظ المحن . أخي المستهلك ، الحديث إليك يطول عذوبة كالعسل يزيد اللعابَ صبابة ، تتقاطع همومنا على طول الدرب ، فنرميها بسهام الوئام والحُب . نطويها مهلة في سجل الديون ، لنصرف عنك الغمامة وكرابة الشجون ، رغم ضيق ذات اليد وإنحناء المتون . أخي المستهلك ، تململ الكون برمته ، ينشد النهضات في صحوة ، وإنّا لنخشى أن يفوتنا القطار ، فنتناثر كفقعات رغوة . تعصف بها أجواء الإنذثار من عزلة الحواضر إلى هوامش النوادر . عزيزي المستهلك ، هلاّ صرخت معي بملء الفاه : - إرحموا عزيز قوم ذل ؟