يحتفظ الأمازيغ في بلاد المغرب، بأكلاتهم الشعبية وعاداتهم الأصيلة الضاربة في القدم خلال شهر رمضان ذي القسمات الروحية النابضة. ففي إفطار رمضان، يضع الأمازيغ على مائدتهم حساء "أسكنار" (الذرة)، وحساء "تبركوكسين" (مزيج من الشعير والدجاج)، ويتم إعدادها من غلال محلية، تطهى فوق نار الحطب أو الفحم، ويضاف إليها زيت الأركان أو زيت الزيتون، كما يحضر "تزارت إقورن" (التين المجفف)، مائدة الإفطار أيضًا، بشكل دائم. يقول رشيد زينيد، أحد سكان بلدة تيفريت شمال أغادير، لمراسل الأناضول إن أكلة "أكرن إيجان" (مزيج من الدقيق المجفف المصفى)، ما تزال الأكثر شعبية لدى الأمازيغ إلى اليوم، ويتم تقديمها في إناء دائري يسمى "تقسريت"، وتخلط باللبن، ويتم تناولها يوميا خلال وجبتي السحور والفطور". ويضف زينيد "سر التشبت بهذه الأكلة وتنامي الاقبال عليها، كونها تقاوم الجوع والعطش بشكل أكبر، خاصة أثناء فترات الحر، فهي أكلة لا تفارق موائد أهالي الأمازيغ في رمضان". ويتابع "تعدّ النسوة الرغيف الذي لا يفارق مائدتي الفطور والسحور، وفي أحايين أخرى يتم إعداد "أغروم نتادونت" أي الخبز المحشو خلال فطور رمضان فقط، أما التمر فلا يشترى في الغالب وإنما يعطى مجانا في هذا الشهر لمن لا يملكون نخيلا". وبعد الانتهاء من وجبة الإفطار وأداء صلاة العشاء والتراويح معا، هناك من العائلات من تفضل قضاء السهرة بالشواء والشاي، ثم بعدها تقوم النسوة بطهي وجبة السحور التي تكون في الغالب من خبز (رغيف) مدهون بالسمن (أو زيت الزيتون) والعسل والشاي، بحسب مراسل الأناضول. يقول محمد وخزان، الباحث في الثرات الأمازيغي للأناضول "في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، يقتني الأمازيغ بكثرة الدجاج، ويعدون، في المدن والحواضر، وجبات تتنوع ما بين "تقسريت" (الدجاج بالطاجين أو بالكسكس البلدي) كالتي تعد خلال حفلات أعراسهم، وغالبا ما تكون الوجبة مرفوقة ب"بوفكوس" (التين الأسود المجفف) والبيض البلدي والسمن البلدي وبعض الخضر. أما في البوادي والأرياف الأمازيغية، فيعمد أهالي كل قبيلة إلى اقتناء "أعلوش (ثور)، يذبح في فناء المسجد أو بجواره، ويقسم لحمه إلى حزمات تدعى "تيكوداي" (مجموعة متوسطة الحجم)، وكل أسرة تأخذ "أكودي" (مجموعة صغيرة من كيلوغرام ونصف تقريبا)، حتى تعد بها عشاء ليلة السابع والعشرين، وتقديمها لمن يحيون ليلة القدر المباركة في مسجد البلدة أو القرية". أما النسوة، فيجتمعن، خلال تلك الليلة، ويجمعنَ "المعروف" (الصدقة)، ويحيين ليلة القدر في بيت من بيوت سيدات البلدة وليس في المسجد، ويقمن بتلاوة أذكار أمازيغية حتى وقت السحور. وهذه عادات ما زالت قائمة في مناطق أمازيغية بقرى وأرياف "أربعاء الساحل" و "أيت براييم" و "أيت باها" جنوب بلاد المغرب، بحسب وخزان. وفيما يخص عادات أمازيغ المغرب في اللباس، يقول خالد العيوض، باحث في التراث الأمازيغي، لمراسل الأناضول، "يكون الغالب في هذا الشهر الفضيل من اللباس المستور، وتترك النساء الكحل والحناء، ويعتبرن أن صيام المرأة التي تكتحل أو تصبغ شعرها بالحناء في نهار رمضان غير مقبول". ويضيف "يتميز لباس الأمازيغ ببساطته وخلوه من تعقيدات العصرنة والمدنية الحديثة، وهو مع ذلك لباس يطوي في ثناياه تاريخ المغرب وتراثه العريق، فلباس الرجال في رمضان "الفُوقِيَة" (زرقاء أو بنية) واللون الأبيض يلبس فقط في ليلة ال 27 من رمضان". أما النعال، فتكون في الغالبية من "البلغة التقليدية"، وتتميز لديهم بوجود كعبين، ويقال لها "تِيوِرْزِينْ" حفاظا على الرِجل من التشقق نتيجة صعوبة الأرض، إلى جانب تغطية الرأس بالنسبة للشباب ب "الطَاقِيَة" و"الشْرْقَاوِيَة" (عمامة صفراء أو بيضاء ملفوفة على الرأس) بالنسبة للكبار. ويضيف العيوض "لباس النساء الأمازيغيات في رمضان، يكون في الغالب من إزار أسود أو أزرق طوله 4 أمتار يدعى "تملحافت" يغطى به سائر الجسم، كان في السابق بلون واحد، أما اليوم فبألوان مزركشة تضفي جمالية وعصرنة أكبر عليه". ويتابع الباحث في التراث الأمازيغي "تضع المتزوجات قطعة ثوب أسود في الغالب أو أحمر على الرأس، تسمى "تماساست"، تتدلى من تحته خصلتان من الشعر المربوط في آخره ب "بلح البحر"، أما العازبات، فيلبسن على رؤسهن قماشا أبيض محاطا بشريط مذهب ويحزم ب"أملول"، وفي مناطق أخرى يكتفين بجدل الشعر وترصيصه بأصداف بحرية تصل أحيانا إلى 70 صدفة". ويضيف أن "رمضان لدى الأمازيغ، مناسبة سنوية مهمة لحفظ القرآن وقراءته في المساجد، تنتعش خلاله تجارة البخور والشموع، فضلا عن أنواع كثيرة من الحناء والسواك التي تستعمل كزينة لدى النسوة في ليلة ال27 من رمضان". ولا توجد أرقام رسمية تحدد أعداد الناطقين بالأمازيغية كلغة أم في المغرب، غير أنهم يتوزعون على ثلاث مناطق جغرافية (منطقة الشمال والشرق، ومنطقة الأطلس المتوسط، ومناطق سوس في جبال الأطلس) ومدن كبرى في البلاد، فضلا عن تواجدهم في الواحات الصحراوية الصغيرة. و"الأمازيغ" هم مجموعة من الشعوب تسكن المنطقة الممتدة من واحة سيوة (غربي مصر) شرقا إلى المحيط الأطلسي غرباً، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى الصحراء الكبرى جنوبا.