تخبط وترقيع وانسداد أفق ذلك هو واقع حال الدخول المدرسي لموسم 2014/2015 بإلدائرة الجبلية بإقليم شتوكة أيت باها، التي يكافح ما تبقى من ساكنتها ليجدوا مقعدا لفلذات أكبادهم في الثانوية الوحيدة بالمنطقة وسريرا يأويهم في داخليتها اليتيمة. فلا حديث لساكنة هذه المناطق النائية هذه الأيام إلا عن الصعوبات التي يعاني منها أولياء الأموروالتلاميذ القادمين من 10 جماعات جبلية مجاورة لمركز أيت باها (نصف جماعات الإقليلم) للبحث عن سبل تمكنهم من مواصلة مسارهم الدراسي في ظروف عادية. وتلك معاناة حاول المتضررون والمسؤولون المحليون نقلها للمسؤولين عن قطاع التعليم بالإقليم والجهة وعلى المستوى المركزي بكل الوسائل المتاحة، دون تسجيل أية ردة فعل من طرف هؤلاء المسؤولين تكون في مستوى انتظارات الساكنة وحجم الكارثة التعليمية المخيمة في الأفق المتمثلة في المصير المجهول الذي ينتظر عشرات التلاميذ والتلميذات المهددين في مواصلة مسارهم الدراسي. هذا الواقع الذي رصدناه في المزاج العام للساكنة المحلية تعززه المعطيات الرقمية التي توصلنا بها حول واقع التعليم الثانوي بالمنطقة الجبلية لأيت باها، نوردها كما يلي: إقليم شتوكة أيت باها يضم 22 جماعة ترابية، وأزيد من 16 ثانوية تأهيلية، نصف الجماعات الترابية بالإقليم تقع في الدائرة الجبلية ويتمدرس أبناءها في الثانوية التأهيلية (الفرابي) الوحيدة بالدائرة الجبلية. وفي الوقت الذي تواصل فيه الوزارة الوصية إحداث مزيد من الثانويات التأهيلية بالمناطق المجاورة، يتساءل سكان المناطق الجبلية عن مآل مشروع الثانوية الجديدة المبرمجة منذ سنوات بأيت باها؟ الثانوية التأهيلية (الفرابي) الوحيدة بالدائرة الجبلية والتي أنشأت بدون جناح داخلي، تضاعف عدد المتمدرسين بها حوالي سبعة مرات في ظرف 10 سنوات لينتقل من 120 متمدرسا سنة 2005 إلى أزيد من 800 متمدرسا سنة 2014، بينما ظلت بنية الاستقبال على حالها دون أدنى توسيع. الداخلية الوحيدة المجاورة لهذه الثانوية والمخصصة أصلا لإيواء تلاميذ وتلميذات المستوى الإعدادي تجاوزت طاقتها الاستيعابية القصوى (376 سرير)، ليبلغ عدد القاطنات والقاطنين بها خلال الموسم الدراسي الفارط 427 تلميذ وتلميذة. هذا العدد مرشح فعليا للإرتفاع في بداية الموسم الدراسي الحالي بفعل تزايد أعداد الوافدات والوافدين من الإعداديات الراوافد للثانوية الوحيدة بالمنطقة (عجز في القدرة الإيوائية من المتوقع أن يناهز 120 تلميذ وتلميذة قادمين من مناطق نائية سوف لا يحصلون على حق الإيواء بهذه الداخلية). حرمان تلاميذ وتلميذات المستوى الابتدائي الملتحقين بالمستوى الإعدادي من الجماعات المجاورة (خصوصا جماعتي أيت مزال وأيت وادريم) من حقهم في المنحة الدراسية التي تخول لهم الإطعام والإيواء بداخلية الإعدادية الفرابي، بحكم أن هذه الداخلية مخصصة أصلا لإيواء تلاميذ المستوى الإعدادي، وتم لاحقا وتدريجيا تخصيصها لاستيعاب تلاميذ وتلميذات المستوى الثانوي. هذا المشكل يخص تحديدا تلاميذ المستوى الإبتدائي الملتحقين بالمستوى الاعدادي من مجموعات مدارس ابن تيمية، أيت مزال، ابراهيم الروداني، البوشواريين، توريرت إيبولكا، إلكميس، إفساسن وتفريت. تسيب وتخبط في تسيير الجناح الداخلي، فالجناح الداخلي الذي يضم أزيد من 400 نزيل ونزيلة، يسيره حارس عام واحد بدون أي مساعد، وهو مطالب بتتبع جميع شؤون القاطنات والقاطنين من تتبع إداري وتأطير ومراقبة في المراقد والمطعم وقاعات المطالعة ومهام أخرى، مهام تبقى بالطبع مستحيلة على أي مسؤول تربوي مهما كانت قدرة تحمله، زد على ذلك الفراغ التام الذي عرفه هذا المنصب في معظم سنة 2013، غياب للمراقبة أفرز سلوكات انحرافية وأعمال تخريبة طالت مرافق وتجهيزات الجناح الداخلي. قد يقول قائل إن العبء أثقل من أن يتحمله قطاع التربية الوطنية لوحده، قول صائب لكنه لايعفي المسؤولين الإداريين الإقليميين والجهويين والوطنيين لقطاع التعليم من تحمل مسؤوليتهم الكاملة فيما آلت وستؤول إليه وضعية هذا المكون الأساسي من المنظومة التربوية والتعليمية بالمنطقة، خصوصا إذا ماعلمنا الإنخراط الفعال للفاعلين الآخرين (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكالة تنمية مناطق الواحات والأركان، الجماعات الترابية، التعاون الوطني) في توفير بنيات الإستقبال من داخليات ودور الطالب والطالبة وأشغال التوسعة. بالمقابل نجد أن الأكاديمية الجهوية لسوس ماسة درعة لم تستثمر خلال العشر سنوات الأخيرة درهما واحدا في توسيع بنية التعليم الثانوي بالدائرة الجبلية أيت باها. ذلك غيض من فيض من واقع متأزم لقطاع التعليم الثانوي بالدائرة الجبلية لأيت باها، واقع نبه إليه ممثلو الساكنة والفاعلون الجمعويون بالمنطقة ورفعوا بشأنه طلبات وملتمسات للمصالح المعنية على مدى السنوات الأخيرة. الأكيد أن سياسة الترقيع والتأجيل قد وصلت مداها واستنفذت مفعولها، وأصبح لزاما على قطاع التربية الوطنية المبادرة اليوم قبل الغد إلى إيجاد حل عاجل لإيواء تلاميذ المستوى الإعدادي والثانوي الواقفين على أبواب مؤسستها الإعدادية والثانوية بأيت باها لممارسة حقهم الدستوري في التعليم. وأصبح لزاما على القطاع المعني توسيع البنية التعليمية والإيوائية بالمستوى الثانوي بالدائرة الجبلية لأيت باها، وفتح تخصصات جديدة بهذا المستوى. فلا حل أمام ساكنة منطقة نائية مثل الدائرة الجبلية لأيت باها تنخرها آفة الجفاف والهجرة إلا أن تراهن على تنمية ما تبقى من رأسمالها البشري لتحفظ وجودها وتضمن استمرارها، وتنمية رأس المال البشري يكون اولا باكتساب المعرفة وقيم المواطنة، واكتساب المعرفة وقيم المواطنة يتم من خلال بنيات ونظم تعليمية متكاملة، وتلك في نظرنا غاية وجود قطاع حكومي إسمه وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني.