"على السائقين أن يفسحوا المجال الآن للمترجلين".. ليست هذه التعليمات صادرة عن شرطي بل عن "روبوت طريق" في كينشاسا تحلم مصممته بتصديره إلى الخارج. ويقوم الرجل الآلي الذي يبلغ طوله 2.50 متر بثني ذراع ورفع أخرى مع تغيير اللون من أخضر إلى أحمر، في حركات باتت من المشاهد المألوفة يومياً في حي ليميتي الشعبي، في عاصمة جمهورية الكونغو الديموقراطية حيث ينظم الروبوت حركة السيارات في جادة لومومبا المكتظة. وشرحت رئيسة شركة "ويمن تكنولوجي"، تيريز إنزا، التي تصمم هذه الروبوتات: "هذا هو الجيل الأول من الروبوتات، والهدف منها هو ضمان سلامة المشاة بغية تفادي الحوادث المتكررة في مدينة معروفة بحركة السير الهوجاء فيها". ووضع روبوت ليميتي قيد الخدمة في اواخر 2013، ونظيره المتطور أكثر يقوم بتنظيم حركة المرور عند التقاطع أمام البرلمان، حيث يتولى توجيه حركة السير في هذه المدينة التي لا تزال فيها إشارات السير قليلة، وهو يميل يميناً ويساراً وينتقل من الضوء الأخضر إلى الضوء الأحمر، ويحرك ذراعيه كأي شرطي لقطع طريق أمام السيارات وفتح أخرى. وأكدت إنزا أن "الروبوت الذي يؤمن سلامة الطرقات ويوجه حركة السير هو مبادرة من صنع الكونغو، ولابد من تصدير هذه المعارف إلى بلدان أخرى مثل تلك الواقعة في افريقيا الوسطى، وربما الولاياتالمتحدة أو أوروبا أو حتى آسيا". وأسست شركة "ويمن تكنولوجي" بداية لتوفير فرص عمل للنساء الحائزات إجازة في الهندسة في الكونغو، لكن رئيسة الشركة تحلم بتوفير فرص عمل لأبناء البلد جميعهم بفضل الروبوتات ودعم شركائها الماليين. ومن المفترض أن يعرض هذا الروبوت الذي صممه فريق صغير من أربعة رجال وثلاث نساء في معارض دولية في كندا وسويسرا في أبريل/نيسان. وتناهز كلفة تصنيع كل روبوت 15 ألف دولار، على حد قول رئيسة هذه الشركة التي لا تزال معداتها بدائية وهي تمول حالياً من شركة المطاعم والنشاطات الترفيهية "بلانيت غي"، التي تملكها أيضا تيريز إنزا التي تظن أن الروبوتات ستكون مدرة للأرباح على المدى الطويل. وصرحت رئيسة الشركة: "في كينشاسا وحدها، رصدنا 600 تقاطع خطير أو مكان معقد"، حيث يمكن إرساء روبوت، كاشفة وأن ردة فعل سلطات العاصمة على هذه المبادرة كانت إيجابية. وتعد استقلالية هذا النوع من الروبوتات الذي يعمل بالطاقة الشمسية ميزة كبيرة في مدينة لا تزال مناطق كثيرة فيها تفتقر إلى التيار الكهربائي. وروبوت توجيه حركة السير الذكي مصنوع من الألومينيوم لمواجهة المناخ الاستوائي برطوبته المرتفعة وأمطاره الغزيرة وحره الشديد. وهو يشبه الإنسان بشكله ويتمتع بنظام رصد يسمح له بتحديد عدد المارة وهو مزود بكاميرات تصور حركة السير باستمرار. وترسل الصور التي يلتقطها الروبوت إلى مركز لتخزين المعطيات، ومن شأنها أن تسمح للشرطة على المدى الطويل بملاحقة مرتكبي الانتهاكات. فكينشاسا التي تضم أكثر من 10 ملايين نسمة معروفة بزحمات السير الخانقة وحركة السير الهوجاء فيها، فضلاً عن انتهكات متكررة لقوانين السير وفساد مستشر في أوساط رجال الشرطة المكلفين بتوجيه السائقين. ومن شأن هذه الروبوتات تغيير الوضع بالكامل.