خلافا لما أوردته بعض المنابر الإلكترونية في اختلاق فاضح للأحداث، سجلت الندوة الجهوية الثامنة عشر للحوار الوطني حول المجتمع المدني بجهة العيون، حضور أزيد من 670 جمعية من جمعيات المجتمع المدني بمختلف أقاليم الجهة في افتتاح أشغالها يوم السبت 28 دجنبر 2013، كما سجلت مشاركة نوعية ومكثفة للفاعلين الجمعويين في الورشات الأربع التي أعقبت الجلسة العامة، واستمرت نقاشاتها إلى حوالي التاسعة ليلا، طرح خلالها ممثلو الجمعيات مختلف همومهم وانشغالاتهم الجمعوية بالمنطقة، ووجهوا من خلالها أيضا مختلف الرسائل السياسية إلى من يهمه الأمر، مفادها ضرورة التعجيل بمراعاة خصوصية المنطقة واعتماد مقاربات جديدة في التعامل مع مشاكلها غير المقاربة الأمنية. الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني السيد الحبيب شوباني، والذي دأب على المشاركة في افتتاح أشغال الندوات الجهوية دون الحضور في ورشات النقاش الجمعوي، ألقى بالمناسبة كلمة، انصبت على إبراز خصوصية هذا الحوار الوطني، بوصفه يتجاوز منطق الشكايات إلى تقديم إجابات حقيقية على صلب الانشغالات الأساسية للمواطنين في الأقاليم الجنوبية والمرتبطة أساسا بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية... السيد الوزير، والذي لم يحل بينه وبين إتمام كلمته خلافا لاختلاقات بعض الجهات احتجاجات بضعة معطلين أبوا إلا أن يرفعوا شعارات مناهضة للحكومة، وتكشف عن عمق مشكل الثقة القائم بين المجتمع ومؤسساته حرص على إبراز أن أطروحة المنهج الإصلاحي الذي تعتمده الحكومة اليوم، ترمي إلى إشراك الفاعل الجمعوي في صناعة القانون، تفاديا للعديد من صور المواجهات المجتمعية مع مؤسسات الدولة، والتي طبعت تاريخ المغرب الحديث. وفي هذا السياق، شدد السيد الوزير على كون الوثيقة الدستورية لسنة 2011 جاءت بفلسفة جديدة في إعادة بناء العلاقة بين هذه الأطراف. واسترسل السيد الوزير في بسط مختلف الصور المجتمعية التي تعرف تضييقا في هامش الحريات أو في مجال الاستقلالية، أو التي تكرس الاستبداد وترسخ الفساد والريع، كما تغيب مبدأ المحاسبة على المسؤولية، داعيا جمعيات جهة العيون لتقديم تصوراتها لإعطاء إجابات عملية من خلال مقترحاتها. ومن جانب آخر، اثار السيد الوزير موضوع إحصائيات الدعم الذي تتوصل به الجمعيات من قبل وزارة الداخلية، والتي قال إنها بلغت 66 مليار سنتيم، في مقابل أموال أخرى تضخها باقي القطاعات الحكومية في صناديق النسيج الجمعوي عبر التراب الوطني، مؤكدا أن سؤال الحكم الرشيد والشفافية والنزاهة يطرح نفسه اليوم لاستثمار العائد من كل هذه الأموال، ولخلق مناصب شغل كفيلة بحل مشكل العطالة. كما أكد الحبيب شوباني ضرورة حرص الجمعيات على استقلالها عن مؤسسات الدولة، وعن أية هيأة سياسية أو نقابية، وقال:"لا بد للمجتمع أن يسترد جمعياته، فإذا انقطعت هذه العروة بين المجتمع والجمعيات، فمن الصعب الحديث عن الاستقلالية"، وختم السيد الحبيب شوباني مداخلته بالدعوة إلى إيجاد بدائل لتصحيح معايير تخويل صفة المنفعة العامة لجمعيات المجتمع المدني، والتي قال إنها صفة تتمتع بها فقط مائتان وست جمعيات على صعيد التراب الوطني. هذا وقد عرفت هذه المحطة الأخيرة من محطات الحوار، محاولة بضعة من المعطلين منع السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الحبيب شوباني من إلقاء كلمته الافتتاحية، غير أن الحضور المكثف لممثلي المجتمع المدني داخل قاعة قصر المؤتمرات، فرض على هؤلاء الشبان الغاضبين التراجع عن موقفهم. واعتبر السيد الوزير تعليقا على ذلك، ما حدث أمرا عاديا ومبررا في كل المجتمعات التي تعرف تحولات، وعبر عن تفهمه لغضب الشباب وشعورهم بالإحباط في ظل المعاناة الاجتماعية التي تضرب المنطقة. اللقاء عرف أيضا المشاركة الفعلية لرئيس اللجنة الوطنية السيد مولاي إسماعيل العلوي، ويرتقب أن ستأنف غدا أوراش الحوار الوطني، قبل عرض التقرير العام للندوة والذي سيضم مختلف توصيات ومقترحات الفاعلين الجمعويين.