يا قَمَرَ التوباتِ حاذي الآن خُيولك وهي تَعْبر بِك شمْس مزارع الدنيا ، لتلحقَك مُسْرجةً في بيادر ا لآخرة ،وتأتيك خيل أخرى في الخيال كنت تركبُها.. كَمْ احتال زورقُ الشَّهْوة كي يَدْخُل بَحْر الذُّنوب..كَمْ.. وفي كُلِّ موجة يَتَجَدد! هيهاتَ .. لم تكن ذُؤْبانُ القلب تَتردد!.. ظل الشيطان يغني لغَنم الشهوات في دمي بمزمار الذنوب ، يُدْلي كعادته على عَطشها حِبال أمانيه في البئر الخاوي الأبْرَدْ.. ِإنِّي عَرَفْتُه.. مثل حُلم مُزْعج يُدْخِل رأسَه في غَفْلَة القَلْب، ثم يَعْلِف حُبوبَ الحسنات من مخلاة الاقتراف.. القلمُ مهماز الاعْتراف وهذه ندوب الانجراف في مهاوي الانكشاف حيث تُفَجِّرُ الذُّنوب عينا من النَّدم- من ثِقلها – جرى الهَمُّ حارقا ثُم تَجَمَّد.. كيف أُجريه الآن بين شِعاب القلب وقد شاخ البدن..والعمر تَبَدَّد.. لاهبةٌ هي أرضُ الذنوب ، كلما وطئتُُها التهبت الخُطى ، فصارت بالعثرات تَتَمَدَّد، وعامت في دمي الشهوات حوتةً من مرجان ...لازالت أجفاني تشهد.. وكُلُّها الجوارحُ- ياحسرتي- تَشْهَد.. أَنِّي طرقتُ باب الوَهْم -مِرارا – ولم أَتَرَدَّد ... كم عصَّبَتْ يدُ الشيطان عينَ القلب في سراب الشهوات الأبعد..... أعمته في كل أمد، ثم تركته دون عكاز !.. أخيرا عبرت الروح الهيمى بحر الاغترار ، ثم رست مُتعبة سفينة البدن.. لها من الجُنْد ما جَنَّ ويدايَ واللسان ُ بالزَّلة قَدْ تَعَبَّد .. *** عندما تفقدتُ شِباك أعمالي في شُبهات الموج.. و في متاهات الروح توجعتْ رياح الذَّنْب كثيرا، قرأتْ هائجة ً ألواحَ الروح السوداء المكتوبة بسُماقِ الطيش.. ثم عادت مثل خيل مهزومة تعبر صحراء الندم... قال بحر الشكوك فيَّ : إنني أَعْترف... وقالت براري اليقين: لا أُخالِف ولا أخْتَلف... بين طحالِب العين طحا القلب الذي لا يأتلف ثم تراءت دنيا الحُسن تنسَلُّ إلى نهايتها ملعونة مُهَرْوِلة... هي الروح تقرأ تفاصيل عبوري في عباب الأزل..حيث تعبر أنت الآن... لقد انكتبتْ بمداد الأسْرار، و ستظل في بهجة معاني السحاب الأبيض المحبوك بخشوع الأولياء حتى تلبس كل معاطف المعنى اللَّدُني ... ثم تَترك الجسدَ المتعبَ المُفرد للتراب . قال البياض : اِصْعد إلى ماشاء الله واسْعَد.. اِصْعَد ..هذا بحري صافيا مُبْهِجا، والروح لا تنفك تمتد .. لهذا الملكوت البهي اختارك سيدي... في هذا المسك اللَّدُني النَّدي كتبتَ الشهادة يومابِلِسانِك ويَدي.. وظللتَ تكتُبها في روحك َ ودينُك مُحَمَّدي.. *** التوبةُ الآن شَريطٌ من نور ... والصَّدْر مَرعى للدُّعاء، ينتعل الشِّفاه إلى صفاء الصَّمد كُل خَيْلي القديمة تَلْعَنُ الطَّريق.... إنها بدايات لصهيل يعبر حثيثا واد الطُّهر.. وفي الضفة الأخرى تَنْطَلقُ بِفُرْسان من نور.. *** يا الله ، بلِّغْني بَرْدا في حُبِّك، و حُبِّ مُحِبيك ،السالكين بحور الصفاء.. بَلِّغْني عينَ ماءٍ باردة ترقد أسفل الأرض، وتحضنني كأمي ،لتُُبرِدَ حمأة النهار المُصَهد بلِّغني جناتٍ تحتها الأنهار،ثم ملكوتَ التَّسبيح،إلى منهتى الفردوس ، إلى جنة المأوى، ثم إليك.. يا الله ، سقتني الدانية كل أكواب الخسران، وعَرَّتني الكذاَّبة من فِطرتي ثم كستني خَزَّ الكُفْران، قلقةً ظلت تنأى أخطبوطا في بَحْر خامِد فَرِحَةً لازالت تُقْبِل أخطبوطافي كل لون جامِد كم تَقَوَّى شبح الكَيِّ في بسمتي أنا الطفل! ثم نشرني- رَجُلاً -هذا الندم المُرُّ كَفَنًا من كتابَة ٍ وغَضَب وأخيرا كَسَّرني على صوت ناي لعين.. كيف غنيتُ مع الشيطان المارق في كل مساحة العمر الأبرد ؟! وكنتُ صابونا لأيدي غرائزي مجدافا لمركبٍ مكسور..يمخرُ الخسارات السُّفلى ولا يَصْعَدْ .. *** لا أبرح شاطئ التوبة ربي، وبي رعشة التَّائبين... ليس القبر رِكابا، ولا الكَفَن نَصْلا فلا تدَع شَبح الكَي يقرب الجسد..وَسِّعْ له برحمتك هناك حَدَّ الأمد واجعل في الصَّفح بابا لقلب لم يَحْسُد... لكنه أعمى، قَسَمًا كان أعمى ! ها خُفُّه في عراء الأيام مطروح مثل لُعاب حُنَين ، و الرأس دَلْوٌ مقعور لم تَخِطْه الحِكْمة ولا إِبَرُ الواعظين.. ظل حذاءً للشهوات العابرة نهر شيطان عانَد ني و في مسالك الرؤية انتشى- و هو العَدَو- ثم عَرْبَد.. إني أبسط دعائي على الجسد الآن أمام السؤال... ثبتني ربي على الشهادة ونور وَعْدها، لم تكن دنياي َ إلا سفينة للإبحار في يم الذنوب ....قد أبحرتُ فعرفتها وإن تنكرتْ في ثوب الرِّبح ...ففي الخُسْران عَرفتها .. وإن كانت بعدي ستصدق القول ففي الكَذِب طويلا عَرفتُها وستظل مع الآخِرين كما كانت مع الأولين..فليتني خالفتُها غير أني مقيم على بابك ربي...لا أبرح هُناك و هُنا ظلَّك.. السماء تنفتح بنور آه ٍما أبهاه ، إني أراه ! يلج خُلجان القَلب الباردة ، ثم يكبر وقد قَرَّتْ في حِياض النَّبي لأصعدَ أريجا من المسك إلى مسالك الملكوت بَهِيًّا وارتفعتْ- كما رأيتُها- حمامة شَهادتي في الجِنان وعادت إلي مُبَشِّرَة...