أدى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران يوم الخميس فاتورة كبيرة في شباك الأحرار والتيكنوقراط الذين يمثلون الدولة العميقة، مقابل تشكيل الحكومة الثانية، و احتفاظه بالكرسي الذي يجلس عليه هذا يعني ان المقاعد والشرعية الانتخابية التي حصل عليها في 25نونبر 2011 لم تعد كافية لاستمراره على راس الحكومة ،وان المطلوب منه في الرحلة القادمة ان ينسى شيء اسمه الربيع العربي ،والانتقال الديمقراطي، والنموذج المغربي في التحول الهادئ في مناخ مضطرب اليوم هناك معادلة جديدة . اليوم يلعب ( حزب التكنوقراط) الدور الأهم في الحكومة، فهذا الحزب الذي لم يتقدم الى أية انتخابات والذي لا يعطي الحساب لاحد ولا يتلقى توجيها من الحكومة ورئاستها، يبسط نفوذه على قطاعات استراتيجية هامة وهي: وزارة .الداخلية التي تتحكم في أكثر من 40 مليار درهم بين الميزانية الرسمية وصناديق سوداء. علاوة على سلطاتها الواسعة في الأمن والجماعات المحلية وتنظيم الانتخابات وتمثيل الدولة في العملات والأقاليم ....التعليم خرج من يد السياسيين وذهب الى التكنوقراط التعليم الذي يستحوذعلى أكبر ميزانية في البلاد ، ويشتغل به ازيد من 300 ألف موظّف ويستفيد من خدماته قرابة 7 ملايين تلميذ وتلميذة. الوزارة التي خرج منها الاستقلالي محمد الوفا وعوّضه فيها رشيد بلمختار؛ تستحوذ أكثر من 50 مليار درهم، وهي في قلب أي مشروع مجتمعي لو كان لحكومة بنكيران مشروع مثل هذا. ، ادارة الدفاع بقيت في يد التيكنوقراطي عبد اللطيف لوديي مع ان الادارة يمكن لها ان تكون في يد الحكومة، وتبقى شوون الدفاع في يد الملك القائد الاعلى للقوات المسلحة ، ميزانية هذا القطاع الاستراتيجي هي 31.3 مليار درهم، أي حوالي 12 في المائة من مجموع ميزانية الدولة. الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تملك أكثر من80 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية والسكنية و 52 ألف عقار وفوق هذا تؤطر دينيا وايديولوجيا الملايين ( يوم الجمعة فقط يصلي في مساجد المملكة أكثر من 12 المليون مغربي حسب إحصائيات الوزارة) . وزارة الفلاحة بدورها ظلت في يد تيكنوقراطي ومخططها الأخضر الذي سيكلف المليارات من الدراهم، خارج الميزانية السنوية التي تبلغ 10 مليارات درهم وموقعها في بلاد اقتصاده فلاحي كل هذا سيتحرك على يسار الحكومة . ، الأمانة العامة للحكومة او ما يعرف ب المخزن القانوني بقيت في يد التيكنوقراط..... هذا دون الحديث عن عشرات المؤسسات العمومية لاستراتيجية التي بقيت خارج السياسات العمومية للحكومة أي خارج صندوق الاقتراع . ، طبعا جزء من الوزارات السياسية هي في العمق تيكنوقراطية فالناس يعرفون مثلا ان بوسعيد والي الدارالبيضاء الذي منحت له وزارة المالية لا يجمعه مع الأحرار الا الوزارات وبمجرد ان يخرج من الوزارة حتى تنقطع علاقته بالحمائم الذين يحلقون في كل مكان. نفس الشيء يمكن قوله عن المليردير مولاي حفيظ العلمي فلا احد سيسأله هل يعرف ان يوجد مقر الحزب في الرباط .... اطرف ما قرات امس على الفايسبوك تعليق لاحد الناشطين الافتراضيين يقول : لماذا لم يقترح بنكيران وزيرا منتدبا لديه مكلفا رئاسة الحكومة ....بدون تعليق على هذه السخرية التي تقول بكلمات قليلة أشياء كثيرة وعميقة ... الوضع صعب بلا شك ،وبنكيران يدبر الأزمة وليس الرخاء، ويتحرك في علبة أصغر من علبة الكبريت، فهو يرى ان الربيع تحول الى خريف في جوارنا، وان الثقة التي كان يسعى لكسبها لم يحقق منها شيء، وان الساعة التي قيل انها رجعت الى الصفر بينه وبين المحيطين بالسلطة مازالت تشتغل وفي بطنها التوقيت القديم أي ما قبل دستور2011، لكن المغاربة لن يغفروا لا بنكيران أخذهم رهينة من اجل تأمين موقع الحزب وقيادته في المشور السعيد .